تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
رئيس تحرير "الثائر" اكرم كمال سريوي -
اعلنت إسرائيل بدء نقل قوات من غزة إلى الجبهة الشمالية. وزار بنيامين نتانياهو الجبهة للمرة الثانية خلال شهر. ويجري لواء المضللين تدريبات لتنفيذ عمليات داخل لبنان.
تترافق هذه الأخبار مع تهديدات يومية بتدمير لبنان واعادته إلى العصر الحجري، ويطل كل يوم مسؤول اسرائيلي، ليستفز اللبنانيين بالتهديد والوعيد.
ونقلت عدة صحف رسالة تهديد أمريكية بريطانية مبطّنة إلى لبنان، بقصف المطار، وبأنه لا يمكن للبنان الرهان على أن أمريكا ستمنع إسرائيل من غزو لبنان.
في عام 1948 أحتلت إسرائيل قسماً من فلسطين، وصدّرت مشكلة الفلسطينيين إلى لبنان ودول الجوار، بعد أن دمرت أكثر من 400 قرية فلسطينية، وهجرت أهلها، ثم تابعت مسلسل التوسع والتهجير والاعتداء على دول الجوار عام 1967 ومنها لبنان طبعاً.
منذ أكثر من 75 عاماً والعالم يسمع, أن إسرائيل تعتقل فلسطينيين، وتقتل، وتهدم المنازل، وتصادر الاراضي، وتبني المستوطنات في الاراضي العربية المحتلة، ثم تدعي أنها تدافع عن نفسها، وتتهم المقاومين الفلسطينيين بالارهاب.
احتلت إسرائيل لبنان عام 1978 في عملية الليطاني، ثم نفذت اجتياحاً للعاصمة بيروت عام 1982، ورفضت تنفيذ قرارات مجلس الأمن، التي دعتها إلى الانسحاب، ولكنها خرجت عام 2000 تحت ضربات المقاومة.
تُسمّي إسرائيل المقاومين الفلسطينيين ب "المخربين"، والمقاومة اللبنانية ب "الارهابيين"،وتدّعي أنها تدافع عن نفسها، رغم أنها وفق قرارات الشرعية الدولية، هي قوة احتلال للاراضي الفلسطينية واللبنانيه والسورية.
ومع العلم أن حق مقاومة الاحتلال، مكرّس في شرعة الأمم المتحدة، وكافة المواثيق الدولية.
هذه العنجهية الإسرائيلية، والاعتداءات المتكررة على الشعوب العربية، ولغة التهديد والقتل والكسر والعنف، جعلت كثيراً من الفلسطينيين واللبنانيين والعرب، يرون أن لا بد من مقاومة إسرائيل، فالكرامة والحرية أهم بكثير من حياة الذل والمهانة والخنوع للمحتل.
بشكل أوضح نقول: لم تعد تهديدات الصهاينة مغتصبي الأرض تخيف المقاومين، لا في لبنان ولا في فلسطين.
ولم تعد أضلاليهم، وسياسة قلب الحقائق تنطلي على العالم.
وما تروّج له إسرائيل أن هذه الحرب هي وجودية بالنسبة لها، واستعطافها الغرب لمساعدتها في ما تسميه "حق الدفاع عن نفسها"، هو دعاية كاذبة مكشوفة.
فالعرب يطالبون بالسلام العادل والشامل، وقدّموا مبادرة للسلام، تعترف بوجود إسرائيل، وفق قرارات الشرعية الدولية، ولا يدعون لازالة إسرائيل.
وحتى الفلسطينيين قبلوا بالسلام، ووقعوا اتفاق اوسلو مع رابين، الذي قتله الصهاينة، ونقضوا بعده وعود السلام.
لقد بثت إسرائيل الكراهية والتعصب في المنطقة، ولم تترك من خيار للشعب الفلسطيني والعربي، سوى خيار المقاومة.
لقد اكتشف العالم كذب إسرائيل، وبات الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، مسألة رأي عام عالمي، ومسألة إنسانية، وعلى كل شخص أن يختار أين سيقف، مع الإسرائيلي الظالم المحتل للارض والمغتصب للحقوق، أم مع الفلسطيني المظلوم الذي يدافع عن كرامته ووجوده.
هذه الحرب الآن وجودية، وهذا صحيح. لكنها وجودية للفلسطينيين وليس لإسرائيل، لأن من يمارس الابادة، ويريد إزالة فلسطين وشعبها من الوجود، هو إسرائيل.
لقد سمع العالم كله أن حكومة نتنياهو ترفض أي حديث عن حل الدولتين، وتصريحات وزرائه عن مشروع لضم الضفة الغربية وتهجير أهلها إلى الاردن.
ورأى العالم ما تقوم به إسرائيل من قتل وابادة وتهجير للفلسطينيين، ومع ذلك ما زال بعض المسؤولين في العالم يروّجون للأكاذيب، ولدعم إسرائيل.
العنف لن يولّد إلّا العنف، والظلم يولّد المقاومة، ونصرة المظلوم واجب إنساني وأخلاقي، وعلى العالم أن يختار أين سيقف، بعد أن تكشّفت الحقائق.
ذهب غالنت وعقد صفقة دعم مع إدارة بايدن، وطلب قنابل مدمرة للانفاق، ومنظومات دفاع جوي لمواجهة صواريخ ومسيّرات حزب الله استعداداً للحرب المحتملة مع لبنان.
لكن الجانب الأمريكي ابلغه، أن لا مصلحة لإسرائيل وأمريكا، باشتعال حرب واسعة في الشرق الأوسط.
وابلغ الجيش الاسرائيلي حكومته، وفق تقرير "تقدير الموقف" على الجبهة مع لبنان، أن لدى الجيش الاسرائيلي وسائل كثيرة، وهو قادر على إلحاق ضرر كبير بلبنان، لكن تكلفة الحرب ستكون مرتفعة على إسرائيل، لأن حزب الله يملك كماً كبيراً من الصواريخ والمسيرات، القادرة على اصابة اهداف في عمق إسرائيل، والحاق اضرار كبيرة خاصة في المنطقة الشمالية، كما أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية غير كافية، وقد تنخفض قدراتها الدفاعية كثيراً، بعد اليوم الثالث للحرب.
وتقول تقارير الجيش الإسرائيلي أن حزب الله، قد يعمد إلى مهاجمة بعض المواقع العسكرية والمستوطنات على الحدود، وهذا سيشكّل تحدياً كبيراً للجيش، وسيُرعب سكان الشمال.
أما على الجانب اللبناني، فموقف حزب الله واضح، بأن لا وقف لجبهة الجنوب قبل وقف العدوان على غزة.
ولا رهان على أن أمريكا هي من سيمنع الهجوم الاسرائيلي على لبنان، بل الرهان على قدرة المقاومة على الردع.
يحاول نتنياهو ابتزاز بايدن، وسأل غالنت في واشنطن، عن الثمن الذي ستدفعه أمريكا لإسرائيل، مقابل موافقة نتنياهو على اتمام الصفقة مع حماس، ووقف الحرب قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية.
لقد باتت التسوية الأمريكية الإسرائيلية هي المدخل إلى الحل.
فاذا ضمن بايدن بقاء نتنياهو في الحكم، عبر صفقة دعم وافرة لإسرائيل، نكون قد اقتربنا من الحل.
فالصفقة بين إسرائيل وحماس شبه مُنجزة، ومعروفة المعالم والبنود.
والجيش الإسرائيلي أبلغ نتنياهو، أنه فعل كل ما يستطيع في غزة، ولا يمكنه فعل المزيد، كما لا يمكنه البقاء في غزة، والدخول في حرب استنزاف طويلة الأمد، فحماس لديها قدرة على المقاومة لسنوات.
لدى أمريكا أولويات كثيرة، مَن أوكرانيا إلى تايوان، والانشغالات الداخلية، وهذا يتطلب التهدئة في الشرق الأوسط، فلا أهداف كبرى لأمريكا في المنطقة، يمكن تحقيقها بالحرب الآن.
وهذا يعني أن على إسرائيل القبول بوقف الحرب، والسير في طريق التسوية، فخيار الحرب بات مكلفاً لكلا الطرفين، ولن يحقق النتائج المرجوة.