#الثائر
كتب السفير الروسي السابق في لبنان الكسندر زاسبكين === خاص === الثائر
نستنتج من تقرير الإدارة الأمريكية، الخاص بالاستراتيجية الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية، الحقائق التالية :
أولاً: تبدو جلية رغبة الإدارة الأمريكية بالعودة إلى إيديولوجية عهد اوباما، فهي تتحدث عن الديمقراطية كهدف رئيسي، ولكنها تعترف علانيةً بفشل مشروعها بنشر الديمقراطية بالقوة، كما تعترف ضمناً بالضرر الذي لحق بسمعة أمريكا ، وانخفاض هذه السمعة على المستوى الدولي . ومن الواضح أن إعلان الانتقال إلى أساليب دبلوماسية، ينبع من الوقائع التي حصلت خلال السنوات الأخيرة، وجدير بالذكر أيضاً، أن الرئيس ترامب كان يفهم ذلك جيداً، ولذلك اقترح الانسحاب من سوريا .
ثانياً : إن مبدأ الديمقراطية بالمفهوم الأمريكي خطر للغاية، لأنه يؤدّي إلى المجابهة بين التكتل الأمريكي، المُسمى ديمقراطي، والأطراف الأخرى التي تسميها امريكا ب (أنظمة ديكتاتورية) والتي لا تقبل سيطرة أمريكية عليها، كما تعارض هذه النظرة أيضاً تصوّر روسيا ، بخصوص نظام عالمي متعدد الأقطاب، يجب أن يعتمد على؛ التوازنات، والاستقرار، والمنافسة العادلة، والتعاون في المسائل التي تهم البشرية جمعاء، وليس على الخلافات والضغوطات .
ثالثاً: يؤكد التقرير أن الولايات المتحدة سوف تواصل الصراع مع روسيا . ونحن في الحقيقة لم نتوقع منهم شيئاً آخر، لأن الحزب الديمقراطي هو الذي يتهم روسيا بجملة أمور لم تحدث أصلاً، مثل التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أو القرصنة الإلكترونية، أو تخريب الديمقراطية الأمريكية. وكذلك ترويج قصة تسميم المعارض الروسي نافالني، وهم يستخدمون هذه الأكذوبة، لبثِّ الشائعات عن البرنامج الروسي للأسلحة الكيماوية، في حين أن روسيا قامت حقيقةً بتصفية هذه الأسلحة، بينما ما زالت الولايات المتحدة تحتفظ بكميات كبيرة من هذه الأسلحة، وتدعم هذه الأنشطة بملايين الدولارات في مختبرات عدة دول كجورجيا وأوكرانيا .
إنهم يقومون بتزوير الحقائق، وهذا يشمل مجالات عديدة، فالمطلوب شيطنة روسيا، لأنها تعيق تحقيق الأطماع التوسعية والسيطرة الأمريكية في كافة المجالات.
ويعلم الأمريكيون أن الحرب ضد روسيا مستحيلة، وحتى مجرد التفكير في ذلك أمر مستبعد، بسبب خطورة ما قد يحدث للعالم. وانطلاقاًً من هذه القناعة تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى زعزعة الأوضاع الداخلية في روسيا، من خلال تمويل "الطابور الخامس" ودعمه معنوياً عبر وسائل الإعلام، والتصريحات السياسية ، وفرض العقوبات، وهم يُريدون تكرار ما حدث في الاتحاد السوفياتي السابق، وتفكيك روسيا الاتحادية بنفس الطريقة .
رابعاً: يوجد عدد من الدول والأطراف السياسية، التي رحّبت بهذا التقرير ، وهي تشُيد بالديمقراطية والدبلوماسية الأمريكية. ونحن نعلم أن بعض هذه الدول كانت قد تخلّت عن سيادتها لصالح الولايات المتحدة، واليوم تبدو مرتاحة إلى عودة الزعيم الأمريكي، ورأينا كيف اندفع الاتحاد الأوروبي سريعاً للمشاركة في اللعبة ضد روسيا، مستغلين قصة نافالني الملفّقة، وبدأت تُتخذ الإجراءات العدائية ضد روسيا في إطار الحرب الإعلامية.
خامساً: بالنسبة للوضع في الشرق الأوسط ، من المهم متابعة الأفعال الأمريكية، وتحديداً في المجالين العسكري والأمني، خاصة الحديث عن احتمال الانسحاب، وكذلك الموقف الأمريكي من المنظمات الإرهابية والمتطرفة. وعلى ما يبدو حتى الآن، أن الدبلوماسية الأمريكية تجاه محور المقاومة، تعني استمرار الضغوط .
سادساً: يؤكد التقرير الأمريكي على نظرية الفوقية في التعاطي مع الآخرين، وهذا يعني أنه يجب على الأطراف التي تعارض مشروع السيطرة الأمريكية، المطروح تحت مُسمى «الديمقراطية» أن تُعزّز التعاون والتنسيق فيما بينها، وفي كافة المجالات، وليس سياسياً واقتصادياً فقط، بل إعلامياً وفكرياً. ويجب كرد طبيعي على العدائية الأمريكية، أن يزيد التضامن بين القوى التي تتمسك بالسيادة الوطنية على الصعيد الدولي.
سابعاً : إن هذا التقرير الأمريكي، يؤكد لروسيا، أنها تسير في الاتجاه الصحيح ، ويجب عليها أن تتمسك بهذا النهج الاستقلالي، وقيمها وتقاليدها وحضارتها، بعيداً عن النموذج الأمريكي ل «الديمقراطية» ، الذي وكما رأينا مؤخراً أدّى إلى انقسام عميق في المجتمع الأمريكي، وأن محاولة تعميمه وتحقيقه أنتجت كماً هائلاً من الفوضى والخراب والدمار في العالم .
=== خاص === الثائر