#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
ما سمعناهُ أمس من قائدِ الجيش العماد جوزف عون، ومن داخلِ المؤسسةِ العسكريةِ التي يحبُّها الجميع ويثقونَ بها:
"هل تريدونَ جيشاً أم لا"؟
ولكن، تُرى، إلى مَن يُوجَّهُ القائد جوزف عون هذا السؤالَ المحقَّ والمنطلقَ من قلبِ معاناةِ كافةِ الشعبِ اللبنانيِّ؟
علماً ان القانونَ العسكريَّ لا يسمحُ لقائدِ الجيشِ ان يتدخلَ في الشؤونِ السياسيةِ الداخليةِ، إنما أينَ القانونُ؟
وما هو هذا القانون الذي لا يسمحُ لقائدٍ ان يتكلمَ؟
إذا كان مُوجَّهاً إلى الشعب، فالجوابُ معروفٌ:
الغالبيةُ تتمسَّكُ بالجيشِ وحدَهُ، كملاذٍ آمنٍ وضمانةٍ للاستقرارِ.
ولكن، هناكَ فريقٌ كبيرٌ يتمسَّكُ بضماناتهِ الأمنيةِ الخاصةِ.
فلا غالبيةُ الشعبِ ستبدِّلُ موقفها، ولا ذاكَ الفريقُ ايضاً.
إذاً، لا يبدو السؤالُ موجَّهاً إلى الشعبِ، بل إلى "كبارِ الحكَّامِ" مِن أركانِ السلطةِ والقوى السياسية "فاسدةِ الفسادِ"، وهنا بيتُ القصيدِ.
***
1- هل المقصودُ بهذهِ الإشارةِ رئيسُ الجمهوريةِ العماد ميشال عون، كي يتحمَّلَ المسؤوليةَ عن المؤسسةِ العسكريةِ التي هو قائدها الأعلى؟
2- أم المقصودُ سلطةٌ تشريعيةٌ لا تُشرِّعُ، ومسؤولونَ لا يُسْألونْ، وزعاماتٌ أكلتِ الأخضرَ واليابسَ وعينُها على المزيدِ؟
3 – او هل المقصودُ ما بقي من سلطةٍ تنفيذيةٍ ضائعةٍ بينَ رئيسِ تصريفٍ واعتكافٍ، ورئيسِ تكليفٍ طائرٍ على بساطِ الريحِ من مشارقِ الكوكبِ إلى مغاربهِ؟
إذا كان كلهم هُم المقصودونَ فلا حياةَ لمن تُنادون،
فيا ليتكم لم تكتفوا "بدغدغةِ مشاعرِ" الضباطِ والرتباءِ والأفرادِ،
بل سمَّيتمْ الأشياءَ بأسمائها من موقعكم القياديِّ.
ففي هذه الحال، كنتم أوصلتم الرسالةَ كاملةً وحقَّقتْ غاياتها.
***
البلدُ منهوبٌ، ومعروفٌ مَن قامَ بنهبهِ،"كُلهم يعني كُلهم" عدا ذلك لا خبزَ يُؤكلُ.
فيا ليتكم في ندائكم، قلتم الحقائقَ كما هي، لكنتمْ "دغدغتم" مشاعرَ الشعب ايضاً، الذي لايعرفُ أينَ مصيرهُ،
ليتَ صرختكم انطلقَت مباشرةً نحو كلِّ من دخلَ جنةَ الحكمِ والمراكزِ والادارات والمواقعِ منذُ ثلاثينَ عاماً وجاهرتم بصوتٍ عالٍ:
أعيدوا ملياراتِ ملياراتِ الدولاراتِ من الأموالِ المنهوبةِ لتُحَلَّ مشكلةُ الجيشِ والشعبِ، لأنهما توْأمانِ لا ينفصلانِ!
لو حصلَ ذلك، لكانَ مجدياً أكثرَ لابنائنا الجنودِ الابطالِ ، الذين اصبحوا يأتونَ إلى مراكزِ الخدمةِ من عكار أو البقاع أو الجنوب… ورواتبهم لم تعدْ تكفيهم لمنقوشةٍ وأجرةِ الباص!
وكذلك ليشملَ الـــ 4 ملايين مواطنٍ يفتكُ بهم الجوعُ والقهرُ والإحباطُ واليأسُ والهجرةُ والذلُّ، ما عدا المحظيينَ الكبار في كلِّ مفاصلِ الدولةِ، وهم معروفونَ بالاسمِ والشهرةِ واسماءِ امهاتهم وامكنةِ ولاداتهم!
***
نعم، الشعبُ اللبنانيُّ وابناء المؤسسةِ العسكريةِ التي هي من صلبِ الكيانِ اللبنانيِّ، متعبونَ ومقهورون ويعانونَ الأمرَّينِ "يهربُونَ" من البلدِ إن استطاعَوا، لكن إلى أينَ المفرُ؟
ومَن يريدُ التأكدَ فليقمْ بجولةٍ على السفاراتِ ويشاهدُ صفوفَ أبنائنا المحبَطينَ الهاربينَ إلى أيِّ مكانٍ يستقبلهم.
حتى المَجاهلُ صارت حلماً لأبنائنا.
***
"هل تُريدونَ جيشاً أم لا"؟
ونُضيف : هل تُريدونَ شعباً أم لا؟
سؤالانِ مصيريانِ: لا تتوقعوا أيَّ ردٍّ عليهما من أهلِ المسؤوليةِ المتحكِّمةِ... فاختصاصها: لا حياةَ لمن تنادي، اضافةً الى عدمِ الاكتراثِ بردّاتِ الفعلِ.
***
الجوابُ الشافي من كلِّ الشعبِ والجيش اللبنانيِّ:
يا ليتكمْ حضرةَ قائد الجيش العماد جوزف عون من موقعكم الفعالِ،
قد عَلا صُراخكم وطالبتم من كلِّ تلكَ الطبقةِ الحاكمةِ باستعادةِ اموالِ الشعبِ المنهوبةِ، المعروفةِ بالصفقاتِ والتلزيماتِ والسمسراتِ والمناقصاتِ والمشاريعِ الوهميةِ واضاعةِ فرصٍ، على أقلهُ على صعيدِ الكهرباءِ.
وبذلكَ تكونونَ قد ساهمتمْ برفعِ الجوعِ والذلِّ والعوزِ والفقرِ والبهدلةِ واعادةِ تناولِ "اللحمةِ" لكلِّ ابناءِ البلدِ ،
وتكونونَ بذلكَ أرضيتمْ التوْأمينِ، المؤسسةَ العسكريةَ والشعبَ بمعظمهِ،
الذين لا يَجدُونَ فُتاتاً يأكلونهُ بسببِ إجرامِ الفاسدينَ المتحكِّمينَ برقابنا جميعاً.