تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كتب رئيس التحرير " اكرم كمال سريوي "
بلغ تصعيد المواقف في لبنان حدّه الأقصى. فبعد أن تم تبريد جبهة الرئيسين عون والحريري، جاء خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بثلاثة عناوين ترفع سقف المواجهة ، وتصب الزيت على نار الخلافات المستعرة بين الأفرقاء اللبنانيين.
بعد أن دعا الرئيس عون صراحة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى تشكيل الحكومة (كما يريدها فريق الرئيس عون)، أو الاعتذار وإفساح المجال أمام تكليف رئيس آخر لتشكيل الحكومة، جاء الرد سريعاً وعنيفاً من الرئيس المكلف بأنه لن يعتذر وطالب الرئيس بتوقيع مرسوم تشكيل الحكومة كما هو أو الاستقالة .
توسط رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري فتمت التهدئة وعُقد لقاء شكلي بين الرئيسين عون والحريري تحت عنوان وقف السجال، لكن دون تحقيق أي تقدم في الموضوع الحكومي، على أن يُستكمل البحث نهار الإثنين.
لم تكد تهدأ جبهة بعبدا بيت الوسط حتى جاء كلام السيد نصرالله ليوجّه رسائل عالية السقف في عدة اتجاهات ومواضيع خلافية في الداخل اللبناني، قرأ فيها البعض رسالة دعم للرئيس عون وفريقه، حتى أن البعض رأى فيها تهديداً للرئيس المكلف، وحاكم المصرف المركزي، والثوار الذين يقطعون الطرقات وكل من يعارض أو يعترض على الحزب .
ففي الموضوع الحكومي قال مصدر رفيع للثائر: أن كلام السيد نصرالله ينمُّ عن رسالة إيرانية بعدم قبول السير في تشكيل حكومة لبنانية الآن ، وهذا واضح من الخيارين اللذين طرحهما السيد في خطابه، بحيث خيّر الرئيس الحريري بين التشكيل السريع للحكومة (وهذا يعني عليه الاستجابة لمطالب الرئيس عون) إمّا سيلجأ الحزب مع حلفائه إلى خيار تفعيل حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة .
أما الطرح الأخطر فهو إثارة موضوع تعديل الدستور، ملمحاً من باب تحديد مهلة زمنية للرئيس المكلف تشكيل الحكومة وهذا يستفز مشاعر السنّة في لبنان، ويطرح جدلاً وخلافاً دستورياً ليس وقته الآن .
لاقت مواقف السيد نصرالله استحسان ورضى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي سارع إلى الإشادة بها عبر تغريدة على تويتر. لكن أوساط تيار المستقبل قرأت فيها تهديداً خطيراً يُشكّل انقلاباً على اتفاق الطائف .
فإن تحديد أي مهلة زمنية لرئيس الوزراء لتشكيل حكومته، سيجعل موقفه ضعيفاً، وسيسمح لرئيس الجمهورية عندما يشاء، أن لا يُقدم على توقيع مرسوم تشكيل الحكومة، والانتظار حتى انقضاء هذه المهلة وسحب التكليف من رئيس الحكومة الذي اختاره النواب، وهذا سيُشكّل عودة إلى ما قبل الطائف، يوم كان الوزراء ورؤساء الحكومات ليسوا أكثر من كتبة لدى رئيس الجمهورية.
وإذا كان صحيحاً الحديث عن وجود أزمة نظام، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو، كيف يجوز لفريق تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية مدة سنتين، حتى يتم فرض انتخاب مرشحه، خارج كل الأصول الديمقراطي؟ فإن المهلة التي يجب تحديدها في الدستور هي مهلة انتخاب رئيس الجمهورية، على أن تسقط بعدها نيابة كل نائب يتخلّف عن القيام بواجبه الوطني والدستوري.
أما موضوع تفعيل عمل حكومة مستقيلة، فهذا يُشكّل ضرباً للدستور والأعراف، ويفتح الباب واسعاً أمام عدم إمكانية إسقاط أي حكومة، لأنها ستكون قادرة على الاستمرار في القيام بعملها ومهامها بشكل كامل، حتى ولو سحب المجلس النيابي الثقة منها، والخطير في هذا الأمر هو إلغاء دور المجلس النيابي الرقابي على أعمال الحكومة وقدرته على إسقاطها وهذا ينسف جوهر ومفهوم النظام الجمهوري في لبنان.
أما الموضع الثاني فهو تذكير السيد نصرالله بموضوع إقالة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، وأن ذلك لم يحصل بسبب الخوف من ارتفاع سعر صرف الدولار إلى أكثر من عشرة آلاف ليرة. أما اليوم فقد تجاوز الدولار هذا الحد، وبوجود سلامة، الذي لم يحرك ساكناً، رغم قدرته على فعل أشياء كثيرة.
فهذا الكلام يعني أن حاكم المركزي ارتكب جرم الإهمال الوظيفي، فامتناعه عن القيام بواجبه، والأجراءات التي هو قادر عليها، لحماية النقد الوطني، يُشكّل جريمة خيانة عظمى، تستوجب ليس إقالته فقط ، بل ومحاكمته أمام القضاء أيضاً.
وأضاف المصدر: أنه لا يجوز إلقاء تبعة تدهور سعر صرف الليرة على عاتق حاكم المصرف المركزي ،وتحميله كامل المسؤولية، خاصة في غياب الحكومة، التي من واجبها وصلاحياتها اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف التدهور.
وبالتالي كان من الأجدى التركيز على الدفع باتجاه تشكيل حكومة إنقاذية، تكون قادرة على القيام بما هو مطلوب منها بدل الهجوم على سلامة.
أما عن تصعيد السيد نصرالله في مواجهة الثوار الذين يقطعون الطرق، فيسأل المصدر: ماذا يريدون من الناس أن تفعل؟ وهل من يسمع لصراخ الناس التي باتت على شفير المجاعة وفقدت كل شيء ؟ أوليس قطع الأرزاق من قطع الأعناق؟ هم أزعجهم قطع بعض الطرق من شعب قطع مسؤولوه وحكامه برزقه، وسدّوا له سُبل عيشه، وأذلّوه أمام كيس حليب أو عبوة زيت، ويريدون منه أن يبقى صامتاً ؟ .
مواقف في قمة التصعيد وسقوف عالية وتهديدات، ولا أحد يريد التنازل، فيما الشعب يئن تحت وطأة أزمات متلاحقة، قد لا تترك له منفساً سوى الانفجار .
فهل تنجح المساعي حتى الإثنين بإنجاز التسوية وإخراج الحكومة من عنق الزجاجة ؟
يجيب المصدر لا ينم ما يجري عن نضوج الحل، بل إن الأمور ذاهبة إلى مزيد من الاشتباك السياسي والتصعيد.