تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
بعدما وضعت إسرائيل مفاوضات الترسيم الحدودي البحري على صفيح ساخن مشحون بأجوائها الانتخابية المحمومة، تواصلت خلال الساعات الأخيرة التسريبات الإسرائيلية لتسعير وهج التحدي للبنان، مؤكدةً غداة الإعلان عن رفض تل أبيب التعديلات اللبنانية على مسودة اتفاقية الترسيم “الاستعداد لإجراء اختبار على ضخ الغاز من حقل كاريش قريباً جداً وربما بداية الأسبوع المقبل”. وعلى المقلب الآخر، بانتظار إطلالة الأمين العام لـ” حزب الله ” السيد حسن نصرالله المرتقبة، تولى الوكيل الشرعي العام للسيد علي خامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك الرد المبدئي على التهديدات الإسرائيلية، معرباً أمس عن استعداد “حزب الله” لخوض الحرب، وقال: “ردنا واضح لا استخراج من كاريش قبل تحقيق مطالب لبنان… نحن لا نريد حرباً لكن إذا فرضت فإننا أهلها”.
وكشفت مصادر مواكبة للملف لـ"نداء الوطن" أنّ "اتصالات وتدخلات خارجية متسارعة جرت خلال الساعات الماضية مع كل من لبنان وإسرائيل لخفض منسوب التوتر والسلبية بين الجانبين"، موضحةً أنّ "واشنطن أكدت بشكل واضح للمعنيين من الجانبين عزمها وتصميمها على إنجاز ملف الترسيم"، كما نقلت المصادر أنّ "تطمينات فرنسية وردت إلى المسؤولين اللبنانيين مفادها أنّ الكلام الإسرائيلي العالي السقف هو لأغراض انتخابية بحتة وأنّ الأمور ليست بالسوء الذي ظهرت عليه عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، والمطلوب من لبنان في هذه المرحلة ضبط النفس والتحلّي بالصبر".
وأكدت مصادر لبنانية رسمية لـ”نداء الوطن” أنّ “الأجواء هدأت نوعاً ما وملف الترسيم لم يُقفل ولم ينتهِ بل يحتاج إلى مزيد من المشاورات لإنجاز بعض التفاصيل التقنية الدقيقة بالتشاور مع الوسيط الأميركي”، وأضافت”: “قد يتأخر إنجاز اتفاق الترسيم بعض الوقت لكنّ أحداً ليس لديه مصلحة في “تطييره” خصوصاً وأنّ هناك رغبة أميركية حثيثة لإبرام هذا الاتفاق لما يحققه من استقرار في المنطقة”، مشددةً على أنّ “لبنان بصدد تدارس الرد الإسرائيلي بتمعّن، فإذا كان يمسّ جوهر الاتفاق الوارد في العرض الأميركي فإنّ ذلك سيستدعي عقد اجتماع على مستوى الرؤساء الثلاثة لتحديد الموقف، أما إذا كان الأمر متصلاً بتفاصيل تقنية معيّنة فسيصار إلى إحالتها إلى اللجنة التقنية لدراستها وإعداد التقرير اللازم بشأنها”.
في سياق متصل، يقول أحد الديبلوماسيين المخضرمين بحسب "الجمهورية" ان لا أحد يستطيع معرفة ما سيكون عليه مصير الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل لأن الخلافات الداخلية في إسرائيل كبيرة جدا على أبواب انتخابات الكنيست، حيث ان منافسي رئيس الوزراء يائير لابيد الذين يتزعمهم رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو يتناوبون على المزايدة عليه واتهامه بالتنازل لـ"حزب الله" والخضوع لتهديداته في موضوع الترسيم «ما يعرّض مصالح اسرائيل الاقتصادية والأمنية للخطر»، ما دفعه إلى مواجهتهم بالإعلان عن رفض تعديلات لبنان والايعاز الى الجيش الاسرائيلي «للاستعداد لتصعيد عسكري» محتمل على الحدود مع لبنان.
لكن الولايات المتحدة الأميركية، وبحسب هذا الديبلوماسي، دخلت على الخط بقوة، مشددة على وجوب توقيع الاتفاق على الترسيم قبل نهاية الشهر الجاري قبل ان ينشغل الاسرائيليون في الانتخابات ولا تعود لديهم أي جهة تملك صلاحية التوقيع، فيما الأميركيون سينغمسون في انتخاباتهم النصفية وسط منافسة شديدة بين الحزبين «الديموقراطي» و»الجمهوري» فينعَدم عندئذ اهتمامهم بهذا الملف وحتى بقضايا عالمية كثيرة إلى حين الانتهاء من هذه الانتخابات.
ويعتقد الديبوماسي نفسه انّ لابيد وجد نفسه مُرغماً على التشدد في الموقف من الملاحظات اللبنانية لعله يتمكن من كبح جماح منافسيه في الانتخابات خصوصا ان لبنان قدم تعديلات على مشروع الترسيم وليس ملاحظات، ما أعطاه حجة للتردد او الرفض، ما أدى إلى وقف هذا المسار، على الاقل ظاهراً، واستدعى الامر تدخلا أميركيا للدفع إلى الاستمرار على نحوٍ بَدا معه ان الاميركيين يشكلون رأس حربة في هذا الموضوع ومن خلفهم الاوروبيين الذين يريدون الاستفادة من غاز البحر المتوسط على أبواب الشتاء لتعويض الفاقد الروسي من الغاز بسبب الحرب الروسية الاوكرانية، علماً ان شراسة المعارضة الاسرائيلية جعلت ملف الترسيم يراوح بين «القمحة والشعيرة» من دون ان تظهر لها نهاية حتى الآن.
ويشير الدييلوماسي المخضرم إلى أن المتفائلين يرون ان الادارة الاميركية ستعالج الأمر مع الاسرائيليين وتعيد مشروع الاتفاق على الترسيم بينهم وبين لبنان إلى جادة التوقيع قريباً، لأن واشنطن كانت لبّت مطلب الاسرائيليين بعدم توقيع الاتفاق النووي مع إيران بعدما كان وزير الخارجية الاميركي أنطوني بلينكن جزم في ان بلاده ستوقّعه، وذهب إلى حد عدم استقبال مستشار الأمن القومي الاسرائيلي عند زيارته الاخيرة للعاصمة الاميركية قبل أن تتخذ بلاده القرار بعدم التوقيع هذا. ولذلك، فإنّ الأميركيين اعطوا الاسرائيليين ثمنا مسبقا لتوقيعهم ترسيم الحدود مع لبنان في مقابل تعهد لابيد باتخاذ موقف ايجابي مسبق من هذا الأمر. وفي رأي هذا الديبلوماسي ان نتنياهو، الذي لا تؤيّد واشنطن عودته إلى السلطة في اسرائيل، يُزايد انتخابيا وسياسيا على لابيد ويحاول تخوينه بغية تحقيق الكسب الشعبي في الانتخابات. ولكن لن يكون له فوز فيها لأنّ استطلاعات الرأي تظهر حتى الآن تقدم لابيد عليه، وذلك على رغم اتهامه لابيد بأنه يتراجع أمام مطالب لبنان و"حزب الله"، علماً ان الاخير كان يقول انه سيوقع الاتفاقية من دون الرجوع إلى الكنيست لاقتناعه أنّ هذا التوقيع سيدخل في مسار طويل إذا لم يحصل قبل الانتخابات.