تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
يبدو أن جميع القوى السياسية في لبنان لديها شعور واحد، وهو التخوّف من أن استمرار الخلافات الحالية، سيؤدي حكماً إلى عدم الاتفاق على إجراء الانتخابات الرئاسية في العام القادم. ومع انتهاء فترة الرئيس الحالي ميشال عون في ٢٠٢٢/١٠/٣١ سيحدث فراغ رئاسي جديد في لبنان.
وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الانتخابات النيابية في أيار من العام المقبل . فهناك عدة أطراف غير راغبة في إجراء الانتخابات، لأنها قد تحمل مفاجآت عديدة على صعيد تمثيل الأحزاب والقوى السياسية، خاصة تلك التي تتحكم بالبرلمان الحالي.
لقد تغيّر المزاج الشعبي كثيراً في لبنان، خاصة خلال السنة الماضية. وفي ظل الأزمة الاقتصادية الحادة، والانهيار المالي الذي حدث، والمرشّح للازدياد في الأشهر القادمة، سيكون من المستحيل على الأحزاب اللبنانية الحفاظ على مقاعدها الحالية في البرلمان، في أية انتخابات جديدة. خاصة أن الوقت أصبح ضيقاً جداً، ولا يسمح لقوى السلطة بإحداث صدمة إيجابية، يمكنها الاستفادة منها.
كما أنَّ الخلاف على قانون الانتخاب، قد يُشكّل سبباً إضافياً لتأجيل الانتخابات. فلقد أعربت عدة قوى وجهات سياسية؛ كحركة أمل، والحزب التقدمي الاشتراكي، والحزب الشيوعي، وغيرهم عن رغبتهم بتعديل القانون. في حين تتمسك به أطراف أُخرى، خاصة القوى المسيحية، كالقوات اللبنانية، والتيار الوطني الحر . وهذا سيجعل الاتفاق على قانون جديد في الوقت الراهن، والفاصل عن موعد الانتخابات القادمة، أمراً مستحيلاً.
حتى في حال حصول الانتخابات النيابية، وخلط الأوراق من جديد في المجلس النيابي المقبل، فلا شيء يضمن حصول الانتخابات الرئاسية في موعدها، لأنها ليست نتيجة حتمية للانتخابات النيابية. فانتخاب الرئيس في لبنان، سيحتاج إلى تفاهمات داخلية وخارجية صعبة للغاية.
وهذا يعني أنّ الحكومة المنوي تشكيلها الآن، ستتولى مهمات كبيرة؛
المهمة الأولى هي وقف التدهور الاقتصادي، وهذا يتطلّب إجراءات داخلية غير شعبية، ودفع أثمان، خاصة للخارج. أما المهمة الثانية فهي تنظيم الانتخابات النيابية، وفي حال عدم حصولها، سيمدد المجلس النيابي لنفسه، وستستمر الحكومة في السلطة، وتستلم صلاحيات رئيس الجمهورية في حال عدم انتخاب رئيس جديد.
لن يفرّط حزب الله، والتيار الوطني الحر، بهذه الحكومة، ولن يسمحا لسعد الحريري بالسيطرة عليها. فحتى لو انجلى الموقف الدولي، بعد استلام الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن الحكم، والعودة إلى الاتفاق مع إيران، ستبقى الخلافات اللبنانية تُرخي بثقلها على تشكيل الحكومة.
لن يعتذر الرئيس الحريري بعد أن أمسك بورقة التكليف، مهما طال أمد التشكيل، فهو يعلم جيداً أهمية وجوده في السلطة في المرحلة القادمة. وفي نفس الوقت يقاتل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لاستعادة ما فقده، وهو يخوض معركته الأخيرة في وجه معارضيه، داخل التيار وخارجه، ولن يتنازل أبداً، وسيحاول الإمساك بوزارات وازنة، كالداخلية، والطاقة، والعدل، والدفاع.
قد تُولد الحكومة نهاية الشهر الحالي، اذا أعطى الحريري لباسيل ما يريده، وبعد أن يتأكد حزب الله أن المنطقة تجاوزت قطوع الحرب والتفجير الكبير، بعد رحيل ترامب بسلام. فمن الواضح جداً مدى التخوف من مغامرة الساعة الأخيرة، التي قد يقلب فيها ترامب الطاولة على الجميع.
ويربط المحللون عدة إشارات بهذا الأمر، منها العودة السريعة والمفاجأة للرئيس ترامب الى البيت الأبيض في اليوم الأول من السنة، وإلغاء وزير الدفاع الأميركي زيارته إلى إسرائيل، وما تردد عن طلب أميركي من الرئيس المصري تأجيل زيارته إلى العراق، وكذلك مناورة الإعلان عن سحب حاملة الطائرات الأميركية «نيميتز» من الخليج، والتي ما زالت رابضة مكانها.
لم يكن ترامب راغباً باشعال الحرب مع إيران، لكن الأمر تغيّر بعد إعلان إيران زيادة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى ٢٠٪ ، والذي سيفتح الطريق خلال أشهر قليلة، للوصول إلى مستوى أعلى، وتصنيع القنبلة النووية. يمكن أن تتغاضى الإدارة الأميركية عن أي استفزاز إيراني، لكن امتلاك السلاح النووي، هو ما لا يمكنها القبول به، خاصة أنه سيقلب المعادلات في المنطقة، وسيهدد بشكل مباشر أمن حليفتها إسرائيل، فهي ستمنع ذلك بالقوة حتى لو أدّى الأمر لإشعال حرب.
المنطقة على حافة بركان، ولذا ستبقى الآن حكومة لبنان في الانتظار، رهن تطورات المنطقة، واتضاح الصورة. ففي حسابات بعض القوى اللبنانية، الأمور الاستراتيجية والخارجية تعلو على الأمور الداخلية، ومهما عانى اللبنانيون من صعوبات العيش ،والخسائر المتراكمة، وحتى الفقر والمجاعة، فكل ذلك ليس من الأولويات.
فانتظروا أيها اللبنانيون نعمة الفرج، من وليِّ أمرِكم في الخارج .
رئيس التحرير " اكرم كمال سريوي "