#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
لبنان الوطن الذي لا بديل منه وعنه، عاد وبعد حرب طويلة تدميرية أهلية،ادت الى 100 الف قتيل وهجرة من كل الطوائف وتشرذم، وبعد 16 عاما عدنا الى منطق الوحدة الوطنية والعيش المشترك حيث لا وجود للبنان الا بهذا المنطق.
واكملنا بسرعةٍ الى روحِ الحياة والديناميكية بكل قطاعاتها للبنانيين المعروفين بقوةِ تحملهم والنبض بشرايينهم لكن السلطة السياسية التي حكمت منذ انتهاء الحرب، الى 17 تشرين 2019، استباحت كل انواعِ الهدرِ والفسادِ غير مباليةٍ بالغد... وأتى الغد...
الدولةُ الان،عدا عن الإفلاس، إنشطر "بفضلها" الوطن الى شطرين وطبعا بالسياسة : شطرٌ في المحور الايراني السوري الصيني ، وشطرٌ في المحور الآخر الاميركي السعودي الاوروبي .
***
لكن الجامع المشترك ان شعبَ كلا المحورين يلتهمهُ الجوعُ والفقرُ والاقفالُ والبطالةُ وهموم المدارسِ والجامعات.
كانت اللحمةُ السياسية عندما كان الفريقان في حكومات المحاصصة، نجحوا بالحد الادنى من التفاهم ، لكن بالحد الاقصى أُفرغت خزائن الدولة:من المالِ الى تحميل الادارات بالوظائف، ويسودُ شعورٌ بأن الحرب الاهلية على الابواب وبالله عليكم على ماذا؟
لكنه شعورٌ ليس في محلهِ، فمَن سيُحارب مَن؟
هل هي "حربُ الجائعِ على الجائعِ"؟
هل جوعُ إبنِ عين الرمانةِ مختلفٌ عن جوعِ ابن الشياح ؟
أليس كيلو اللحمة في عين الرمانة، والذي يفوق المئة الف ليرة، هو ذاته كيلو اللحمة في الشياح بمئة الف ليرة ؟ " كَبِّروا عقلكم":الحربُ الاهلية ليست فقط قراراً بل إمكاناتٍ، فهذا الذي سيحملُ بندقيةً، مَن سيوفِّر لعائلتهِ ربطةَ الخبز واشتراك المولِّد وكارت التلفون وحليب الاطفال؟
حين اندلعت الحربُ الأهلية في لبنان كان الدولار الاميركي بأقل من ليرتين، اليوم لامس العشرة آلاف ليرة .
حين اندلعتِ الحربُ كانت الكهرباء 24 ساعة على 24،وكان لبنان يبيعُ كهرباءً إلى سوريا.
حين اندلعت الحربُ كانت البركةُ موجودةً وكانت البيوت مكدسة بالمواد الغذائية .
اليوم عن أيٍ حرب تتحدثون؟
عن حربٍ فيها الدولار لامس العشرة آلاف ليرة، والكهرباء مقطوعة والمواطن يفتشُ عن لقمةِ عيشهِ "بالغلا والكوى" .
عن حربِ معظم المدارس الخاصة ستقفلُ والمدارس الرسمية عاجزة عن استيعاب كل الطلاب ؟
أوقفوا التهويل والتنظير !
***
لكن ما هو اسوأ من الحرب،هو العنادُ والتمسكُ بالسلطةِ :
رئيس الحكومةِ صرّح جهاراً نهاراً: لن أستقيلَ... ومعه الأكثرية،
بينما الفريقُ الآخر يريد استقالتهُ.
اما الشعبُ فهو يرفضُ الجميع ومن كل الطبقة السياسية .
الشعبُ يريدُ لبنان الجديد بوجوهٍ شابةٍ لامعة بالولاءِ والانتماءِ للوطن لبنان لا لسواه.
القسمُ الاكبرُ من الشعب " رايح فرق عملة" بين الافرقاء السياسيين وحاول بثورة 17 تشرين ان يغير الوضع لكن الاقوى احبط الثورة، اليوم هناك مَن يسأل من الفريق الآخر:ماذا فعلت اميركا الدولة العظمى سوى خنقِ البلد بشتى الطرق من اجل سحب سلاح الفريق الآخر.؟ وماذا لو استغرق الامرُ سنواتٍ؟ ماذا يفعل الشعبُ المحايد من أجل تأمين لقمة عيشهِ؟ هل يدركون ان الشعب الجائع هو الذي اصبح الاكثرية؟
***
الشعبُ ليس امامه الاّ الهجرة اذا استطاع ولا يستطيع.
العيشُ في الوطن أصبح في ذلٍ،جوعٍ، فقرٍ،قهرٍ،انتحار..
ولا املَ امام الشعبِ في الوقتِ الحاضرِ الا بالتسليم بما كُتب له،في هذه المرحلة القصيرة بإذن الله.