تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
دخل عهد الرئيس عون في مرحلة الذبول والوداع وأصبحت لقاءات قصر بعبدا بروتوكولية وسيطر الفراغ على برامج عمل الرئيس فبات يملأها باستقبال زائر يريد نشر صورة مع فخامته على الفايس بوك، أو لمنح وسام لصاحبة مطعم، قدمت إنجازاً عظيماً للبنان، بنشر المطبخ اللبناني في عدة دول في العالم !!!
لا أحد طبعاً ينتظر من فخامته تحقيق إنجازات ولو صغيرة في الأيام القليلة المتبقية من عهده، وهو الذي أمضى ست سنوات في المناكفات والمخاصمة والتعطيل، الذي بات سمة رئيسية لهذا العهد، الذي فشل في تحقيق أي وعد اصلاحي قدمه للبنانيين، لا بل لم يتمكن من الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار، فجرف البلاد والعباد إلى أصعب أزمة اقتصادية في تاريخ لبنان، ثم تنصّل منها هو وتياره وصهره الذي أعاد دور " السلطان سليم" الى القصر الرئاسي، باسلوب الإلغاء والكسر والأنا المطلقة، ومرة بحجة أن الأزمة نتاج تراكم سنوات، ومراراً بحجة "ما خلونا" وأكذوبة حقوق الطوائف، التي لم ينسَ أن يذكرها باسيل في كل خطاباته وإطلالاته الإعلامية، فهو يعتقد أنه حفظ بذلك وجود المسيحيين في لبنان وحقق لهم أمنياتهم، ولولاه لكانوا فقدوا حقوقهم وتشردوا في أصقاع الأرض !!! وربما سيطلب باسيل من المسيحيين مستقبلاً، أن يضعوا لهم تمثالاً أمام كل منزل، ليحميهم من جيرانهم، ويفيض عليهم بالنعم، ويقيهم شر السحرة والشيطاين!!!!
شيء واحد يأمل اللبنانيون أن يحققه فخامة الرئيس عون فيما تبقى من عهده، وهو أن يغادر بسلام، ويسلّم مفاتيح القصر إلى رئيس جديد، يبعث الأمل في قيامة لبنان، ويكون رئيساً لكل اللبنانيين بطوائفهم الثمانية عشر، وليس رئيساً لفريق أو طائفة، يسعى لكسر وإلغاء الآخرين. رئيساً يحمل برنامجاً إصلاحياً إنقاذياً ورؤية تجمع وتوحد اللبنانيين، وليس مشروع مخاصمة وتفرقة وغلبة واستقواء.
البحث جاري على قدم وساق عن هذا الرئيس الذي ينتظره الشعب اللبناني بفارغ الصبر، ولا أحد يريد الدخول في طرح الأسماء قبل أن تتضح الصورة داخلياً وإقليمياً وخارجياً، فأي خطأ قد يُفشل الانتخابات، ويُدخل لبنان مجدداً في الفراغ الرئاسي .
لهذا السبب أعطى وليد جنبلاط عنوان الكهرباء والهم المعيشي للقائه مع حزب الله، لكن من الصعب تصور أن يكون هذا هو فعلاً هدف اللقاء، فلا جنبلاط ولا حزب الله يستطيعان اليوم معالجة مشكلة الكهرباء أو الأزمة الاقتصادية، فالأمر مرهون بوجود حكومة فأعلة، وتشريع القوانين اللازمة في المجلس النيابي ومساعدة صندوق النقد الدولي والدول الصديقة.
أمر جوهري وأساسي يمكن أن ينتج عن لقاء جنبلاط حزب الله الذي عُقد مساء اليوم الخميس، وهو إقناع الحزب بعدم التمسك بمرشح من قوى ٨ آذار، والقبول بالحوار والتوافق حول شخصية مستقلة، كان جنبلاط قد قدّم لها رسماً تشبيهياً، عندما قال: أنه سيصوت للبرنامج وليس للشخص، والمح في مكان آخر إلى أن البلاد بحاجة إلى الياس سركيس جديد،
يعلم الجميع أن لا قيمة كبيرة للبرامج والخطابات والوعود، فالعبرة بالأفعال لا بالأقوال، ومهما حُكي عن انتخابات ديمقراطية، فالحقيقة الثابتة أن لبنان يوجد فيه مكونات طائفية، ونظام حكمه ما زال يقوم على هذه التوازنات، التي تشبه نظام مجلس الأمن الدولي (خاصة لناحية الفشل في حل النزاعات)، الذي يعطي حق النقض الفيتو، لأي عضو من الدول الخمس الكبار، على أي قرار يناقشه المجلس، وفي لبنان هذا الحق مُعطى ضمنياً للطوائف الخمس الكبرى، التي تسيطر على الحكم.
يأمل جنبلاط من موقعه الوسطي، وحواره مع حزب الله والرئيس بري من جهة، وكذلك مع بعض النواب المستقلين والتغيريين وأطراف في قوى ١٤ آذار من جهة ثانية، أن يُجنّب لبنان كأس الصدام والتعطيل والفراغ في سدة الرئاسة الأولى.
وما رشح من لقاء كليمنصو يشير إلى ارتياح الطرفين لمجريات النقاش في كافة المسائل، من الكهرباء إلى معالجات الأوضاع الاقتصادية، والأهم انفتاح حزب الله على الحوار حول الاستحقاق الرئاسي المقبل، وإمكانية التوافق على تأييد شخصية وسطية مستقلة.
ورغم تكتم الطرفين على المداولات، علم "الثائر" أنه لم يتطرق النقاش إلى البحث في الأسماء، تجنباً لإثارة أي حساسية أو مشكلة في هذا الموضوع، لكن طرح كل فريق وجهة نظره وكان هناك تقارب حول ضرورة إيجاد حل يُنقذ البلاد من الواقع المأزوم، وتجنّب الدخول في الشلل والفراغ، وتم الاتفاق على استكمال الحوار والتنسيق والعودة إلى لقاء آخر بعد أن يُجري كل طرف اتصالاته ومشاوراته مع الحلفاء، ولم يستبعد أحد المطلعين على مجريات اللقاء، أن يجتمع جنبلاط لاحقاً بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
إنها ليست استدارة لجنبلاط أو انقلاباً على مبادئه ومواقفه السابقة، كما يحلو للبعض أن يسميها ، بل هي في الحقيقة خطوة جريئة لفتح باب الحوار، والبحث عن مرشح وسطي غير صدامي، وغير مستفز لأي فريق، يحظى بدعم أكثرية نيابية وسياسية، ويكون قادراً على إعادة وصل ما انقطع مع الدول العربية الشقيقة، ودول العالم الصديقة، وإيجاد قواسم مشتركة بين كافة الأطراف في الداخل، لتوحيد الجهود لإنقاذ البلد، وإعادة النهوض بمؤسسات الدولة.
لقد أثبتت تجربة الرئيس عون أنه لا يمكن لأي طرف في لبنان أن ينجح في التفرّد بالحكم وإدارة البلاد، فهذا سيقود حتماً إلى مزيد من الأنهيار وإنحلال الدولة، ولا بد أن يعي الجميع حقيقة أن لبنان يحتاج إلى التوافق وتوحيد جهود كافة الفرقاء، لوقف التدهور ومعالجة الأزمات، واستعادة عافية الدولة.
لا يهم أسم الرئيس، أكان جهاد أزعور أو زياد بارود أم غيره، ولا حتى البرنامج، فالمهم شيء واحد، أن يكون الرئيس المقبل شخصية كفوءة جامعة، قادرة على التواصل والحوار مع جميع الفرقاء السياسيين، ولديه النية والرغبة والقدرة على العمل لإنقاذ البلاد.
فهل ينجح مسعى جنبلاط في إنقاذ اللعبة الديمقراطية في البرلمان، ونذهب إلى انتخاب رئيس جديد؟؟ أم سينتصر التعنت والتعطيل ومنطق الكسر والإلغاء وتفتيت لبنان؟؟؟
إن الغد لناظره قريب