#الثائر
#الثائر
============== تابع ====== لبنان ومأساة ترسيم الحدود الجنوبية
بقلم العميد الركن الدكتور رياض شـيّا *
بعد زيادة عدد قوات اليونيفيل الى خمسة عشر ألف جندي، وحوالي خمسة عشر ألف جندي من الجيش اللبناني، وانتشار هذه القوى في المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني وصولاً الى الخط الأزرق، رأت قيادة القوات الدولية ضرورة إعادة تعليم الخط الأزرق وجعله أكثر وضوحاً وتمييزاً، وذلك منعاً للاحتكاك مع الاسرائيليين. أعيد تعليم الخط الأزرق من قبل قوات اليونيفيل بالتعاون مع لجنة من الجيش اللبناني وأخرى إسرائيلية، واستمرت عملية التعليم حوالي عشر سنوات، بسبب العراقيل الاسرائيلية، جرى خلالها وضع علامات واضحة (براميل زرقاء) على الخط الأزرق حيث يتطابق مع الحدود الدولية، أما المناطق والنقاط التي يوجد تحفظ عليها، وعددها ثلاث عشرة نقطة، فلم يجرِ تعليمها. أمّا نقاط (أو مناطق) التحفظ فهي التالية: النقطة الحدودية في رأس الناقورة، 3 نقاط في علما الشعب، منطقة البستان، منطقة مروحين، منطقة رميش، المنطقة ما بين يارون ومارون الراس، منطقة بليدا، بقعة بين ميس الجبل وحولا، منطقة العديسة، الطريق ما بين العديسة وكفركلا، نقطة الحدود الأخيرة بين المطلّة والوزاني.
على الرغم من فداحة التعديات التي أظهرها تعليم الخط الأزرق، والمعبّر عنها في التحفظات المشار اليها أعلاه، إلاّ أنّ ذلك لا ينفي الانجازات التي تحققت من خلال نجاح عملية تعليم النقاط الحدودية التي يتطابق فيها الخط الأزرق مع الحدود الدولية وجعلها واضحة ما يسهّل مهمة الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
V – مناطق الحدود اللبنانية-السورية المحتلة من إسرائيل
لم تقتصر تعديات إسرائيل على الأراضي اللبنانية على تلك الواقعة على الحدود الدولية التي كرستها اتفاقية الهدنة بي البلدين، بل تعدتها الى الأراضي اللبنانية الواقعة على الحدود الجنوبية-الشرقية بين لبنان وسوريا وجوارها. فعندما احتلت اسرائيل في الفترة ما بين العامين 1967 و1973 المنطقة الممتدة من مزارع شبعا الى تلال كفرشوبا، والى النخيلة، وصولاً الى بلدة الغجر، فإنّ الانسحاب الاسرائيلي الذي تم في العام 2000 تنفيذاً للقرار 425، والانسحاب الذي تلى القرار 1701 في العام 2006، لم يشمل المنطقة المحتلة الواقعة على الحدود اللبنانية – السورية وجوارها، أي منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية النخيلة وبلدة الغجر. كما أنّ الخط الأزرق الذي رسم في العام 2000 كخط للانسحاب الاسرائيلي جعل هذه المناطق تقع الى الجنوب منه، أي أنّه لم يستدعِ انسحاباً اسرائيلياً، وهو مخالف للقرارات الدولية المتعددة التي رفضت الاحتلال الاسرائيلي وطلبت الانسحاب.
سنستعرض فيما يلي مسألة استمرار احتلال هذه المناطق وما يحيطها من أوضاع وإشكاليات.
1- مزارع شبعا:
مزارع شبعا هي تلك البقعة من الأراضي اللبنانية الواقعة على السفح الجنوبي الغربي لجبل الشيخ، والتي تمتد من مغر شبعاً (أو طريق مرجعيون القنيطرة) جنوباً حتى تلة الزلقا على جبل حرمون شمالاً، ويحدّها وادي العسل شرقاً، بينما تحدّها غرباً مرتفعات كفرشوبا المحتلة. يبلغ عدد هذه المزارع أربع عشرة مزرعة، وتعتبر مشتى لسكان ومزارعي شبعا وماشيتهم التي يرتادونها في فصل الشتاء هرباً من الثلوج في بلدة شبعا. ونشير الى أن مزرعة مغر شبعا هي الوحيدة التي تعتبر سورية وتتبع قضاء القنيطرة السوري، فيما بقية المزارع لبنانية وتشكل مع بلدة شبعا وحدة عقارية تابعة لقضاء حاصبيا.
على أثر احتلال اسرائيل لمرتفعات الجولان السورية في حزيران عام 1967، جرى احتلال مزارع شبعا تدريجياً ابتداءً من 15 حزيران لغاية 25 حزيران من العام نفسه. كما جرى احتلال مزرعة بسطرة في العام 1973، وأحاطت إسرائيل المزارع بالأسلاك الشائكة وطردت السكان ودمرت أكثر من 1070 مسكناً، كما منعت آلاف العائلات من استثمار ممتلكاتها. وفي منتصف الثمانينات أقامت إسرائيل في المزارع ثلاث مستعمرات: إثنتان في مزرعتي رويسة العلم وزبدين لتوطين اليهود الفلاشا، أما الثالثة فكانت للتزلج والسياحة وأُقيمت في مزرعة مراح الملول. وأكملت إسرائيل طرد جميع السكان بقوة السلاح في العام 1989.
لمزارع شبعا أهمية كبرى، سواء لجهة موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يشرف على سهل الحولة وعلى منطقة الجليل في فلسطين المحتلة، كما يشرف على منطقة واسعة من الجولان السوري، وكذلك تشرف على منطقة جبل عامل في جنوب لبنان. ومن جهة ثانية، فإنّ الثروة المائية التي تحتويها المزارع تمنحها أهمية قصوى بسبب كثرة السواقي والمياه السطحية التي تغذي أنهر بانياس والدان والوزاني، كما تعتبر مصدراً رئيسياً للمياه الجوفية بحيث تعتبر الحوض الأعلى لنهر الأردن، إذ يقدر مجموع ما تغذي به مزارع شبعا نهر الأردن بما مقداره مليار ومئتي مليون متر مكعب سنوياً.
أمّا الذريعة التي استخدمتها إسرائيل لعدم انسحابها من مزارع شبعا في العام 2000، فقد كانت أنّ المزارع هي سورية وليست لبنانية، وتقع خارج نطاق القرار 425 وبالتالي خارج الخط الأزرق. وما ينطبق على مزارع شبعا، بنظر إسرائيل، هو مندرجات القرار 242 الذي صدر عن مجلس الأمن غداة حرب الخامس من حزيران 1967. وافقت الأمم المتحدة على وجهة نظر إسرائيل، فوضعت المزارع جنوب الخط الأزرق برغم مطالبة السلطات اللبنانية ليشمل الانسحاب المزارع أيضاً، وبرغم الخرائط التي قدمها لبنان، معتبرةً أن لديها أكثر من خريطة لبنانية وغير لبنانية تضع المزارع ضمن الحدود السورية.
هناك الكثير من الأسباب التي تثبت لبنانية مزارع شبعا، ليس أقلها قرارات سلطات الانتداب الفرنسي العديدة، وأعمال المساحة اللبنانية - السورية المشتركة لمعالجة الخلاف الواقع في منطقة مغر شبعا التي أنجزها ووقع خريطتها القاضي اللبناني رفيق غزاوي والقاضي السوري عدنان الخطيب بتاريخ 27/3/1946 والتي أظهرت لبنانية مزارع شبعا وسورية مزرعة مغر شبعا وقامت بوصف للحدود بين لبنان وسوريا في تلك المنطقة.
وأمام المطالبات اللبنانية المتكررة، ردّت الأمم المتحدة بضرورة تقديم وثيقة رسمية من جانب الدولة السورية تثبت لبنانية مزارع شبعا لكي تتمكن من أخذ الإجراءات اللازمة لضمان انسحاب إسرائيل منها. لكنّ السلطات السورية رفضت توقيع وثيقة بهذا الخصوص، مكتفيةً بالتصريحات العلنية لعدد من المسؤولين السوريين أنّ المزارع لبنانية. وقد تسببت هذه المسألة بتجاذبات سياسية لبنانية داخلية، وأخرى لبنانية-سورية، جرى فيها استغلال موضوع مزارع شبعا بطريقة أقل ما يقال فيها أنّها تبتعد عن المصلحة الحقيقية للبنان ولسوريا باستعادة أراض تحتلها إسرائيل.
2- تلال كفرشوبا:
تقع تلال كفرشوبا المحتلة شمالي مزارع شبعا المحتلة، وتمتد من المجيدية غرباً حتى جبل الروس شرقاً، وأهمها مرتفع رويسة العلم في جبل الروس ومرتفع رويسة السمّاقة، حيث يقيم العدو الاسرائيلي مركزين عسكريين كبيرين.
احتلت إسرائيل هذه المرتفعات عام 1968، ولم يتم احتلالها في العام 1967 كما حصل لمزارع شبعا، ولم يكن فيها جنود سوريين كما تذرعت إسرائيل في احتلالها لمزارع شبعا.
لكنّ هذه المرتفعات كانت تتمركز فيها وحدات من المقاومة الفلسطينية منذ العام 1968. وبعد الاجتياح الاسرائيلي في العام 1978، وصدور القرارين 425 و426، أصبحت المنطقة في عهدة قوات اليونيفيل التي تمركزت بمحاذاة رويسة العلم وفي بركة بعثائيل قرب رويسة السمّاقة. لكنّ القوات الاسرائيلية المتمركزة على تلة رويسة العلم منعت القوات الدولية من التمركز بقربها والزمتها الابتعاد والتمركز شمال البلدة.
من جهة ثانية، فإنّ القوات الاسرائيلية قامت بوضع الأسلاك الشائكة حول المرتفعات المحتلة، ونصبت بوابة للدخول، وقامت بمنع الأهالي من الدخول الى أراضيهم الزراعية واضعةً يدها بذلك على أراض زراعية واسعة لأبناء كفرشوبا.
والملفت للنظر، الخلط الحاصل بين مرتفعات كفرشوبا وبين مزارع شبعا واعتبارها جزءاً منها وينطبق عليها نفس المعايير التي تتذرع بها إسرائيل للاحتفاظ بمزارع شبعا. إلاّ أن مرتفعات كفرشوبا التي جرى احتلالها عام 1968 كما ذكرنا، لم يسبق ودخلها أي جندي سوري قبل احتلالها من قبل إسرائيل كما هي الحال في مزارع شبعا. لذلك كان على الأمم المتحدة أن تجعل تلك المرتفعات في الجهة اللبنانية من الخط الأزرق وتلزم إسرائيل بالانسحاب منها في العام 2000 تطبيقاً للقرار 425 أسوة بالمناطق الجنوبية التي انسحبت منها.
3- قرية النخيلة:
تقع قرية النخيلة في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية لقضاء حاصبيا، وهي على مسافة 2500 متر شرقي نهر الحاصباني، وعلى مسافة 1500 جنوبي – غربي مغر شبعا. وتبعاً لترسيم بوليه – نيوكومب، فإنّ قرية النخيلة تقع على بعد ألف متر تقريباً شمال غرب نقطة تلاقي الحدود اللبنانية-السورية-الفلسطينية.
إذن، إنّ قرية النخيلة الواقعة جنوبي مزارع شبعا والتي لم تُذكر في جميع عمليات الترسيم للخط الزرق، كان من الحري أن يشملها الانسحاب الاسرائيلي.
4- بلدة الغجر:
تقع بلدة الغجر شرقي نهر الوزاني على خط القنن الممتد جنوباً حتى الجسر الروماني، ويحدها من الشمال مزرعة سردا وخراج بلدة الماري، ومن الجنوب فلسطين المحتلة، ويحدّها من الشرق بلدتي العباسية والمجيدية، ومن الغرب بلدة عرب اللويزة. أمّا سكان البلدة فهم سوريون، ويحمل أغلبهم اليوم الجنسية الاسرائيلية.
جرى احتلال بلدة الغجر في حرب حزيران 1967، وقد كانت يومها بلدة صغيرة، واعتبرتها إسرائيل من ضمن الجولان المحتل. وبسبب النمو السكاني للبلدة، وإبان احتلال إسرائيل للجنوب اللبناني أخذت البلدة تتمدد شمالاً وراح سكانها يبنون بيوتهم خارج البلدة القديمة ليصبح ثلثا البلدة داخل الأراضي اللبنانية. في العام 2000، انسحبت إسرائيل من الشطر الشمالي من البلدة بعد أن تبيّن أن الخط الزرق يقسمها الى شطرين. لم يدخل الجيش اللبناني الى الشطر الشمالي في ذلك الوقت، بل تُركت حركة الأهالي على حالها نظراً لعدم ارتباطهم بالدولة اللبنانية. لكنّ إسرائيل أعادت احتلال البلدة كاملة في العام 2006 خلال حرب تموز، ورفضت الانسحاب منها بعد صدور القرار 1701. حاولت اليونيفيل تأمين الانسحاب الاسرائيلي من الشطر اللبناني للبلدة، لكنها لم تتمكن من ذلك لنية إسرائيل بعدم الانسحاب من البلدة، سيّما وأنّ سكانها أصبحوا إسرائيليي الهوية.. وعلى الرغم من جميع الاقتراحات التي قدمت من قبل اليونيفيل ومن قبل الجانب اللبناني، إلاّ أنّ إسرائيل أمعنت بتمسكها بالغجر وأقامت شريطاً شائكاً حول البلدة، وقطعت طريق عرب اللويزة- العباسية الذي يقع ضمن الأراضي اللبنانية وخارج المنطقة المحتلة ويمر بمحاذاة الشريط الشائك.
بالإضافة الى إعاقة حركة تنقل المواطنين اللبنانيين على الطريق المشار اليه، أقدمت إسرائيل على سرقة كميات كبيرة من مياه نبع الوزاني، بحجة أنها ضخها يتم لصالح سكان الغجر. وفي الواقع أن إسرائيل وضعت مضختين بسعة 4 إنش للواحدة تعملان ليل نهار ما يفوق كثيراً حاجة الغجر من المياه. وقد بيّنت إحدى الدراسات أن الكمية التي تقوم إسرائيل بسرقتها من نبع الوزاني تبلغ 1500 متر مكعب يومياً تذهب الى الأراضي الاسرائيلية تحت ستار أهالي الغجر.
الخلاصة:
هكذا، وبعد هذه النظرة الشاملة على حدودنا الجنوبية، وعلى خلفيتها التاريخية، والمراحل التي مرت بها منذ تأسيسها أيام الانتداب الفرنسي للبنان ورسم حدوده مع فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني، والتي أخذت يومها صفة "الحدود المعترف بها دولياً"، وذلك قبل قيام الكيان الصهيوني في العام 1948، فقد لمسنا الخطر الذي أدركه لبنان مع قيام ذلك الكيان، والانتهاكات المستمرة لحدوده نتيجة الأطماع الاسرائيلية.
وبعد أن ألقينا الضوء على جميع الإشكالات التي خلقتها إسرائيل بالنسبة لحدودها مع لبنان، يبدو من الضروري إيراد بعض الملاحظات التي لا بد منها لضمان سلامة الحدود في وجه عدوّ يمتلكه الجشع بخيرات أرضنا، واليوم بخيرات بحرنا. وتقتضي الإشارة الى أنّنا لم نتطرق في هذا البحث الى النزاع المتعلق بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، كونه يحتاج لبحث خاص لن يتسع له بحثنا هذا. أما الملاحظات فهي التالية:
أولاً- إنّ الحدود هي مسألة في غاية الأهمية، تطال أحد أركان الدولة التي لا يمكن أن تستقيم دونها، وهي الأرض وممارسة السيادة عليها، والتي لا تستقيم دون حدود واضحة، مستقرة، ومصانة. على هذا الأساس ينبغي أن تؤخذ مسألة الحدود بكثير من الجدّية والعمل المؤسساتي الدؤوب، ما يستدعي جهداً وطنياً له الأولوية، وما يفرض التعاطي معها بكل إخلاص وتفاني وإبعادها عن كل التجاذبات السياسية على شتى المستويات. وأمام هذه المعايير يتبدى القصور والترهل الذي يخيم على أداء السلطات اللبنانية والتخبط الذي رافق سلوك المسؤولين في قضية خطيرة هي قضية الحدود. وإن دلّ هذا على شيء، إنّما يدلّ على افتقادنا لرجال الدولة الذين يستحقون هذه الصفة.
ثانياً- قد يكون الجيش اللبناني، منذ توقيع اتفاقية الهدنة اللبنانية-الإسرائيلية في العام 1949، المؤسسة الوطنية الوحيدة التي حملت عبء الحدود الجنوبية للبنان، ولو كان ذلك من صلب مهامها، برغم فقدان القرار السياسي في حالات كثيرة. فالحفاظ على دور ريادي للبنان في المجتمع الدولي وفي المنظمات الدولية، تقوم به السلطات الرسمية، يساعد لبنان في الحفاظ على حدوده، وعلى حقوقه ومصالحه الوطنية.
ثالثاً – يجب على السلطات اللبنانية أن لا تفقد البوصلة في تعاطيها مع الأوضاع المختلفة على الحدود الجنوبية. وبوصلتنا هي اتفاقية الهدنة اللبنانية – الإسرائيلية الموقعة في العام 1949. وليكن معلوماً، أنّ اتفاقية الهدنة هذه هي الاتفاقية الثنائية الوحيدة الموقعة بين لبنان وإسرائيل، التي يرعاها مجلس الأمن الدولي، وهي الكفيلة بضبط الأوضاع على الحدود، وهي تلزم إسرائيل باحترام هذه الحدود. وقد حاولت إسرائيل كثيراً التنصل من هذه الاتفاقية، لكي تتحرر من إلزاماتها، تسهيلاً لتحقيق أطماعها. لذلك يجب إعادة الاعتبار لخط الهدنة المطابق للحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل الذي أعلنته اتفاقية الهدنة، وعليه يجب إعادة تفعيل لجنة مراقبة الهدنة وضباطها لايزالون موجودين مع اليونيفل، لكنّ دورهم شبه مجمّد. أما الخط الأزرق، فهو خط الانسحاب لا أكثر، ولا يمكن مقارنته بخط الهدنة الذي أمر مجلس الأمن بإقامته استناداً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بموجب القرار رقم 62 المشار اليه أعلاه، وخط الهدنة هذا مطابق للحدود الدولية مع إسرائيل. من هنا يجب التركيز دائماً على خط الهدنة، في كل ما يتعلق بالحدود الجنوبية، وعندما تقع الانتهاكات الاسرائيلية فليعلن أنّها انتهاكات لخط الهدنة قبل أن تكون انتهاكاً للخط الأزرق. سيّما وإنّ إسرائيل، في هذا الإطار، تتعمد التركيز على الخط الأزرق، وتهمل ذكر خط الهدنة واتفاقية الهدنة معها. فهي في ذلك تسعى لتكريس احتلالها للمناطق التي يبتعد فيها الخط الأزرق عن الحدود الدولية من جهة، وبقصد تجنب إدانتها لمخالفتها القرارات الدولية الكثيرة في هذا المجال من جهة ثانية.
حمى الله لبنان، وحفظ حدوده من أطماع عدوّ غاشم، وقيّض له رجال دولة يحملون مسؤولية إدارة المسائل الوطنية بكفاءة وجدارة كي لا يلعنهم التاريخ.
*(أستاذ جامعي وباحث في القانون الدولي)
مستندات البحث:
- رياض شـيّا، "اتفاقية الهدنة اللبنانية-الإسرائيلية لعام 1949 في ضوء القانون الدولي"، دار النهار، بيروت 2003.
- عصام خليفة، " الحدود الجنوبية للبنان بين مواقف نخب الطوائف والصراع الدولي: (1908 – 1936)"، بيروت 1985.
- عصام خليفة، "لبنان: المياه والحدود (1916 – 1975)"، دار نوفل، بيروت 1996.
- أنطوان مراد، "حقوق بين الخطوط، الحدود اللبنانية الجنوبية، تحوّلات وإشكاليات"، بيروت 2020.