تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كتب رئيس تحرير موقع "الثائر" اكرم كمال سريوي -
في 3 يناير عام 1938 بدأ بث القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية BBC، وعلى مدى ثمانين عاماً، انتظر الجمهور العربي مع كل صباح، دقات بيغ بن وسماع صوت "هنا لندن".
لعبت تلك الإذاعة دوراً هاماً في بلورة الرأي العام العربي، وساهمت بشكل ايجابي في تثقيف المواطن العربي، ولكن لا أحد يُصدّق أن بريطانيا أنشأت الإذاعة لخدمة العرب، وجميعنا نعلم أنها كانت لخدمة المصالح البريطانية بالدرجة الاولى، في كل انحاء الوطن العربي.
أدرك الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الامريكية، أهمية الإعلام، ليس فقط في بلورة الرأي العام، بل كسلاح ناعم قادر على اسقاط عروش وممالك، وإحداث البلبلة والاضطرابات والثورات، ودعم اقتصاد وهدم اقتصاد آخر، ومحو ثقافة وخلق ثقافة بديلة.
هكذا سقط الاتحاد السوفياتي بسيف الإعلام، دون إطلاق رصاصة واحدة من الغرب.
وهكذا انهارت أنظمة عديدة، وتم تزوير التاريخ، وتشويه الكثير من الحقائق.
وأقنعت إسرائيل شعوب العالم، بأحقية اليهود في أرض فلسطين، وأنها أرض بلا شعب، ويجب طرد بعض العرب الفلسطينيين منها.
فبات الغزاة الصهاينة، في نظر العالم، هم أصحاب الأرض، والفلسطينيون غزاة محتلين لفلسطين.
أصدر الفاتيكان الشهر الماضي بياناً، نفى فيه الادعاءات الاسرائيلية، وأكد أنه لا يحق لليهود الاستناد إلى بعض ما ورد في الكتاب المقدس، لتبرير احتلالهم لفلسطين، وطرد الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه الأرض منذ أكثر من 1600 عام.
تجاهلت معظم وسائل الإعلام الغربية بيان الفاتيكان، كما تجاهلوا توصية محكمة العدل الدولية، التي وصفت الوجود الإسرائيلي في فلسطين بالاحتلال، وأكّدت أن سلطات الاحتلال، انتهكت القوانين الدولية، ولا تقوم بواجباتها القانونية كسلطة احتلال.
الفرق كبير طبعاً بين روسيا، التي كشفت عن مؤامرة "سايكس بيكو"، ودعمت وما زالت تدعم القضايا العربية، وبريطانيا "وعد بلفور" التي أنشأت إسرائيل، وقسّمت وتقاسمت مع فرنسا المنطقة العربية، وأورثتها أزمات وحروب لا تنتهي.
يساهم الاعلام الغربي في تسويق الأكاذيب والأضاليل الإسرائيلية، وتصوير إسرائيل بأنها مُعتدى عليها، ومن حقها الدفاع عن نفسها، ويجب عليهم مساندتها، وأنها تخوض حرباً دفاعاً عن الحضارة في مواجهة محور الشر والإرهاب.
لقد بات من وجهة نظر الغرب، قتل آلاف الأطفال والمدنيين، وقصف المدارس والمستشفيات، وتعذيب الأسرى حتى الموت، وقتل مليوني فلسطيني جوعاً وعطشاً وبرداً، عملاً مبرراً ولا ينافي حقوق الإنسان، بل عملاً أخلاقياً وفق تصريحات الوزير الإسرائيلي بن غفير.
الغرب الحريص على الحرية، ومنارة الديمقراطية وِفق ادعاءاته، منع بث قناة RT وأغلق مكاتبها، لأنه لا يريد لها أن تكشف الحقيقة أمام المواطن الأمريكي والأوروبي.
لم ينجح العرب ولا السوفيات ولا الروس من بعدهم، في الدفاع عن وجهة نظرهم، والغرب ينظر إليهم كشعوب بربرية، ولا تقلُّ الروسافوبيا انتشاراً، عن الإسلامفوبيا في أوروبا والولايات المتحدة الامريكية.
واليوم أضاف الغرب صفة جديدة، ألصقها بالعرب والروس والافارقة و المسلمين معاً، فبات كل من يعادي أمريكا إرهابياً، يجب قتله والقضاء عليه.
هكذا تم تبرير الحرب على صدام حسين، والقذافي، وسوريا وإيران، وبنفس الطريقة اليوم يريدون هزيمة روسيا، وبعدها سيأتي دور الصين.
لا يملك العرب قنوات فضائية ناطقة بالعبرية، والمستوطن الاسرائيلي لا يسمع سوى ما تقوله له وسائل الإعلام العبرية، أو تلك الوسائل الغربية المنسجمة مع الدعاية الإسرائيلية.
تتفوق إسرائيل على العرب ومحور المقاومة بأحدث الأسلحة والذخائر، التي يُزوّدها بها الغرب وأيضاً تتفوق عليهم في معركة الوعي والإعلام، وتنجح في قلب الحقائق، وتثبيط العزائم، وبث الشائعات وروح التفرقة والعنصرية والخلاف بينهم.
لا أحد ينسى كيف بكت مذيعة RT ياسمين موسوس على الهواء مباشرة، عندما استمعت إلى قصة حزينة من غزة، رواها المراسل سائد السويركي، ولا احد يشك في أخلاقيات وإنسانية مذيعي قناة RT، وتعاطفهم مع الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية عامة.
يوجد قنوات عديدة ناطقة بالعربية، وبعضها يدور في الفلك الاميركي، ويتخذ موقفاً معادياً لروسيا، ولا يتوانى عن بث الدعاية الغربية، لكن بالرغم من ذلك، فنادراً ما تفتح هذه القنوات الهواء للمحللين الاسرائيليين، لبث أكاذيبهم، ونشر سمومهم والترويج الدعائي لسياسات إسرائيل العدوانية.
من حق قناة RT أن تختار ضيوفها كما تشاء، ومن حقها أن تقاطع من تشاء منهم.
ولكن ليس من العدل أن تتحول إلى نافذة يومية للمحللين الاسرائيليين العنصريين، يطلون من خلالها على كل بيت عربي.
ليس كل العرب يهتمون لما يُعرض على الإعلام، وقد لا يجرؤ البعض على قول حقيقة والمجاهرة بما يفكّر ويشعر، لكن لا شك أن هناك جمهوراً عربياً واسعاً يتابع ويهتم، خاصة بكل ما يتعلق بروسيا.
فهل علينا كعرب، أن نختار بين التخلي عن مشاهدة قناة نحبها، أو القبول بسماع خطاب الكراهية الإسرائيلي، مراراً وتكراراً عبر غالبية نشرات الأخبار والبرامج السياسية؟؟؟
إذا افتتح العرب قناة فضائية تبث باللغة العبرية، فمن المؤكد أن إسرائيل وكل دول الغرب سيقومون بحظرها.
وحتى اذا افتتحت روسيا قناة عبرية، وسمحت للمحللين العرب بمخاطبة الإسرائيليين باللغة العبرية، سيتم حظرها حتماً من قبل إسرائيل وكل دول الغرب.
عندما نقلت روسيا أطفالاً من الدونباس، من ساحة المعركة، للاهتمام بهم وتربيتهم وتعليمهم، دعم كل الغرب المحكمة الجنائية الدولية، وضغط عليها حتى أصدرت قراراً باعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
أما عندما طلب المدعي العام كريم خان من المحكمة، إصدار قرار باعتقال مجرمي الحرب؛ نتنياهو، وغالانت، المسؤولين عن قتل أكثر من 15 الف طفل فلسطيني في غزة، خرج اعضاء الكونغرس الامريكي، وهددوا علناً، بمعاقبة قضاة المحكمة، وقالوا: أن هذه المحاكم مخصصة لمحاكمة العرب والأفارقة والروس، ولا يحق لها بمحاكمة الأمريكين، أو من هم تحت الحماية الأمريكية.
وحتى اليوم لم تُصدر المحكمة قراراً بتوقيف المجرمين الإسرائيليين.
هذه هي العدالة والحرية وحقوق الإنسان، بالمفهوم الأمريكي الإسرائيلي، الذي تدعمه دول أوروبا.
فهل هناك من عاقل، وما زال ُيصدّق أكاذيب الغرب عن تلك القيم؟؟؟
في عام 1991 تخرجت من اكاديمية عسكرية سوفياتية، ونلت عدة أوسمة، من بينها وسام الصداقة للشعوب السوفياتية، وما زلت حريصاً على هذه الصداقة، التي ما زالت تربطني بعدد كبير من ضباط الجيش السوفياتي السابق والضباط الروس تحديداً.
وباسم هذه الصداقة، اتوجه إلى الاخوة العاملين في قناة RT القسم العربي، وإلى مديرة القسم السيدة مايا مناع وأقول: انتم تدخلون إلى كل بيت عربي و إطلالتكم جميلة ومُنتظرة عبر شاشة RT، وحبذا أن لا يستخدمها الصهاينة كنافذة، ليطلّوا علينا كل يوم بأضاليلهم .