#الثائر
---خاص الثائر--- محرر الشؤون المحلية
بعناية اختار رئيس الحكومة الدكتزر حسان دياب كلماته، وفي خطابٍ مكتوب ومُعدٍّ سلفاً، شنَّ هجوماً على حاكم المصرف المركزي، وحمّله مسؤولية تدهور سعر صرف الليرة الأخير، واتّهمه ضمنياً بالعمل على إسقاط الحكومة مع جماعة المتربصين بها. ولم يكتفِ دياب بذلك، بل هدد بأن الحكومة لن تتهاون في محاسبة الذين يتلاعبون بالدولار ويفتعلون الأزمة المالية، خاتماً "أنهم لا يعلمون أي منقلب ينقلبون".
لم يُجب دياب على أي سؤال للصحفيين، خشية الإنزلاق فيما لا تُحمد عُقباه. لكنه فجّر قنبلةً عندما عدد الفجوات في مصرف لبنان وقال: أن خسائره هذه السنة بلغت 3 مليار دولار، وأنّه في كانون الثاني وشباط الماضيين تم تحويل 5,7 مليار دولار من المصارف اللبنانية إلى الخارج، في الوقت الذي يُمنع فيه على المودعين العاديين سحب أكثر من الف دولار شهرياً من حساباتهم. فكيف حصل ذلك؟ ولماذا لم يمنع المركزي هذه التحويلات المخالفة لقراره؟
المادة 19 من قانون النقد والتسليف، عددت الحالات التي يُمكن فيها إقالة حاكم المصرف المركزي، ومن بينها الإخلال بواجبات وظيفته وفقاً لما عناه قانون العقوبات. وهذا يفسح المجال للحكومة لإيجاد التبرير القانوني لإقالة رياض سلامة فيما لو أرادت ذلك، لكنها هل هي قادرة على ذلك في لعبة التوازنات السياسية؟
يتمتع سلامة بدعم شريحة واسعة، محلية ودولية، ولقد تعالت الأصوات المطالبة بحمايته، وعدم تحميله مسؤولية ما حصل من تدهور مالي. فهل من رفض إغضاب الأمريكي في قضية العميل فاخوري، سيفعل ذلك بإقالة سلامة؟
لا يُمكن الإتفاق بين القوى السياسية في لبنان اليوم، على حكومة جديدة. ولهذا السبب يتريث الجميع في المغامرة بإسقاط حكومة دياب، ولن تتم إقالة سلامة طبعاً، وبالنتيجة ستستمر الحرب بين رئيس الحكومة وحاكم المركزي .
وحتى تحزم الحكومة أمرها، باستعمال صلاحياتها وملاحقة وتوقيف المتورطين في لعبة الدولار اليوم، سيبقى اللبنانيون يدفعون الثمن من جيوبهم وحياتهم، وسيستمر الدولار مفقوداً من الأسواق، ويرتفع سعره كل يوم .
وحتى تُخرج الحكومة خطتها المالية، ويتم الأتفاق بين الجميع على الحل وإنهاء هذه الحرب، لا يُمكن لأحد التنبّؤ متى سيتوقف مسلسل الإفقار والتلاعب بالدولار والمواطنين.