#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
دخلنا النفقَ المُظلمَ للفوضى العارمةِ أو الــــ chaos التي كانَ يردِّدها المراقبونَ الديبلوماسيون الأجانب في توصيفِ بلدٍ غَرقَ في الفوضى من جرَّاءِ اهلِ السلطةِ والتسلُّطِ.
لبنان اصبحَ واحداً من هذهِ البلدان ولا مبالغةَ في قولِ ذلك ، وهذا ينطبقُ على كلِّ شيءٍ من الأمورِ الكبيرةِ إلى أبسطِ الامورِ البديهيةِ لمقوِّماتِ العيشِ :
ولنبدأ بمؤشراتِ أنفاقِ الظُلمِ والظُلمَةِ :
" الناس اللي ما بقا معا قرش حتى تاكل ، شو بتعمل"؟
الذينَ لن يعودَ باستطاعتهم دفعُ فواتيرِ الكهرباءِ والمياهِ والهاتفِ والتأمينِ ، ماذا يفعلون ؟
وماذا تفعلُ الدولةُ حيالهم؟هل تقطعُ عنهم الكهرباءَ والمياهَ والهاتفَ ؟
يعني أن ما تبقى من اهتراءٍ للدولةِ شيئاً فشيئاً سيوصلها إلى هذا اليوم ، والمواطنونَ ايضاً سيصلونَ إلى هذا اليوم .
***
الناسُ سيصلونَ إلى يومٍ لن يستطيعوا فيهِ دفعَ الأقساطِ للمدارسِ والجامعات لأبنائهم ، فماذا سيفعلون؟
هل يُخرجونهم من المدارسِ والجامعاتِ؟ هل يَرمونهم في الشارعِ ؟
بينما أبناءُ وأحفادُ أهلِ السلطةِ يتنعمونَ بمالِ الفسادِ في الخارجِ، ولا على بالهم بالٌ.
حتى المدارسُ الرسميةُ لن تكونَ قادرةً على الاستيعابِ،فماذا سيحصلُ في هذهِ الحال ؟
***
معظمُ السياراتِ ستتوقفُ قريباً ، هناك شركاتٌ لم تعد تستوردُ قطعَ غيارٍ ، فإذا تعطَّلت سيارةٌ فإن مصيرَها في الموقفِ ، فكيفَ سيتنقلُ الناسُ ؟ ومَن قالَ أن النقلَ العام يفي بالمطلوب ؟
***
حتى الأدواتُ المنزليةُ سيعودُ بها المجتمعُ اللبنانيُّ إلى ما قبلَ التكنولوجيا بمعنى ان لا قطعَ غيارٍ لها وما يتعطَّلُ منها سيكونُ للديكورِ أو الزينةِ .
وشرُّ البلِيَّةِ ما يُضحِكُ :
إذا كانَ شخصٌ معينٌ يأخذُ دواءً بشكلٍ متواصلٍ ، فإنه يحتفظُ بكميةِ منهُ لأطولِ مدةٍ " إلى أن يُفرجها الله " ،
ولكن ماذا عن قطعِ الغيارِ والدواليبِ وغيرها ؟ هل يشتري قطعَ غيارِ للسيارةِ وللتلفزيون والكومبيوتر والهاتف والبراد والغسالة والمكيِّف ، وأيَّ قطعِ غيارٍ يشتري ؟ وإذا تعطلَ لديهِ شيءٌ وليس لديهِ ايُّ قطعةِ غيارٍ منه، فماذا يفعلُ ؟
هل تعرفون قُرائي الاعزاءَ ماذا يعني هذا ؟
إنهُ وصفٌ لنفقِ الفوضى المُظلمِ والظَالمِ،إنهُ حالةٌ غيرُ مسبوقةٍ في العالمِ .
لو كانَ بلدٌ فقيرٌ معدمٌ وضربتهُ الفوضى ، لَما شعرَ الانسانُ فيهِ بشيءٍ ، فمن الفقرِ إلى الفوضى ، الثمنُ ليسَ كبيراً ...
لكن حينَ يكونُ البلدُ في بحبوحةٍ، والشعبُ في بحبوحةٍ، ونصلُ إلى ما نصلُ إليهِ من فقرٍ وفوضى ، فهذهِ هي المعاناةُ بعينها .
***
اين كنا ؟ وأين أوصلونا بهدرهم وفسادهم ؟
لم يكن الشعبُ يقبلُ بأقلَّ من أشهرِ الماركاتِ العالميةِ لكلِّ الأصنافِ :
من أصغرِ سلعةٍ حتى أفخمِ سيارةٍ . أين نحنُ اليومَ ؟ تجولوا في أيِّ سوقٍ تجاريةٍ وأنزلوا إلى أيِّ سوبرماركت ، تعرفوا ما المقصودُ .
عُدنا مئةَ سنةٍ الى الوراءِ، ايامَ اجدادنا وأهلنا لكن قديماً،
كانت مليئةً بالبركةِ والمحبةِ والتسامحِ والتواضعِ،
أما على ايامنا هذهِ،
فيغلبُ الشرُّ بِقَرفهِ وقِلَّةِ حيائهِ وفجورهِ وعجزهِ.