#الثائر
- " جورج غانم "
كمن يُقلب كتاب بين يديه، نطوي صفحات العمر وننتظر المستقبل في الصفحة التالية. خمسون سنة مرت علينا في هذا البلد وهو يتنقل من أزمة الى أزمة من دون أفق ولم يتعلم مسؤولوه القراءة لا بين السطور، ولا في السطور عينها.
فإلى متى أيها السادة تستمرون بالتناحر فيما بينكم، وبالخلافات على حصصكم، والخارج بدوله يسخر منكم ويستغل خلافاتكم، ألم يحن الوقت بعد لتتعلموا وتتعظوا؟
طوال العقود الماضية والشعب يئن ويتعذب، ويتحمل راجياً اليوم ليتمكن فيه من كتم غيظه منكم، من مسؤولين:
• لا يعرفون أدنى قيم المسؤولية وواجباتها.
• لا يعملون لصالح لبنان بل لمصالحهم.
• لا يهمهم عدد الجنازات ولا أعداد المقهورين.
عشرة أيام مرت على المأساة، جهدت خلالها دول العالم مع رؤسائها وشعوبها على مساعدة ومؤاساة شعب لبنان الجريح، الغارق في الظلمة والدمار والموت والفساد، فيما مسؤولي لبنان المؤتمنين عليه وعلى ابنائه غائبين عن الوعي، يتناحرون على الراكز والفرص السانحة للكسب والربح بدلاً من الانكباب على العمل الدؤوب المتواصل في الليل قبل النهار لانقاذ ما يجب انقاذ وليس ما يمكن انقاذه، بل هنا عليهم القيام بالمستحيل لأنه يمكننا، وليس أقل من ذلك إذا تضافرت الجهود وصفت النوايا.
ألا تشعروا بالخجل من قدوم العالم إليكم وأنتم نيام، غافلون لا تعملون بل تتصارعون على نهش جثث المواطنين وتتسابقون على شراء بيوت من كانوا يتمسكون بها لتبقيهم في لبنان.
لن أنادي أو أتوجه لأي منكم، لأنكم بالحقيقة أموات لا حياة فيكم ولاحياء. بل سأنادي أخوةً لي وأهل وطني وأدعوهم للنهوض لا أسطورياً كالفينيق ولا قصائداً كابطال، بل كأناس بسطاء مجروحين، طالباً منهم أن يتمتعوا بحكمة الحيات، أي أن نعض على جرحنا ولا نجعل أي نقطة دم تنزف منه حتى لا يتهافت النمل علينا فيلتهمنا أحياء.
قوموا، قفوا على أقدامكم واتكئوا على أكتاف بعضكم بعضًا، اشبكوا أيديكم واتكلوا على سواعدكم وابدأوا بالعمران ولا فضل لأحدكم على أخيه سوى بلبنانيته ووطنيته فقط.
• ابنوا لبنان على أساس الحقيقة فتتحررون وتحرروا البقية.
• ابنوا لبنان على ركائز المحبة فتغفرون وتنالوا الغفزان.
• ابنوا لبنان على دعائم الايمان فلا تتزعزعون وتثبتوا الآخرين.
• ابنوا لبنان على اعمدة الرجاء فلا يخيب ظنكم ولا ظن الانسانية.
• ابنوا لبنان لا قولاً بل فعلاً وعملاً من خلال السعي لأقرار قانون انتخابي عادل بالحقيقة يجسّد حقيقة المناصفة الميثاقيّة.
• ابنوا لبنان لا قولاً بل جهداً يلامس المستحيل في إصلاح النفوس قبل النصوص.
• ابنوا لبنان لا قولاً بل بعزيمة تخرق الضغف المعشش لأعمار ما تهدم على أسس صلبة وحديثة تحافظ بالوقت عينه على تراث وفن الاجداد.
يا أبناء أمّتي
توقّفوا عن شتم بعضكم بعضًا، وابدأوا صلوات صامتة خاشعة في نفوسكم،
واقرنوها بأعمال تشد الحيل والقوة فتخلصوا أنفسكم وتنقذوا الوطن.
توقّفوا عن الصراخ وتبادل الاتهامات ورافقوا الشهداء والمفقودين بصمت المتوكل على الله فترتفع مكانتهم مهابة وسطوة على جلاديهم، علها تصحّي الضمائر من سباتها.
ألا تقبّلتم اعتذاري واعتذار أبناء جيلي ومن سبقنا من الاجيال على عدم تحملنا مسؤولية الاختيار الصحيح يوم الاقتراع،لأنّنا اخترنا هذه الجماعة الحاكمة التي اوصلت البلد الى هذا الدرك. لم نتعلم على مرّ تلك السنين من أخطائنا وضيق آفاقنا وتعصبنا لزعماء لا يستحقون، فنعترف أنّنا لم نكن أذكياء ولا عباقرة لاننا لم نتعلم من أخطائنا أو أخطاء أسلافنا.
تعلموا جيداً كيفية الاختيار، وإلا عليكم وعلى لبنان وعلى الدنيا السلام.