تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
استيقظ العالم أجمع، وأهل السودان خاصة، على زلزال سياسي – أو عسكري إن جاز التعبير – غير المشهد المرسوم في البلد العربي الأفريقي منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق عمر البشير في عام 2019 بعد حراك جماهيري واسع النطاق.
اللواء عبد الفتاح البرهان، الذي حلَّ يوم الاثنين مجلسي الوزراء والمجلس السيادي المشكل عقب سقوط البشير والذي يقود عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد، أصبح رئيسا فعليا للدولة، وهو الآن يجسد العودة المحتملة إلى حكم عسكري كانت تخشاه البلاد.
ماذا حدث في السودان؟
في وقت مبكر من صباح اليوم، أعلن البرهان والذي كان يشغل منصب رئيس مجلس السيادة، حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، وحل مجلس السيادة الانتقالي وكذلك مجلس الوزراء بقيادة عبد الله حمدوك، متعهدا بتشكيل حكومة كفاءات تدير المرحلة الانتقالية في البلاد.
بالتزامن، قال مكتب رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، إن قوة عسكرية "اختطفته" وزوجته واصطحبتهما إلى جهة غير معلومة، وحمل القيادات العسكرية المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة حمدوك.
في أعقاب ذلك، دعا تجمع المهنيين السودانيين - الذي كان لاعبا رئيسيا في الحراك المتسبب في سقوط البشير - الجماهير إلى الخروج للشوارع وإغلاقها بالمتاريس. أشارت تقارير أولية إلى سقوط جرحى من المحتجين أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني.
وأثار التحرك العسكري ردود فعل إقليمية ودولية، والتي وصفته بـ"الانقلاب" بعد اعتقال عدد من المسؤولين والوزراء. نددت به كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، ودعت بلدان عربية إلى "ضبط النفس"، فيما وصفه مسؤولون بالحكومة ومجلس السيادة بـ"الخيانة والحماقة السياسية".
من هو البرهان؟
في مسيرة مهنية عسكرية طويلة خلال عهد البشير، ارتقى البرهان إلى مناصب بارزة رغم أنه ظل مجهولا نسبيا، حيث قاد القوات البرية للبلاد قبل أن يجعله البشير مفتشا عاما للجيش في فبراير/ شباط 2019 قبل شهرين من إطاحة الجيش بالبشير من السلطة، بحسب تقرير لوكالة "فرانس برس".
حتى بعد الإطاحة بالبشير، استمر البرهان في التواري عن الأنظار، وغالبا ما سمح لأعضاء آخرين في المجلس بالتحدث أمام الكاميرات. أمضى اللواء فترة من حياته كملحق دفاع بسفارة بلاده في بكين.
ولد البرهان عام 1960 في قرية جانداتو شمال الخرطوم، ودرس في الأكاديمية العسكرية السودانية وبعد ذلك في مصر والأردن، وهو متزوج وله ثلاثة أطفال.
نسق البرهان عملية إرسال قوات سودانية إلى اليمن في إطار تحالف تقوده السعودية والذي تدخل منذ عام 2015 ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام ومحللون سودانيون.
يُعتقد أنه لعب دائما دورا حيويا ولكن وراء الكواليس في المشاركة العسكرية للسودان جنبا إلى جنب مع المملكة في اليمن.
وقال ويلو بيرريدج، مؤلف كتاب "الانتفاضات المدنية في السودان الحديث" والمحاضر في التاريخ بجامعة نيوكاسل، إن ملف اليمن شهد عمل البرهان عن كثب مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية السودانية.
ذكر بيريدج في وقت سابق أنه بدعم من قوات الدعم السريع، تولى البرهان أعلى منصب في السودان في عام 2019.
وقال في ذلك الوقت: "الدور في هذه الخطوة الأخيرة لقوات الدعم السريع - التي وصفها الكثيرون بأنها نسخة معدلة من ميليشيات الجنجويد التي ارتكبت فظائع جماعية في دارفور - سيجعل الكثيرين حذرين".
نشر البشير قوات سودانية في اليمن في عام 2015 كجزء من تحول كبير في السياسة الخارجية أدى إلى قطع الخرطوم علاقاتها الطويلة مع طهران والانضمام إلى التحالف الذي تقوده السعودية. تكبد الجيش السوداني خسائر كبيرة في اليمن.
عقب الإطاحة بالبشير، أدى البرهان اليمين كزعيم مؤقت للسودان في 11 أبريل/ نيسان 2019 وفي أغسطس/ آب من ذلك العام تم تكليفه برئاسة مجلس السيادة الحاكم المكون من شخصيات عسكرية ومدنية تقود الانتقال إلى ديمقراطية كاملة.
لكن بحلول صباح اليوم الاثنين، ظهر البرهان، بزيه العسكري المعتاد، على التلفزيون الوطني وهو يأمر بحل مجلس الوزراء ومجلس السيادة وأعلن حالة الطوارئ على الصعيد الوطني.
بناء التحالفات الإقليمية والدولية
في ربيع عام 2019 بعد انهيار المحادثات بين المحتجين والمجلس الانتقالي للبرهان، زار مصر والإمارات والسعودية.
وتعد دول الخليج من بين الجهات المانحة الأساسية للسودان، حيث أودعت 500 مليون دولار مبدئيا في البنك المركزي بعد الإطاحة بالبشير كجزء من حزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار للحفاظ على نفوذها في البلاد، بحسب "فرانس برس".
كرئيس لمجلس السيادة، البرهان، وهو في أوائل الستينيات من عمره، عزز علاقات السودان مع القوى العالمية واللاعبين الإقليميين بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل. في فبراير 2020، التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو في أوغندا.
وقال ضابط بالجيش لوكالة "فرانس برس" طلب عدم نشر اسمه في وقت سابق: "البرهان ضابط رفيع المستوى في القوات المسلحة لكنه في الأساس جندي مخضرم. لم يكن في دائرة الضوء قط".
ومع ذلك، لم تكن تصريحات القوى الكبرى في صالح قراره، وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين، ما وصفه بـ"الانقلاب العسكري" في السودان وطالب بالإفراج عن رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة والمسؤولين المحتجزين.
فيما أعربت فرنسا، عن بالغ إدانتها للتحركات التي وصفتها بـ"المحاولة الانقلابية" في السودان، وطالبت بإطلاق سراح رئيس الحكومة عبد الله حمدوك والسياسيين المعتقلين الآخرين.
من جانبه أعرب المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، عن قلقه البالغ حيال "التقارير التي تتحدث عن سيطرة الجيش على مقاليد الأمور في السودان".
وعلقت الخارجية الروسية بالقول إن "هذا التطور للأحداث في السودان أصبح دليلا على أزمة حادة اجتاحت جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد، وهذه نتيجة طبيعية للسياسة الفاشلة التي تم اتباعها خلال العامين الماضيين".
واضافت الخارجية: "نحن على قناعة بأن السودانيين وحدهم يجب عليهم حل المشاكل الداخلية بشكل مستقل وتحديد التنمية السيادية لبلادهم، انطلاقا من المصالح الوطنية، وروسيا الاتحادية تواصل احترام اختيار الشعب السوداني الصديق وتقديم كل المساعدة اللازمة له".
سبوتنيك -