#الثائر
- " د. ميشال الشمّاعي "
بدا لافتًا التنسيق في مواقف رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير باسيل ومواقف فخامة رئيس الجمهوريّة حيث حاولا مجتمعين إظهار ذلك التمايز عن حزب الله تمهيدًا وإعدادًأ لما قد يكون أبعد من ذلك. لكنّ تمايز عون وباسيل عن حزب الله لن يؤدّي إلى ولادة حكومة أديب. فهل سيستطيع الرئيس المكلّف أن يفرض حكومة الأمر الواقع؟
من الواضح حتّى هذه اللحظة أنّ كلمة السرّ لن تأتي من إيران، وعزت مصادر موثوقة بأنّ كلمة نصرالله المرتقبة سوف لن تثير أيّ حزازيّات بين بعبدا والضاحية الجنوبيّة، بل على العكس ستعمل على تهدئة الأجواء التي تركها الخطابين الباسيلي والعوني بحالة تشنّج خفي. فلا مصلحة للحزب في هذه المرحلة باستفزاز العهد، وهذا ما يدركه مليًّا عون وفريقه، لذلك هو يعمل على ابتزازه قليلا قليلا علّه يحقّق أيّ خرق قد يخفّلإ عنه وعن المقرّبين منه وطأة العقوبات الأميركيّ’ المرتقبة.
في حين أنّ الحزب اليوم يعمل في مساحة الوقت الضائع قبل الانتخابات الأميركيّة المرتقبة في تشرين الثاني المقبل بانتظار تغيير ما في السياسة الخارجيّة للولايات المتحدة الأميركيّة بعد خسارة مأمولة لترامب وفريقه. ولكن المؤشّرات الأميركيّة تثبّت اليوم بأنّ أسهم ترامب بارتفاع سريع لا سيّما بعد الاتّفاقات الثنائيّة التي رعاها مع إسرائيل، والتي من المفترض أن تتزايد. وقد تشكّل محادثات سوريّة- إسرائيليّة الخرق الكبير الذي لم يحسب له الحزب أي حساب بعد تسريبات سوريّة أشارة إلى إمكانيّة حدوث هذا اللقاء. وعلى ما يبدو أنّ أسد سوريا مستعدّ حتّى لتوقيع السلام مع إسرائيل شرط المحافظة على عرشه ولو على دماء أهل بلده.
وسط هذه المشهديّة، وانطلاقًا من مبدأ الرسائل المتبادلة، قد يعرّى لبنان، بعد التعنّت الذي يقوده فريق السلطة، من أيّ حماية دوليّة، مع العلم أنّ الحماية التي يدّعي الحزب امتلاكها، سيسهل تعطيلها لأنّها لن تمتلك عنصر المفاجأة على قاعدة لو كنت أعلم الماضية. من هنا، سيكون الحزب أمام واقعة ردّ فعل لن تتعدّى الردود الكلاسيكيّة غير المؤذية في حال وقوع أيّ اعتداء على السيادة اللبنانيّة.
وذلك على وقع انفجارات متنقلة في المناطق اللبنانيّة من مرفأ بيروت إلى قرية عين قانا اليوم وما بينهما. ولا اتّهامات واضحة للمتّهم الأوّل الدائم الاتهام أي العدو الاسرائيلي في ظلّ مسارعة إلى تطويق أمكنة الانفجار من قبل عناصر أمنية لحزب الله، ليتبيّن بعد بضعة ساعات بأنّ " معلّم التلحيم" قد مرّ من المكان وترك " شرقوطاته" لتحرق مخزنًا للمفرقعات الناريّة؛ على وقع هدير الطائرات الاسرائيليّة في الأجواء اللبنانيّة.
لذلك كلّه، وحتّى هذه الساعة، تعتبر هذه السلطة المسؤولة الأولى والأخيرة عن أمانة هذا البلد، وهي وحدها المخوّلة إيجاد الحلول للمشاكل التي تعتبر هي أيضًا المسبّب الرّئيسي فيها. وهي المسؤولة أيضًا عن أمن الناس الذي صار سائبًا حيث تحوّلت المنازل الآمنة إلى مخازن للأسلحة. والا ما سبب ظهور العناصر الأمنية التابعة لحزب الله في أمكنة الانفجارات؟ ولماذا يأخذون هواتف الناس الخلويّة؟
من هنا، وعلى ما يبدو أنّ هذه السلطة ستهدر الفرصة الفرنسيّة لعدم استجابتها لطرح الرئيس الفرنسي في ظلّ افتعال أزمات أكثر من دستوريّة، فاقت بطبيعتها الواقعيّة السياسيّة حتى أنّها فاقت السورّيّاليّة. إضافة إلى تعريضها أمن الناس الآمنة دومًا إلى خطر الانفجارات والضربات المنتظرة، حيث بات اللبنانبي، لا سيّما المواطن الجنوبي يترقّب في أيّ لحظة وقوع أيّ انفجار في قريته، أو ربّما تحت بيته لأنّ " معلّم التلحيم" مرّ من هنا. في هذه الحالة، يتمّ إحراج الرئيس المكلّف أكثر فأكثر ليسرع في تقديم تشكيلته الحكوميّة المرتقبة. إلا أنّه لن يستطيع أن يتحمّل نتائج أعمال حزب الله، فقد يكون من الحكمة عنده أن يترك هذه السلطة تتحمّل أوزار هذه الفوضى الأمنيّة.