تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
سادت انطباعات لبنانية قاتمة في الساعات الأخيرة وسط انتظار مؤشرات الرد الإسرائيلي على مشروع وقف النار الذي حمله الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل، في ظل تطورين واكبا محادثاته الحرجة والدقيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمسؤولين السياسيين والعسكريين الآخرين: الأول تمثل في اطلاق الجيش الإسرائيلي موجات كثيفة وعنيفة من الغارات الجوية الحربية على مناطق الضاحية الجنوبية وصور والجنوب تُوّجت عصراً ومساءً بمجموعة متعاقبة من المجازر في بلدات البقاع الشمالي بما أوحى للأوساط اللبنانية، استباقاً للرد، أن التمهيد له جاء بالنار والدمار عاكسا الموقف الضمني الإسرائيلي من المشروع.
والتطور الثاني تمثّل في تزامن الرد الإسرائيلي على مشروع التسوية في لبنان مع صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، إذ صادف تبلّغ نتنياهو هذا القرار فيما كان مجتمعاً مع هوكشتاين الأمر الذي فسر ازدياد حالة الغضب الإسرائيلية عبر تصعيد العمليات والغارات في لبنان. وما زاد في غموض المشهد أن أي بيان أو تصريح لم يصدر حتى مساء أمس عن هوكشتاين أو نتنياهو في شأن نتائج محادثاتهما فيما طغت ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة على قرار المحكمة الجنائية الدولية على حالة ترقب الرد الإسرائيلي على مشروع التسوية في لبنان. حتى أن الاصداء التصعيدية التي سادت إسرائيل دفعت بالوزير السابق بني غانتس إلى القول إنه “إذا لم يقبل لبنان اتفاقاً يسمح لإسرائيل بحرية العمل بمواجهة الانتهاكات فيجب توسيع نطاق الهجمات على البنية التحتية اللبنانية”.
وقد اجتمع هوكشتاين مساءً مع وزير الدفاع ورئيس الأركان الإسرائيليين. ونقل موقع “إكسيوس” عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أنه لا تزال هناك بعض الفجوات في الاتفاق حول لبنان، في حين نقلت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن مصدر سياسي إسرائيلي أن تقدماً كبيراً آخرَ أُحرز لتسوية على جبهة لبنان بعد زيارة هوكشتاين وضاقت الفجوات، وفي اطار التسوية ستحتفظ إسرائيل بحرية العمل في لبنان وستكون هناك آلية تنفيذ قوية.
ونقلت رويترز أمس عن مسؤول لبناني أن لبنان يسعى إلى ادخال تعديلات على الاقتراح الأميركي من أجل ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بوتيرة أسرع من جنوب لبنان ومنح كلا الفريقين الحق في الدفاع عن النفس. ويشدّد الطرف اللبناني على ضرورة الانسحاب فور اعلان وقف النار لكي يتسنى للجيش اللبناني الانتشار في كل المناطق ولكي يسمح للنازحين بالعودة فوراً إلى ديارهم، علماً أن موقف إسرائيل هو الانسحاب في غضون 60 يوماً من اعلان الهدنة. كما أن المسودة تشير إلى الانسحاب من “حدود لبنانية” فيما يريد لبنان الإشارة إلى “الحدود اللبنانية” لضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل وليس بصورة جزئية.
وفيما كان الجانب اللبناني المفاوض ومعه مجمل الأوساط اللبنانية في حالة ترقب لما سيكون عليه الرد الإسرائيلي، ارتفعت أعداد الضحايا والجرحى في الغارات المتعاقبة على البقاع الشمالي خصوصاً بما عكس انطباعات واضحة حيال عدم تلقي إسرائيل بإيجابية المسودة التي نقلها إليها هوكشتاين بعد زيارته لبيروت.
ولعل اللافت أن وزارة الخارجية الأميركية كانت اعتبرت أن “إسرائيل حققت بعض الأهداف المهمة في حربها ضد “حزب الله” وأن نهاية الحرب قد تكون قريبة”. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحافي في واشنطن: “ما رأيناه هو أن إسرائيل حققت عدداً من الأهداف المهمة. لقد رأينا إسرائيل على مدار الشهرين الماضيين، فعالة جداً في تطهير البنية التحتية لـ”حزب الله” بالقرب من الحدود، ولهذا السبب نعتقد أننا في المكان الذي يمكننا فيه التوصل إلى حل ديبلوماسي الآن”.
وأرخى التصعيد العسكري والميداني ظلالاً ثقيلة على مجمل المشهد الداخلي عشية أحياء عيد الاستقلال للمرة الثالثة وسط الفراغ الرئاسي وبالتزامن مع الحرب الجارية. وفي هذا السياق، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال زيارة رمزية لوزارة الدفاع وقيادة الجيش “أن اللبنانيين مصرّون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالِهم، لإيمانهم بما تحملُ لهم من معاني الحريةِ والسيادةِ والوحدةِ الوطنية، وبما تَبعَثُ في نفوسِهم مِن رجاءٍ بغدٍ أفضل”. وشدّد على “ان الجيش، الذي يستعد لتعزيز حضوره في الجنوب، يقدم التضحيات من أرواح ضباطه وعناصره ذوداً عن أرض الوطن وسيادته واستقلاله، معززاً بثقة اللبنانيين بأنه الأمل والمرتجى”.
بدوره، أكد قائد الجيش العماد جوزف عون أن “الجيش لا يزال منتشرًا في الجنوب حيث يقدّم العسكريون التضحيات ويستشهدون من أجل لبنان، ولن يتركه لأنّه جزء لا يتجزّأ من السيادة الوطنية، وهو يعمل بالتنسيق مع قوّة الأمم المتّحدة الموقتة في لبنان “اليونيفيل” ضمن إطار القرار 1701″. وقال في أمر اليوم: يتابع الجيش تنفيذ مهمّاته على كامل الأراضي اللبنانية، متصدّيًا لكلّ محاولات زعزعة الأمن والاستقرار لأن الوحدة الوطنية والسلم الأهلي على رأس أولوياته، وهما الخط الأحمر الذي لن يُسمح لأي كان بتجاوزه. إنّ الافتراءات وحملات التحريض التي يتعرّض لها الجيش لن تزيده إلّا صلابة وعزيمة وتماسكًا، لأنّ هذه المؤسسة التي تحظى بإجماع محلي ودولي، ستبقى على مبادئها والتزاماتها وواجباتها تجاه لبنان وشعبه بعيدًا عن أي حسابات ضيّقة”.
غارات ومجازر
أما على الصعيد الميداني وعلى وقع محادثات هوكشتاين في إسرائيل بعد زيارته للبنان، فقد تجدّدت فجراً الغارات الإسرائيلية العنيفة على الضاحية الجنوبية وتواصلت طوال يوم أمس على دفعات بعد سلسلة انذارات اطلقها الجيش الإسرائيلي بالاخلاء لمناطق حارة حريك وبير العبد والغبيري والكفاءات والشياح. وقال الجيش الإسرائيلي: “استهدفنا مقرات قيادة وبنى تحتية عسكرية لـ”حزب الله” في بيروت”.
وطالت الانذارات صور في وقت استهدفت الغارات أيضاً قرى الجنوب والبقاع. وأدت غارة على طريق النبطية- مرجعيون طريق الخردلي، إلى انقطاع الطريق بالكامل. كما قام الجيش الإسرائيلي بعملية تفجيرات كبيرة في الخيام، ناسفاً المنازل والمباني السكنية خلال عملية توغله في أطراف البلدة. وبعد الظهر شن الطيران الحربي الإسرائيلي موجات متلاحقة من الغارات على البقاع الشمالي فاستهدف محيط بلدة يونين واعالي بلدة بوداي مرتين ونحلة والطيري وبيت شاما وبريتال ومقنة والسفري. وسقط قتيل وعدد من الجرحى في غارة إسرائيليّة على بلدة الصوانية المتاخمة لبلدة يونين. وسجلت غارات على خراج قرى بيت مشيك وعلى بلدتي الحفير وفلاوى .
وفي حصيلة غير نهائية للغارات سقط أربعة شهداء وجريحة في يونين وأحد عشر جريحا في بريتال وستة شهداء في مقنة وشهيد وجريحان في سهل يونين وثمانية شهداء في عمشكي حيث تواصل البحث عن مفقودين، وأحد عشر شهيداً في نبحا مع استمرار وجود مفقودين وخمسة شهداء في فلاوى وجريح في حوش الرافقة. وأحصي رسمياً ليل امس سقوط 47 شهيدا و22 جريحا نتيجة 16 غارة على بعلبك الهرمل أمس. كما سقط 4 شهداء و15 جريحاً في غارة على مبنى سكني في عربصاليم جنوبا.
وفي المقابل، سجلت سلسلة عمليات لـ”حزب الله”، وقد أعلن عن اطلاقه صلية صاروخية على موقع الإنذار المبكر “يسرائيلي” على قمة جبل الشيخ في الجولان السوري، كما أعلن أنه تصدى لمسيّرة هرمز 900 بصاروخ أرض جو ورمى للمرة الأولى بصلية صواريخ نوعية قاعدة حتسور الجوية شرقي مدينة أشدود.
المصدر: "النهار"