تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
بدعوة من السفير السابق منصور عبدالله، ورئيس مركز الاستشارية للدراسات الدكتور عماد رزق، عُقد أمس الخميس، في بيروت في مكتب السفير عبدالله، لقاء حواري مع وزير الاتصالات الأسبق جان لوي قرداحي، تحت عنوان "لبنان الإدارة ومؤسسات الدولة الإصلاحات والرؤية والمبادرة" . حضر اللقاء عدد من الشخصيات الناشطة في الحقل العام، من سفراء سابقين، وأساتذة جامعيين، وضباط متقاعدين، وإعلاميين.
في بداية اللقاء رحب السفير عبدالله بالحضور، وشدد على أهمية الحوار والنقاش في موضوعات وطنية، خاصة مسألة بناء الدولة، واستعادة الثقة بها، ووضع رؤية واضحة للأصلاح.
الوزير قرداحي
استهل قرداحي كلامه بطرح إشكالية الثقة بالدولة بعد الانهيار الذي حصل في كافة القطاعات، وكيفية إعادة بناء هذه الثقة. وكيف يمكن تأمين عمل المرفق العام، ومعالجة مسألة انهيار قيمة الرواتب والأجور ،في ظل الافلاس المالي الحاصل، وباختصار كيف يمكن إعادة إطلاق عجلة العمل مجدداً في ظل هذا الواقع الصعب.
وقال قرداحي: إن فقدان الثقة يدفع النخب اللبنانية إلى الهجرة، ويعيد لبنان إلى الوراء، ويدفع إلى عدم الاستقرار، لذا يجب وضع خطة جديدة لإعادة الثقة بالدولة، عبر تنفيذ جملة إصلاحات سياسية وإدارية ومالية، تكون منسجمة مع الدستور والقانون، ومع ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني في الطائف.
يجب أن نعترف أن لدينا مشكلة حوكمة ناتجة عن عدم تطبيق الدستور ووثيقة الطائف، التي تم إقرارها في ظل إجماع داخلي ودولي، أما اليوم في ظل الصراعات والتجاذبات الدولية، لا أظن أنه يمكن تغيير النصوص، ولذا أدعو إلى تطبيق اتفاق الطائف بشكل كامل وغير مجتزأ، مستنداً إلى مفهوم وطن تعددي، يضمن الحريات العامة والخاصة، ويساوي بين جميع اللبنانيين، ويؤمن تكافؤ الفرص أمامهم ، ويضمن الإنماء المتوازن، ويزيل الحصريات والمنافع الخاصة.
وأضاف قرداحي: لن أدخل في تفاصيل الإصلاحات السياسية، التي يجب تنفيذها وفقا للدستور، بدءاً من قانون الانتخاب، إلى إنشاء مجلس للشيوخ، وتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، واللامركزية الإدارية، وتحديد المهل الدستورية، واستقلالية القضاء، وغير ذلك. لكن وبكل تأكيد لا تقوم مؤسسات الدولة دون ضوابط قانونية، تحدد مهامها ونظام العمل فيها ونظام الموظفين.
فلو تحدثنا عن معالجة النفايات مثلاً، فلا يمكن تحقيق ذلك دون التعاون مع البلديات، وإنشاء مراكز للفرز والطمر في مقالع بعيدة عن أماكن السكن، ولا يمكن للمديرية العامة للبيئة أن تتحمل مسؤولية معالجة هذا الموضوع الحيوي وحدها، ودون إمكانات.
وأضاف قرداحي: من غير المعقول أن يكون لبنان عاجزاً عن تأمين حاجاته الاقتصادية، وهو يملك أصولاً وقطاعاً عاماً يفوق دينه العام، ويؤسفني سماع البعض يتحدث بأرقام مغلوطة، فمثلاً قطاع الاتصالات وحده تفوق قيمته ٢٠ مليار دولار، لكن المهم ليس تخمين قيمة القطاع، بل استخدامه بشكل صحيح، لتأمين فرص العمل في المعلوماتية والتكنولوجيا، ومساهمته في زيادة نمو الناتج القومي.
أما قطاع النقل فهو منفصل تماماً عن الأشغال العامة، فهو قطاع الأعمال اللوجستية، ومصدر أساسي لخلق فرص عمل، وهو حاجة للربط بين المناطق، خاصة بين المرافئ، ومرفأ بيروت من أهم المرافئ على البحر الأبيض المتوسط، وكان يُسمّى مرفأ بغداد، نظراً لأهميته في تجارة الترنزيت.
أمثلة عديدة يمكن إعطاؤها للتأكيد على أن دولة حديثة ستكون قادرة على رسم سياسات اقتصادية، تخلق فرص العمل، وتزيد من معدل النمو، ومن ناتجها القومي، لكن هذا لن يتحقق دون إعادة هيكلة إداراتها ومؤسساتها ووزاراتها.
وعن الكهرباء قال قرداحي: الكهرباء تقوم على ثلاث أجزاء ؛ الانتاج، والنقل، والتوزيع.
ويجب إشراك القطاع الخاص في عملية الانتاج، كما من الأفضل خصخصت عملية التوزيع، على أن تبقى الدولة ممسكة بعملية نقل الطاقة الكهربائية. إن هذا الحل سيخفف الأعباء المالية على المالية العامة للدولة، ويحسن الجباية، ويزيد الانتاج، ويؤمن الخدمة للمواطنين بأسعار مقبولة، ويسمح بإدخال رساميل لتطوير القطاع، ويجب الاستفادة من مصانع على الطاقة الشمسية والهواء، وحتى لو توافرت الأموال لا يمكن السير بشركة كهرباء لبنان كما هي الآن.
كافة القطاعات بحاجة إلى رؤية جديدة لإعادة إحياء اقتصادنا، فالاقتصاد هو الأساس في نهوض الوطن سياسياً وثقافياً واجتماعياً، وعلينا إيجاد الآليات الجديدة في الصحة والتربية والرياضة، فعندما أرى المرافق الرياضية مهملة في لبنان، ولا أحد يستفيد منها، أشعر بالأسف، فهذه أماكن تدر أموالاً كبيرة في دول العالم، ورغم وجود رياضيين بارعين في لبنان تتم إدارة هذه المرافق بشكل سيّء .
وختم قرداحي: إن وضع مشروع اقتصادي متكامل، يكون في خدمة الإنسان وليس في خدمة رأس المال، هو السبيل للنهوض بالوطن، وعلينا الانتقال إلى نظام المؤسسات، والتخلص من نظام الأفراد، فهذا يؤمن استمرارية الدولة، ومرافقها العامة، ويعيد ثقة المواطنين بها، ويُقنعهم بالمشاركة في إعادة بناء الدولة، والنهوض بالوطن.
تلى ذلك عدة مداخلات للحاضرين، ركزت على أهمية معالجة المشكلة الأساسة، وهي التخلص من النظام الطائفي، الذي عطل ويعطل بناء الدولة، لأنه نظام يقوم على المحاصصة وعدم المساواة بين المواطنين، كما ركز الحاضرون على مكافحة الفساد، وإصلاح النظام المالي، واستقلالية القضاء، ومحاسبة ومعاقبة الفاسدين.