#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
رسمَ وليد جنبلاط بشكلٍ مقلقٍ وحزينٍ واسودَ صورةَ لبنانَ الحاضرِ كما المستقبلِ.
في إطلالتهِ الاخيرةِ التلفزيونيةِ مع مرسال غانم سأل جنبلاط عمّا تبقَّى من دورٍ لبنانيٍ ومن قرارٍ لبنانيٍ وسطَ هذا التزاحمِ في "الاجانداتِ" الخارجيةِ على لبنانَ. وهذا هو جوهرُ الازمةِ.
من الحدودِ الى الامنِ الى السيادةِ الى الادوارِ الخارجيةِ كيف يمكنُ تثبيتُ استقرارٍ لبنانيٍ ومعه عودةٌ لحياةٍ آمنةٍ اجتماعياً ومالياً واقتصادياً اذا كان لبنانُ ينامُ على بركانِ التناقضاتِ الخارجيةِ واذا استمرَ مسرحاً للتجاذباتِ التي دمّرت لبنانَ منذ سنواتٍ ولا تزالُ...
متى يشعرُ الشعبُ انه هو حقيقةً مصدرُ السلطةِ وانه يملكُ السيادةَ في كلِ القراراتِ والاحكامِ والتوجّهاتِ التي تقررُ مصيرهُ لسنواتٍ ولاجيالٍ...
***
لغايةِ اليوم، وهذا ما جعلَ الشعبَ ينزلُ الى الساحاتِ، لم يشعر المواطنُ انه شريكٌ في أي قرارٍ وانه سيِّدٌ على ارضهِ، فكل ما يجري هو املاءاتٌ تفرضُ عليهِ وهو لا حولَ له ولا قوةَ سوى الاذعانِ...
لم يتعلمْ من يقودونَ البلادَ شيئاً مما جرى ويجري منذ سنةٍ ولغايةِ اليوم ... وهم لا يزالونَ يستمرونَ بالضّربِ عرضَ الحائطِ بكل مقاييسِ ومعاييرِ الاخلاقِ التي يجبُ ان تحكمَ السياسةَ قبل أي شيءٍ آخر.
هل تدركُ الطبقةُ السياسيةُ ماذا يعني ان يعيشَ بلدٌ منهارٌ بالكاملِ وسطَ حكومةِ تصريفِ اعمالٍ هي اساساً حكومةٌ فاقدةٌ للثقةِ وغيرُ شرعيةٍ وعاجزةٌ وغيرُ قادرةٍ؟
هل تدركُ الطبقةُ السياسية ماذا يعني ان يعيشَ بلدٌ منهارٌ بالكاملِ كباشاً سياسياً لا نهايةَ له بين رئيسِ جمهوريةٍ وبين رئيسٍ مكلّفٍ بتشكيلِ الحكومةِ "أخذَ وقتهُ وكتر" في اجازتهِ لمناسبةِ الاعيادِ وحتماً بالاستفادةِ من اخذِ اللقاحِ المناسبِ للكورونا، فاذا به يعودُ صامتاً تعبيراً عن عجزٍ في امكانيةِ خرقِ الجدارِ المسدودِ؟
هل يدركُ مَن يقودونَ البلدَ ان آخر همِّ الناسِ في يدِ من الثلثُ المعطلُ وهذا الوزيرُ مِن حصةِ مَن وذاكَ مِن نصيبِ مَن، يريدُ الناس ان يعيشوا وان يناضلوا للحياةِ، حياةٌ تسلبها منهم كورونا كلُ لحظةٍ وتأخذُ احبّاءَ لهم فيما بلدهم سيأتيه اللقاحُ بعد اشهرٍ وبيكون "اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب". وبصريحِ العبارةِ "اللي مات مات واللي انصاب انصاب" ولا احدَ يسأل....
***
عندما حذّرنا قبلَ اشهرٍ من انهيارِ النظامِ الصحي نتيجةَ كورونا لم يستمع الينا احدٌ... وها نحنُ اليومَ نقعُ في المحظورِ لا بل في الكارثةِ... والاسوأُ ان المستشفياتِ والدولةَ يتناتشانِ المسؤوليةَ فيما يعلنُ وزيرُ الصحةِ بكلِ صراحةٍ انه بعد سنةٍ من كورونا اتخذ القرارَ بالاستفادةِ من قرضِ البنكِ الدولي لتعزيزِ امكانياتِ المستشفياتِ الخاصةِ...
لماذا الانتظارُ لليومِ طالما ان اموالَ القرضِ كانت موجودةً.
ولماذا انتظرنا حتى الامسِ لنطلبَ تجهيزاتٍ جديدةٍ ستتمُ اعارتها للمستشفياتِ الخاصةِ؟ ألم تكن لدينا الرؤيةُ لمعرفةِ انتشارِ كوفيد 19؟
واستطراداً ماذا عن اللقاح؟ ولماذا حصرهُ بجهةٍ واحدةٍ ولماذا لم نستدرجْ عروضاً من دولٍ اخرى ومصانعَ اخرى.
ومن يضمنُ عدمَ وجودِ واسطاتٍ غداً في اعطاءِ اللقاحاتِ وتوزيعها؟
اطباءٌ يهاجرون. اطباءٌ وممرضون وممرضات مصابون، مستشفياتٌ مدمرةٌ بعد 4 آب . دولةٌ لا تدفعُ مستحقاتها للمستشفياتِ . والمستشفياتُ لا امكانيةَ لها لشراءِ مستلزماتٍ وتجهيزاتٍ وادويةٍ من الخارجِ نتيجةَ شحِّ الدولارِ وارتفاعِ الاسعارِ والمزاجيةِ التي تحكمُ دعمَ الدولارِ الصحي...
فكيف سيستمرُ قطاعٌ صحيٌ وكيف لا ينهارُ؟
***
ناهيكَ عن الخفّةِ في التعاطي مع المستشفياتِ الميدانيةِ التي جاءتنا هباتٍ من الدولِ الصديقةِ فاذا بها تتبخرُ ولا وجودَ لها.
عن أي دولةٍ نتحدثُ وفي أي غابةٍ نعيشُ؟
وتسألونَ.. لماذا انتفضَ شعبُ لبنانَ الحضاري في 17 تشرين ، ولماذا سيعودُ قريباً ليطيحَ بمن استطاعَ؟