تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
كفى نَدباً للبنانِنا، يا ندَّابي المواسمِ المشؤومةِ.
نَحيبُكمْ يوحي بأن لبنانَنا إلى زوالٍ، لا سمحَ اللهُ،
ونخشى القولَ إنكم فَرِحونَ بذلكَ…
ولن تفرحوا!
***
نحنُ شعبُ لبنانَ الحضاريُّ، ولبنانُنا هذا أزليٌّ أبديٌّ سرمديٌّ، ولو فعلتمْ بهِ ما تفعلونَ،
لبنانُنا هذا مكرَّسٌ بقاؤهُ بمعموديةِ الشهادةِ ونقاءِ الشهداءِ،
لبنانُنا هذا سنعيدهُ، شاءَ من شاءَ وأبى مَن أبى،
لبنانُنا هذا سنحملهُ في طيَّاتِ قلوبنا، وبينَ الجَفنِ والجَفنِ...
سننتشلهُ من وادي الموتِ السحيقِ،
ونستعيدهُ، ولو سيراً على الأقدامِ…
***
سيراً على الأقدامِ، تجاوزنا أمسِ كلَّ الحواجزِ التي زرعوها- بلا مُبرِّرٍ- في لهبِ آبَ، حتى وصلنا إلى المكانِ الذي فيهِ أريقَ دمُ الأنقياءِ على مذبحِ الوطنِ،
وهناكَ، كانتْ لحظةُ اللقاءِ بالأحبَّةِ الطيِّبينَ، ذوي الشهداءِ وإخوتهم وأبنائهم ورفاقهم…
كأننا في سرِّ الاعترافِ المقدَّسِ، حيثُ اللحظةُ للمكاشفةِ وفتْحِ القلوبِ وتبادلِ التعازي…
نعم، مع أهالي الشهداءِ، تبادلنا التعازي.
فصحيحٌ أن "الجمرةَ لا تكوي إلا مكانها"، لكنَ الشهداءَ هم أولادنا أيضاً وإخوتنا في الوطنِ والإنسانيةِ، وخساراتنا واحدةٌ.
فاهنأوا يا أبطالنا في نعيمِ الخلدِ.
بكمْ سينسحقُ الظلامُ، وتسطعُ أنوارُ الوطنِ الجديدِ.
***
في الذكرى الأولى، جئنا إلى موقعِ الجريمةِ نجدِّدُ إيماننا ونقولُ:
إن لبنانَنا أمامنا، وليسَ وراءنا.
لبنانُنا الذي لا يزولُ خلقهُ اللهُ "قطعة سما"، بسيطٌ ، محبٌّ، مضيافٌ، كريمٌ بالعطاءاتِ وبحبِ الحياةِ، وروحٌ ثقافيةٌ عريقةٌ.
لبنانُنا هذا الذي من أجلهِ زحفتمْ، يا أبناءَ شعبنا الحضاريِّ، هو وحدهُ الجديرُ بشهادةِ الشهداءِ.
لبنانُنا هذا منفتحٌ على العالمِ، وأبناؤهُ خميرةٌ مباركةٌ تزرعُ الخيرَ أينما حلّتْ.
لبنانُنا هذا وفيٌّ لأهلهِ وأخوانهِ في الخليجِ، وأبناؤهُ يأبونَ أن يكونوا خناجرَ في ظهورِ الذينَ فتحوا لهم الأبوابَ ليشاركوهم البناءَ بالسواعدِ والأفكارِ،
وفي المقابلِ، تدفقتْ ملياراتُهم إلى الأهلِ في الوطنِ، كي يعيشوا بكرامةٍ وعزَّةٍ ورخاءٍ.
لبنانُنا هذا سيولَّدُ من جديدٍ كحبةِ الحنطةِ التي "تموتُ لتأتيَ ثمراً كثيراً"،
وحتى سنابلُ القمحِ التي شهدتْ على جريمةِ العصرِ، قد أينعتْ في التربةِ المحروقةِ... وحانَ قِطافها!
فأيُّ رمزيةٍ أقوى للإنبعاثِ والإيمانِ بالقيامةِ؟
***
إذا كنتمْ تريدونَ لبنانكمْ، فخذوهُ وارحلوا…
ارحلوا بلبنانَ الفسادِ والخرابِ والجوعِ والفقرِ والذلِّ والمحاصصةِ والترهيبِ والترويعِ وبالسمسراتِ والعمولاتِ.
هو باقٍ ولهُ ربٌّ يحميهِ إلى أبدِ الآبدينَ...
لبنانُنا الرائعُ هذا سنستعيدهُ بسواعدنا وعقولنا وايمانِنا،
هو وطنُ الأرزِ الخالدُ... ولو حاولتمْ قتلهُ فلنْ يموتَ.
***
في الذكرى الأولى لمجزرةِ المرفأِ، عبرةٌ وفعلُ ايمانٍ:
العبرةُ هي أن أبناءَ شعبنا الحضاريِّ، مُتحدونَ ومتضامنونَ، يداً بيدٍ وكتفاً على كتفٍ،
وأن حُبهمْ للوطنِ راسخٌ ولا يتطلعونَ الى ما هو أبعدُ منهُ.
وفعلُ الإيمانِ بأنَ الوطنَ الذي ورثناهُ عن أجدادنا سنورثهُ لأحفادنا، سالماً معافى، على رغمِ التهجيرِ والحروبِ العبثيةِ وحروبِ الآخرينَ على أرضنا.