#الثائر
كتبت فاتن الحاج في الخبار تقول: مع إعلان موعد مبدئي لبدء العام الدراسي، اعتباراً من نهاية أيلول، بدا خيار اعتماد «التعليم المدمج» (يجمع بين التعليم الحضوري والتعليم «أونلاين») الأكثر ترجيحاً، وسط طغيان رغبة أساسية لدى كل مكونات العائلة التربوية (وزارة تربية والمركز التربوي وإدارات المدارس والمعلمين والأهالي) بعدم ضياع عام دراسيّ آخر. لكن الرغبة شيء والعمل على تأمين مقوّمات تحقيقها أمر آخر. فعلى صعيد التعليم الإلكتروني، تبرز تحدّيات الجاهزية التكنولوجية من موارد تربوية رقمية وبرامج ومنصّات وإنترنت وكهرباء، في حين لا تبدو العودة الآمنة صحياً بسبب جائحة كورونا التحدي الوحيد للتعليم الحضوري، لا سيما في المدارس الرسمية، مع غياب تأمين الكتاب المدرسي الوطني. كيف يستعدّ المركز التربوي للبحوث والإنماء ووزارة التربية لمواجهة التحديات في التعليم الإلكتروني والوجاهي على السواء؟ وهل يقوم الطرفان بمسؤولياتهما؟ وهل ستكون الحلول على قدر آمال التلامذة وأهاليهم؟
أقلّ من شهر يفصل عن موعد انطلاقة العام الدراسي الجديد، فيما لا تزال أزمة الكتاب تراوح مكانها، وإن كانت للمركز التربوي للبحوث والإنماء رؤيته واقتراحاته في هذا المجال التي رفعها إلى وزير التربية، بحسب رئيسة المركز بالتكليف (قبل إقالتها أمس) ندى عويجان . وفي تفاصيل الأزمة أنّ المركز أجرى مناقصة «تلزيم إنتاج وطباعة وتوزيع سلاسل الكتاب المدرسي الوطني» مرتين متتاليتين، من دون أن تسفر المناقصتان عن نتيجة إيجابية، بسبب تدنّي سعر الليرة مقابل الدولار . أما التوجّه إلى العقد بالتراضي الذي يسمح به نظام المناقصات في المركز، فلم يؤخذ به هو الآخر، بعدما تبين خلال الاجتماع مع ملتزمي المناقصة الأخيرة، مجتمعين، أنّ التزامهم إنتاج وطباعة وتوزيع سلاسل الكتاب المدرسي الوطني تستوجب شراء مواد أوليّة (مثل الورق والكرتون والحبر والتلزيق) لزوم طباعة هذا الكتاب، وكلّها مواد مستوردة من الخارج، أي مسعّرة بالدولار الأميركي، ما سيؤدّي إلى ارتفاع سعر الكتاب حوالى 10 أضعاف سعره الحالي (أي إن مجموع أسعار الكتب الذي كان يتراوح بين 10 آلاف و75 ألفاً بحسب الصف والفرع، سيتراوح بين 100 ألف و750 ألفاً ما عدا القرطاسية!). هكذا، ربط الملتزمون موافقتهم على التعاقد بالتراضي، كما قالت عويجان، إمّا بدعم الحكومة لمستلزمات المواد الأوليّة (لزوم طباعة الكتاب المدرسي الوطني) ضمن ما سُمّي بالسلّة الغذائيّة، أو زيادة سعر الكتاب نحو عشرة أضعاف، مشيرة إلى أنها أرسلت المحاضر والتقارير ذات الصلة إلى الوزير لتقرير المناسب.
ووفق عويجان، وضع المركز التربوي اقتراحاً تضمّن حلولاً استثنائية من أجل تسيير العام الدراسي بأقل الخسائر، وحدد لكلّ من هذه الحلول إيجابياتها وسلبياتها. فمن حسنات إبرام العقد بالتراضي تأمين الكتب في مطلع العام الدراسي، لكن زيادة سعر الكتاب نحو 10 أضعاف سيضع على عاتق أهالي التلامذة في المدرسة الرسمية أعباءً هائلة لن يقووا على سدادها. أضف إلى ذلك أن مصادر الشركات الملتزمة أوضحت لـ«الأخبار» أن طرح زيادة 10 أضعاف افتراضيّ وقد تكون الزيادة أكبر من ذلك. في المقابل، فإن دعم الكتاب يمكن أن يُبقي سعر الكتاب على ما هو عليه أو زيادته بنسبة مقبولة، إلا أنّه سيكون هناك تأخير بالتلزيم بسبب انتظار صدور قرار عن مجلس الوزراء يقضي بدعم الكتاب ومن ثم إجراء مناقصة جديدة. إلى ذلك، فإنّ وضع الكتب بصيغة الـ pdf على منصّة المركز التربوي DLI من شأنه أن يُسهم في إيصال محتوى الكتاب إلى التلامذة بسرعة مع المحافظة على الملكيّة الفكرية، لكن من سلبيّاته عدم التكافؤ في التوزيع لجهة توافر سرعة الإنترنت والأجهزة الإلكترونية اللازمة (كومبيوتر، جهاز لوحي، خليوي ...) لدى العديد من التلامذة والمعلّمين والأهل.
ومن الحلول الأساسية التي يطرحها المركز التربوي قيام مديري الثانويات والمدارس الرسمية (والخاصّة) باستعادة الكتب من التلامذة وإعادة توزيعها عليهم بحسب الصفوف، ما يؤمّن كمية من الكتب من دون نفقة ويضع الكتاب بين أيدي التلامذة في مطلع العام الدراسي. لكن من سلبيات هذا الإجراء أيضاً، وفق المركز، عدم تجاوب بعض التلامذة بإعادة الكتب، ما يعني تأمين الكتاب بصورة جزئية.
مع ذلك، رأى المركز أنّ هناك حلولاً داعمة منها أنّه يوجد لدى الملتزمين السابقين عدد محدود من عناوين الكتب يمكن شراؤها والاستعانة بها، كما يوجد في مستودع المركز التربوي عدد من عناوين الكتب «غير مخصّص للبيع» بكمية محدودة يمكن الاستعانة بها أيضاً حيث يلزم. ويوجد أيضاً في بعض المكتبات كميّات قليلة من الكتاب المدرسي الوطني.
الخيار الأنسب بالنسبة إلى المركز اعتماد أكثر من حلّ سويّاً بما يؤمّن إيصال محتوى الكتاب إلى الجميع من خلال تكافؤ التوزيع بين الكتاب الرقمي للذين يتوافر لديهم الانترنت والتجهيزات اللازمة، والورقي للذين لا يتوافر لديهم الإنترنت والتجهيزات اللازمة بأسرع وقت وبأقلّ كلفة ممكنة، آخذين في الاعتبار حسنات كلّ من هذه الحلول وسلبيّاته.
ورغم الاتصال مراراً بوزير التربية طارق المجذوب، لم تستطِع «الأخبار» الحصول على توجّهات الوزارة في ما يتعلق بتأمين مقوّمات «التعليم المدمج» سواء بالنسبة إلى الكتاب المدرسي أو الموارد التربوية الرقمية والمنصّة الإلكترونية والبرامج التي ستتبع وإمكانية تأمين الإنترنت مجّاناً للطلاب بالتنسيق مع وزارة الاتصالات و«أوجيرو»، وما إذا كانت الوزارة جاهزة لهذا التعاون. علماً أن الوزير أطلق نداء استغاثة للجهات المانحة لتأمين الأجهزة الإلكترونية لجميع الطلاب.
اليونسكو: الدعم للوزارة
وكانت وزارة التربية أوكلت لمنظمة اليونسكو دور قيادة وتنسيق جهود جميع الأطراف (ممولّين، وكالات أمم متحدة، جهات رسمية وخاصة) لإعادة تأهيل المدارس المتضررة من انفجار مرفأ بيروت وإعادة فتحها بأسرع وقت لضمان استمرار التعليم. ونفى مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في الدول العربية، حمد الهمامي، لـ «الأخبار» أن تكون التكلفة الإجمالية لعملية إعادة الإعمار/التأهيل، قد حُددت حتى الآن. وبالنسبة إلى آلية الدعم، أكد أن المساعدة ستصل مباشرة إلى الوزارة وتقوم اليونسكو بمراقبة عملية الإعمار. وفي حال لم يتم ترميم جميع المدارس قبل بداية العام الدراسي الجديد، و/أو تفشّى وباء كورونا أكثر، ستقوم اليونسكو، بحسب الهمامي، بمساعدة الوزارة وتعزيز قدراتها لتطوير برامج التعليم عن بُعد/عبر الإنترنت. ووفق الهمامي، ينقسم دعم اليونسكو إلى جزءين: جزء يهدف إلى تسهيل وصول جميع الطلاب إلى التعليم عن بعد، من خلال تقديم موادّ تعليمية رقمية مجانية وأدوات تعليمية للطلاب (أجهزة إلكترونية). والجزء الثاني يهدف إلى ضمان جودة التعليم عن بُعد من خلال تقديم الدعم التقني والفني لواضعي السياسات التربوية ومطوّري المناهج والمعلمين لتطوير برامج التعليم عن بُعد (تطوير برامج تعليمية مسرعّة).
أوجيرو: لا تواصلَ مع «التربية»
في سياق متصل، أبدى المدير العام لهيئة «أوجيرو» عماد كريدية استعداد الهيئة لتقديم المساعدة التقنية خصوصاً من خلال توفير منصة «google classroom» (وهي منصة مجانية ولاستخدامها يجب فقط أن يكون للمستخدم حساب غوغل، ومن خلاله يمكن إنشاء عدة صفوف ودعوة الطلاب للانضمام ومشاركة الدروس والأنشطة والامتحانات عليها). كريدية أكد أن مشكلة سرعة الإنترنت ستحصل فقط في الأماكن البعيدة، مؤكّداً أنّ قرار تأمين الإنترنت للطلاب مجّاناً يتعلّق بوزير الاتصالات. وأوضح أن «التواصل حالياً مقطوع مع وزارة التربية، رغم أن اجتماعات عدة عُقدت في هذا الإطار. ولا نعرف ما إذا كانت الوزارة لا تزال مهتمة بالأمر، خصوصاً بعد استقالة الحكومة، في حين أنّ الملف لا يحتمل أيّ «استلشاء» ويجب أن يبقى على نار حامية، من أجل مستقبل التلامذة».