تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
مشهدٌ أولُ :
أمامَ مبنى وزارةِ الخارجيةِ، دائرةُ تصديقِ الشهاداتِ الجامعيةِ، طابورٌ من الشبانِ والشاباتِ ينتظرونَ بالدورِ لتصديقِ شهاداتهم الجامعية للسفرِ والعملِ في الخارجِ.
***
مشهدٌ ثانٍ :
أمامَ السفاراتِ ومراكزِ التأشيراتِ، طوابيرُ المنتظرينَ ادوارهم لطلبِ تأشيرةٍ إلى أيِّ مكانٍ في العالمِ .
***
إضافةً إلى المشهدين ، وهما عيِّنةٌ من يومياتِ البلدِ، مؤشراتٌ خطرةٌ يكشفها أكثرُ من مسؤولٍ:
ثلاثونَ طبيباً من مستشفى عين وزين الشوفيةِ، ومئةُ طبيبٍ من مستشفى الجامعةِ الأميركية، غادروا إلى الخارجِ. وهذا العددُ كشفَ عنهُ رئيسُ الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، في معرضِ حديثهِ عن النزفِ الحاصلِ في القطاعِ الطبيِّ.
وأما نقيبُ الأطباءِ البروفسور شرف أبو شرف، فذهبَ أبعدَ من ذلكَ وتحدثَ عن الآلافِ، وليسَ المئاتِ ، مِن الذينَ سافروا او ينوونَ السفرَ في قطاعاتِ الطبابةِ والتمريضِ والصيدلةِ.
وقطاعُ التجهيزاتِ الطبيةِ بدأ يُقفِلُ شيئاً فشيئاً لأن الشركاتِ تستورِدُ بالعملةِ الصعبةِ. فإذا استوفت بالليرةِ اللبنانيةِ، كيفَ ستؤمنُ الدولاراتِ لاعتماداتٍ جديدةٍ؟
***
مشهدٌ آخرُ، "مجزرةٌ" في قطاعِ موظفيِّ المصارفِ:
الآلافُ تبلَّغوا من إداراتهم أنهم مصروفونَ لأن معظمَ الفروعِ ستُقفِلُ أو أقفلتْ أبوابها.
وبَعدُ، ماذا سيبقى لنا في البلدِ، ومَن سيبقى مِن أولادنا الذينَ دفعنا ثمنَ شهاداتهم بـ"الفريش دولار"، قبل أن ينهبها الناهبون؟
وأيُّ مشاهدَ سنعتادها بعدَ اليومِ؟
***
مشهدٌ أولُ:
أمهاتٌ وآباءٌ وأولادٌ ليسَ في أيديهم حيلةٌ للهربِ من هذا السجنِ الكبيرِ، ينتظرونَ في صفوفٍ طويلةٍ "كراتينَ الإعاشةِ" التي يتحنَّنُ بها المحسنونَ من الخارجِ!
أو جالسونَ على قارعةِ الطريقِ، في أيامِ المللِ الطويلِ، وفي أيديهم "بطاقةُ التمويلِ"، شيكاً بالليرةِ لم يعد يشتري علبةَ حليبٍ ومجمع "حلاوة" وكيلو بندورة!
كم يذكِّرنا هذا المشهدُ بفقراءَ ومشردينَ من بعضِ بلادِ العالمِ المعذّبةِ، ولم نكن نعرفُ عنهم شيئاً إلاّ بنشراتِ الأخبارِ والأفلامِ الوثائقيةِ.
***
أما المنصةُ المنتظرةُ من مصرفِ لبنانَ،فقد تحوَّلتْ الى "منصَّةِ إبريقِ الزيتِ" التي يتأجّل إطلاقها من أسبوعٍ إلى أسبوعٍ، ومِن شهرٍ إلى شهرٍ؟
وأيُّ أملٍ منها يُرتجى، ما دامَ الدولارُ يسابقها صعوداً، بمجردِ أن شعرَ بأنها تقتربُ؟
***
اما الأهمُ، رئيسُ حكومتنا المستقيلُ الأكاديمي، وحتى لا يرجعَ من قطَر "إيدو فاضية"، يُقال إنهُ تقدّمَ بطلبِ تدريسٍ في الجامعةِ هناك.
يُقالُ ذلكَ، وعلى ذمّةِ الراوي، وعلى رغمِ النفي.
في أيِّ حالٍ، أمنيتنا أن ينجحَ في جامعةِ قطر أكثرَ من نجاحهِ في رئاسةِ الحكومةِ.
***
فعلاً، محزنٌ ومُخزٍ ما وصلنا إليهِ.
وما وصلنا إليهِ ليسَ صدفةً بل بأدمغةِ فسادٍ شيطانيةٍ.
فيا أولئكَ الذينَ أوصلتمونا إلى هنا:
ماذا تريدونَ بعدُ، وقد صرنا معذّبينَ في جمهوريةِ المهاجرينَ والكراتينِ ومنصَّةِ المغشوشين؟
كفاناً ظلماً...
على الأقلَّ، أوقفوا الانهيارَ هنا،
لكن، وبحسرةٍ وغصةٍ، فأنكم لن تُوقفوهُ...