#الثائر
- " الهام سعيد فريجة "
نحن شعبٌ مناضلٌ عنيدٌ جبارٌ... وسينتصر.
لقد اكتوينا سابقاً، ولم نزل، بـ"أطياف" السرقة والسارقين، والنهب والناهبين، والفساد والفاسدين، والسمسراتِ والتعهدات والاتصالات والتلزيمات والدراسات والمناقصات.
كل قواميس الشرِّ والفسادِ لا تكفي لوصفِ حالنا. وجاءنا "بومُ" السرقة، سرقةُ شعبٍ بكاملهِ، استمرت على مدى سنواتٍ وسنوات.
لكن شعبنا العنيد انتفض. طالب بحقوقهِ التي انعدمت في كل المجالات: الصناعة والتجارة والسياحة والأعمال. وصارت إدارة المؤسسات والمصانع والشركات من رابعِ المستحيلات.
وتحت تأثيرِ الغضبِ الشعبي العارم في ما سمِّي ثورة 17 تشرين، تلقائياً استقالت الحكومةُ السابقة.
***
بعد ذلك، حامت حولنا "أطيافٌ من بومٍ وغربانٍ"، مدَّعينَ انهم آخرُ فلاسفةِ العصر. لكنهم ربما يفهمون بكل شيءٍ، الاّ بقيادةِ إدارات الدول الحديثةِ المتقدمةِ وتحديثها.
هَبّوا علينا ليلاً ونهاراً، شمالاً ويميناً، ضائعين، يتخبطون في ما بينهم،
لكنهم كانوا عاجزين عن حكمِ شعبٍ عظيمٍ، كريمٍ، متجذرٍ مع الأرز، عمره 100 عام من تاريخ رجالٍ كبار عروبيين وطنيين، امثال الرئيس اللواء فؤاد شهاب الذي لا يزالُ القدوةَ ،فهو بنى دولة مؤسساتٍ عابرةً للطوائف، الى ان نخر الفسادُ والهدرُ فيها حتى كادت ان تضمحل.
هَبّوا علينا زرافاتٍ ووحداناً وتوزَّعوا وتكاثروا: كلُّ بومٍ بعشيرتهِ عشرون، وكلُّ غرابِ بعشيرتهِ اربعون.
وأما صَيدُهم فكان من سابعِ المستحيلات.
طيْفُهم هو سببُ الاهمالِ والفراغ والعجز والفشل. وهذا ما قاد الى احتراقِ عاصمةِ الشرق بيروت وتدميرها.
هرول قادةُ العالم بأسرهِ عندما رأوا المشاهد المروّعة المرعبة، والفيديوهات التي تُبْكي وتَفْطرُ قلب الحجر، وحضروا الى بيروت وحضر العرب والغرب والشرق اليها… كل هذا كي يرحل عَنا "طيفُ البومِ" والشؤمِ.
***
يا أهالي بيروت الحبيبة المنكوبة الصامدين المجروحين، الموجوعين.
قولوا مرَّ علينا "رفُ طيورِ البوم"، ورحل، وأخذ معه نعيقَ الغربانِ مع كل هذا الدمار والقهر والقتل والتشريد والتشويه، ولا يزال هناك مفقودون.
قصصٌ مروّعةٌ تُحكى عن عائلاتٍ رُميت من قوة الانفجار من الطوابق العالية خارج منازلها.
قصصٌ تَحكي كيف سقط معظمُ الشهداء ضحايا زجاجِ منازلهم، وحيث يعاني أكثر من 5 آلاف جريح في المستشفيات، نتيجة الزجاج الذي مزَّق أجسادهم.
***
بعد 6 أشهر مريرةٍ، قاسيةٍ فارغةٍ متفلسفة، متشبثة بفكرِ العدمِ والفراغ والإهمال، ورفرفة مواقع ومراكز والكراسي الباهتة ، والمواكب الطنانة.
ها إنهم يرحلون.
لقد ظنّوا أن كل من طارَ يمتلكُ أجنحةً تحميه من محاكمِ العدلِ الآتيةِ...
ولكن، رحل عنا "طيفُ البومِ"…
وأخيراً رحل…