#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
في 17 تشرين، نزل مليونان من الشعب اللبناني الأصيل إلى الشوارع والساحات.
كانت وحدتهم الشعارات المعيشية المؤلمة والقاهرة والجوع والعوَز والاقتصاد على حد الافلاس .
لكن ثورة الشعبِ المليونيِ اللبناني الأصيل قُمِعت ولم تُحقق أهدافها.
ومنذ شباط، جاء خوفٌ آخر، خوفٌ من "الكورونا"، فتراجع الشعبُ إلى داخل الجدران المقفلة.
واليوم يعود شعب الثورة، مع ان قسماً منه فضل الانتظار، اذ الوقتُ طويل ولا يريدون استنزاف المواطن المتعب اصلاً.
وهنا، علينا أن نصارح الشعب الأصيل، كما عوَّدنا القارئ، ونقول الأشياء كما هي. والهاجس دائماً هو الحرص على البلد وسلمه الأهلي.
***
الثوار الذين ينزلون اليوم إلى الشارع سيرفعون شعار: عبثاً تبحثونَ عن حلولٍ للانهيار الاقتصادي. فالمشكلةُ في مكانٍ آخر، في السياسة.
في تقديرهم، على حكومة اللون الواحد العاجزة أن تضع الإصبعَ على عمقِ المشكلة، أي على سلاح المقاومة.
وفي نظرهم أن تحقيق هذا الشرط سيتكفّل بالمساواة بين المواطنين، وبانتخابات تُنتِج مجلساً نيابياً متحرراً من أي ضغط، وحكومة متحرّرة ، التي تمسك اليوم بزمام السلطة.
***
بالتأكيد،المقلب الآخر سيرفض هذا الطرح، لكنه لن ينزل إلى الشارع ولن يضعَ نفسه في مواجهة الشعب الثائر.
الأرجح أن المعادلة التي ستتحكم باللعبة ستكون:
أنتم قولوا ما تريدونه في الشارع، ونحن نفعل ما نريدهُ على أرض الواقع.
إنها معادلةُ "السلبيتينِ اللتين لا تبنيانِ وطناً"، كما قال جورج نقاش ذات يوم.
***
في الشوارع والساحات، ستكونُ الأعصابُ مشدودةً جداً هذه المرّة. لكن الضغط الحقيقي على الأعصابِ آتٍ من مكان آخر.
إننا على مسافة أيام من بدء تطبيق الأميركيين "قانون قيصر"،وهذا القانون يعنينا كلبنانيين ويطالنا، كما يعني السوريين ويطالهم.
وفوق ذلك، كيف نتجاهل مغزى قيام العدو الإسرائيلي بطلعاتٍ فوق أرضنا في مرجعيون وسائر الجنوب لاستهداف المواقع داخل سوريا؟
هل نريدُ أدلّةٍ إضافية على أننا جزءٌ من ساحةِ الضغط الإقليمي ولو حاولنا إقناع أنفسنا بخلاف ذلك؟
***
قبل اليوم، طُرحت مراراً مسألةُ نزع السلاح، ودارت حولها المعاركُ السياسية في الداخل والخارج.
وسط كل ذلك، "قيصر العالم" الأميركي منشغلٌ بحالهِ، وضائعٌ بين ثلاثة ملفاتٍ شائكةٍ:
- الكورونا
- والاضطرابات العرقية
- والتحضير للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني.
إنه صيفٌ أميركي حارّ. وخلاله سيجهد الرئيس دونالد ترامب لتأمين الفوز في المعركة. ومعه العالم مخطوفُ الأنفاس وواقفٌ "على أعصابهِ".
***
إننا بكلِ أمانةٍ سنعاني أشهراً بالغةَ السخونة.
وخلالها ماذا سيجري عندنا في لبنان، حيث زمن الجوعِ والوجع نقيسهُ بالساعات والدقائق فكيف اذا كان باسابيعَ وشهورٍ!
مليون عاطل عن العمل، وفراغٌ غير مسبوقٍ في كل شيء…
فراغٌ في الدولة، وفراغٌ في الحكومة والمسؤولية، وفراغٌ في الانسانيةِ والرحمة داخل قلوب الكثير من القيّمين على شؤوننا!
وإذا لم تكن استعادةُ الأموالِ المنهوبة جزءاً من الـــ97% التي لم ندرك لغاية اليوم علامَ التغني بانجازاتٍ غير مرئيةٍ ، في حكومةِ دولة الرئيس الاكاديمي؟
***
"مِن الآخِر"… وبكل صراحةٍ امامنا أشهرٌ طوالٌ وشدُ حبالٍ .
وكل الشعب اللبناني الأصيل لم يعد يتحمل..
والى ذلك الحين، "يا مين يعيش"!
-------------------------------------------------------------