#الثائر
كتب رئيس التحرير اكرم كمال سريوي -
أعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط منذ أيام أنه لا يمانع بإعطاء وزير درزي ثانٍ للأمير طلال أرسلان، وأن الأمور لا تُقاس بوزير بالناقص أو بالزائد، فالبلد على شفير الانهيار الكامل، والمسؤولية تقتضي التوصل إلى تسوية بين عون والحريري. فشكّل هذا الموقف فرصة لحل العقد الداخلية، على خط تشكيل الحكومة .
بعد اجتماع جنبلاط ارسلان بوساطة الرئيس نبيه بري تم الاتفاق رسمياً، وأُبلغ الموقف إلى كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري. وهذا الحل يُرضي طبعاً رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، كون إعطاء وزير (يوافق عليه جنبلاط) لكتلة «ضمانة الجبل» الموجودة ضمن تكتل «لبنان القوي» يعني أنه يزيد من حصة رئيس الجمهورية في الحكومة التي ستصبح من عشرين وزيراً . أما في عقدة توزيع الحقائب، فيتم التداول بإسناد حقيبة الداخلية إلى اللواء عباس ابراهيم، الذي يثق به الجميع خاصة الرئيسان عون والحريري، على أن تبقى المالية من حصة الشيعة، وإعطاء الصحة للرئيس الحريري. لكن الحريري يرغب باستبدال الداخلية بالمالية.
قال جنبلاط للحريري « لا تستطيع أن تحكم دون ثقة ميثاقية » . أي يجب أن تنال حكومة الحريري ثقة التيار الوطني الحر، لأن موقف القوات اللبنانية المعلن هو المقاطعة، وكتلة نواب الكتائب استقالت من المجلس، أما ثقة المردة فهي لن تكون كافية كغطاء مسيحي للحكومة.
تلاقت المواقف الداخلية مع الضغوط الخارجية لإنجاز الحكومة . فما أعلنه وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان عن خطر انزلاق الوضع إلى الفوضى وحتى اختفاء لبنان، إضافة إلى المساعي التي تجريها موسكو مع أصدقائها اللبنانيين والعرب، والدعم الواضح لتشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري ، تكون مقبولة دولياً، وقادرة على تجنيب البلاد الوقوع في الانهيار الشامل والإفلاس، فإن كل ذلك بات يصب في اتجاه واحد لمصلحة تسريع تشكيل الحكومة.
فالخطر في لبنان قد يقود إلى تدهور الوضع الأمني، وهذا سيؤثر سلباً على مساعي السلام والتسوية التي تسعى روسيا إلى تحقيقها في سوريا، وعلى الحدود الإسرائيلية الشمالية. وكذلك على مساعي التسوية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في الملف النووي ورفع العقوبات، فإيران تعلم جيداً أنها بحاجة إلى الدعم الروسي والصيني، أقله في مجلس الأمن الدولي ، لمنع صدور أي قرار يُشكّل خطراً عليها .
الجميع يعرف أن لا أسباب موضوعية اقتصادية لصعود سعر صرف الدولار في السوق السوداء خلال أيام من ٩ آلاف ليرة إلى ١٥ الف ليرة، وهذا طبعاً فجّر غضباً شعبياً، حتى ولو اقتصرت الاحتجاجات على عدد قليل من المتظاهرين، لكن البيئة الشعبية لكافة القوى باتت مستعدة للنزول إلى الشارع، والمطلب الوحيد الآن هو وقف الانهيار عبر تشكيل حكومة .
كان يمكن انجاز التسوية منذ مدة، لكن الظروف الدولية لم تكن مهيئة بعد، أما الآن فيبدو أن القرار اتُّخذ ، ويتم تنفيذ هذا الإخراج السيء للحل والتسوية، وتقديم ما يسمونه تنازلات ، لتشكيل حكومة لن تأتي بالمعجزات، لكنها ستكون مسؤولة بالحد الأدنى عن ضبط الوضع ، وإعادة تثبيت سعر صرف الدولار في حدود معقولة ، وعدم السماح بانفلات أمني اقتصادي، قد يؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه .