#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
اليوم يبدأ الشهر الثالث على انفجار المرفأ، وقد يمر شهرٌ رابع وخامس وسادس ، والمأساةُ على حالها .
في كل بيتٍ مأساة ، ولدى كل عائلةٍ جرحٌ ، وما زال هناك مفقودون ، ومَن بقي حياً أتخذ قراراً بالهجرةِ ، " فبلادُ الله واسعةٌ " وهناك كثيرٌ من الدول ليس لديها معيارٌ سوى معيارِ القانون ، تحترمُ العقولُ والأدمغة ، تفتشُ عنها وتُغريها بكل ما يلزمُ لتكون من ضمنِ إداراتها ومؤسساتها وقطاعاتها الطبيةِ الإستشفائيةِ والعقاريةِ والسياحيةِ والمصرفية .
***
مع مطلعِ الشهر الثالث على انفجار المرفأ ، مَن يجرؤ على الإجابةِ عن الاسئلةِ التالية :
1- ما هو عددُ اللبنانيين من مختلفِ الإختصاصاتِ الذي أصبح خارج لبنان في هجرةٍ وليس في رحلةٍ قصيرةٍ ؟
2- ما هو عددُ طالبي تاشيراتِ الهجرةِ إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وأوستراليا وبعضِ دول الخليج ؟
3- ما هو عددُ الطلاب اللبنانيين الذين باشروا سنتهم الدراسية في البلدان الآنفةِ الذِكرِ ، سواءَ اكانوا في الصفوفِ الثانويةِ او في الجامعات ؟
4- ما هو عددُ العائلاتِ التي لم يعد لها ملاذٌ في لبنان وتريدُ ملاذاً في المهجر؟
***
نوعٌ ثانٍ من الاسئلة :
أين أصبح التحقيقُ في انفجارِ المرفأ ؟
متى سيبدأ الأنتربول في التحقيق مع مالك السفينةِ التي كانت تحتوي نيترات الأمونيوم ، ومع قبطانِ السفينة ؟
مَن سيعوِّضُ عن الأَضرارِ التي وقعت في المرفأ لجهةِ البضائعِ ولجهةِ المنشآت ، والتي تُقدَّرُ بملياراتِ الدولارات ؟
من سيعوِّضُ على آلافِ العائلاتِ التي تضررت منازلها ؟
العائلاتُ التي فقدت معيلَها ، مَن سيتولى الإهتمامَ بعائلاتها : من مدارسَ وجامعاتٍ وطبابةٍ وموادَ غذائيةٍ ؟
مَن سيعوِّضُ على المتاجر والمحلات والمؤسسات التي توقف عملها ؟
***
في كل بيتٍ قصةٌ ، وفي كل قصةٍ مأساة ، وفي كل مأساةٍ لا تبدو الدولةُ موجودةً ، بل تبدو كأنها تحت الأنقاض ، مثلها مثل المفقودين .
في هذه الحال ، كيف نعيشُ في لبنان ؟
كان يُقال : " هنيئاً لمَن له مرقدُ عنزةٍ في جبل لبنان .
اليوم بالإمكان القول : هنيئاً لمَن يستطيعُ ان يؤمن ملاذاً له خارجَ لبنان.
***
المسـألةُ لم تعد مسألةَ خيارٍ .... إنها مسألةُ قرارٍ ومسألةُ توقيتٍ ، فحالما تتوافرُ الظروفُ ، لنرى مَن سيبقى في لبنان ؟
إنه اصعبُ قرارٍ وأكثرهُ ذرفًا للدموع : نُهاجرُ ، ولكن تاريخُ الآباء والامهاتِ والصولاتِ والجولاتِ هل نتركها هنا ؟
إنها نكبةُ العصرِ.
لا بل إنها مأساةُ العصرِ.