#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
غبطةُ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في دائرةِ الضوء وفي عينِ العاصفة في آنٍ واحدٍ ...
منذ أسبوعين بدأت عظاتهُ تأخذُ طابعاً مدوِّياً لجهة الخيارات الإستراتيجية التي يجب ان ينتهجها لبنان،وهذه الخيارات لم يكن للبطريرك الراعي أن يتخذها لولا أنه ادرك أن الإهتراء والأنهيار بلغا حداً خطيراً جداً جداً ولم تعد تنفع معه "المراهِم والمسكِّنات" إذ ثبت أن لا إعادةَ ضخ الحياةِ في الجسم اللبناني لن تكون ماليةً ونقديةً وإصلاحيةً فقط بل إن الأولوية هي للخيارات السياسية للبلد،بمعنى آخر سيقول لنا مَن بيدهم القرار:
حددوا خياراتكم قبل ان تطلبوا المساعدة.
أي ان خياراتكم يجب الا تتعارضَ مع خيارات مَن سيقدِّم المساعدة .
هل هناك أوضحٌ من ذلك؟
***
البطريرك الراعي إلتقط كرة النارِ في اللحظة الحساسة والدقيقة من تاريخ لبنان، ولهذا بدأ عملية رفعِ وتيرةِ الصوت،ويبدو ان هذه الوتيرةَ سترتفعُ أكثرَ فأكثرَ في المرحلةِ القريبة المقبلة بالتزامن مع جملةِ محطاتٍ واستحقاقاتٍ داهمة،ولعل أبرزها زيارة وزير الخارجية الفرنسي أيف لودريان إلى بيروت اواخر هذا الاسبوع.
ويُذكَر ان لودريان فجَّر الاسبوع الفائت قنبلةً في مجلس النواب الفرنسي تتعلقُ بلبنان،فماذا في جعبتهِ حين سيصل إلى بيروت أواخر هذا الأسبوع؟
التحضير لوصول لودريان،على مستوى بكركي، جاء من خلال عظتين متلاحقتين تُشكلان وثيقةً عن الوضع الراهن، ومما جاء في إحدى هاتين الوثيقتين :
" كم كان مُعبِّراً هذا التَّأييدُ الكبير لموضوع الحياد،من مرجعيَّاتٍ وقياداتٍ وأحزابٍ وشخصيَّاتٍ وشعب،من مختلف الطَّوائف والمواقع،فمنهم مَن أمَّ الصَّرح البطريركيَّ، ومَنِ اتَّصلَ،ومَن كتَبَ،ومَن علَّقَ في الصُّحُف ووسائل الإعلام ومواقع التَّواصل الاجتماعيّ.
أنَّ اللُّبنانيِّين يُريدون الخروج من معاناة التَّفرُّد والجمود والإهمال.يُريدون شركةً ومحبَّة للعمل معاً من أجل انقاذ لبنان وأجيالهِ الطَّالعة.
يُريدون مواقف جريئةً تُخلِّصُ البلاد، لا تصفية حسابات صغيرة.
يُريدون دولةً حُرَّةً تَنطِق باسم الشَّعب،وتعود اليه في القرارات المصيريَّة،
لا دولةً تتنازل عن قرارها وسيادتها أكان تجاه الدَّاخل أم تجاه الخارج.
ويَرفُضون أن تعبثَ أيَّةُ أكثريَّةٍ شعبيَّةٍ أو نيابيَّةِ بالدّستور والميثاق والقانون، وبنموذج لبنان الحضاريّ،وأن تعزله عن أشقَّائه وأصدقائه مِن الدُّوَل والشُّعُوب، وأن تنقلَه من وفرة إلى عوز، ومِن ازدهارٍ الى تراجُعٍ، مِن رُقيٍّ إلى تخلُّف. "
***
كل كلمةٍ وكل جملةٍ وكل فقرةٍ تستحقُ أن يوضَع تحتها خطٌّ أحمر بسبب اهميتها وحيويتها .
ولكن بمحبةٍ،وقبل كل هذه الإستراتيجيات،
الناسُ يريدون أن يعرفوا غدهم،
يريدون ان يطمئنوا إلى حاضرِ ابنائهم ومستقبلهم، يريدون الا يجوعوا،
وبعد ذلك أنجزوا استراتيجياتٍ قدْرَ ما تشاؤون .