تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- سعيد كبة
مرّ على الأزمة اللبنانية حوالي السنة تقريبًا ، و سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة اللبنانية مازال مرتفع و غير ثابت ، و الأزمة تتفاقم معمرور الوقت ، فمصرف لبنان يتخبط اكثر و اكثر ، و هو عاجز عن ايجاد أيّ حلول لحلحلة الوضع الحالي و محاولة الخروج من هذه الأزمة.
ففي حديث لحاكم مصرف لبنان "رياض سلامة"، و خلال اجتماعاته التي يعقدها مع نوابه و نواب الحكومة المختصين في الشق المالي ، فقد قَدُمحاكم مصرف لبنان على درس اقتراح تخفيض الاحتياط الالزامي من نسبة ١٥٪ من الودائع الى نسبة ١٢٪.
*فما هو الاحتياط الالزامي و ما مدى أهمية وجوده في مصرف لبنان؟
احتياطي المصرف هي نسبة يفرضها البنك المركزي على الودائع يتوجب على المصرف المودعه اليه ودائع المواطنين دفعها لحماية أصحاب الودائعمن إفلاس هذه البنوك في المستقبل من ناحية احترازية و يعد الاحتياط الالزامي أحد أدوات السياسة النقدية التي يستخدمها المركزي للتحكم فيالأسواق وفي تحديد نسبة السيولة في الاقتصاد.
السؤال المطروح اليوم ، هل يستطيع مصرف لبنان التلاعب في سيولته من دون الاحتفاظ بالمبلغ المطلوب لتغطية الودائع التي تشكل عبئًا كبيرًاعليه ؟
بكل بساطة تلاعب مصرف لبنان بالاحتياط الالزامي هو أمر مخالف للتعاميم الصادرة عنه ، و اقتراح "سلامة" الذي لم يخرق القوانين المالية للبلادطيلة هذه السنين ، يستطيع اليوم أن يصدر تعاميم جديدة تطعن بالتعاميم السابقة و تسهل عملية العبث بالاحتياط الالزامي باستناده الىتعاميم أخرى تسمح له بالمساس بالقوانين المالية عبر تعديلها أو التلاعب عليها.
اذ أن حاكم مصرف لبنان لا يستطيع اليوم العبث بهذا الاحتياطي فبحسب التعميم الصادر عن مصرف لبنان رقم ٨٦ المتعلق باحتياطي المصارفالالزامي و بموجب مادته الأولى يقول :"على المصارف كافة أن تودع لدى مصرف لبنان نسبة 15% من جميع أنواع الودائع مهما كانت طبيعتها"
و قد نتج عن هذه النسبة الالزامية و بحسب "رياض سلامة" حوالي ١٨ مليار دولار ، لا يستطيع أن يتصرف سوى بـ٨٠٠ مليون دولار امريكي منها.
أمّا المؤيدين لنظرية العبث بالاحتياط الالزامي يدعمون تاييدهم بالتحايل على التعميم رقم ٨٦ و يدعمون أقوالهم بأنه لا يوجد أي نص واضح وصريح يمنع استعمال مصرف لبنان لهذه الأموال ، و إن التعميم الأساسي لم يذكر أنها "احتياط إلزامي" بل اعتبرها "توظيفات إلزامية" و هذا بحدذاته يعتبر تحايل على تعاميم مصرف لبنان و بالأخص التعميم الأساسي رقم 84 الذي فرض في مادته الثالثة على المصارف "تكوين إحتياطيإلزامي نقدي لدى مصرف لبنان على مجموع الإلتزامات الصافية بالليرة اللبنانية الخاضعة للإحتياطي الإلزامي".
أن مجرد التفكير بالمساس بالاحتياط الالزامي هو جرم بحق المودعين و يندرج تحت اطار إساءة الامنة الموكلة الى مصرف لبنان و حاكمه و أن أيّمساس بهذه الأموال تسقط النظام المصرفي اللبناني بالضربة القاضية فهذه الخطوة هي بمثابة سرقة المودعين الذي وثقوا بالنظام المصرفي وعلى "عينك يا تاجر" ؛ فأن الاحتياط الالزامي ليس وديعة ارتضى بها المودع و المصرف و ووضعها في المصرف المركزي ارادًيا بل هي وديعة الزاميةلم يكن لهما الخيار في رفضها أو قبولها.
فالأفضلية اليوم للمودع في استعادة وديعته ، لو حصل هذا الانخفاض في الاحتياط الالزامي وليس لأي غرض آخر هذا ما أكده حاكم مصرفلبنان أكثر من مرة ، فما الذي تغير ؟
الاحتياط في مصرف لبنان بحسب مصادر حاكم المصرف هي ١٨ مليار دولار ، و أن العبث به ستسمح بتوفير ما بين 3 إلى 3.5 مليار دولار أميركيوعلى وتيرة 600 مليون دولار أميركي دعم واردات الوقود والقمح والأدوية التي يتم تهريب معظمها الى خارج البلاد ، و في هذه الحالة قد يتمكّنالمركزي من الإستمرار بالدعم من 5 إلى عدة أشهر إضافية بإنتظار حلحلة سياسية وإلا سيكون على المركزي إعادة عملية خفض الإحتياطيالإلزامي لشراء وقت إضافي.
مصرف لبنان يريد أن يستعمل أموال المودعين بغطاء حكومي ، لشراء المواد الغذائية والأولية والتي يتمّ تهريبها إلى دول أخرى مثل الكويت وتركياوسوريا من قبل عصابات محمية من بعض أصحاب النفوذ.
أمّا في حين عدم ايجاد حلول في الوقت القريب فنحن أمام سيناريوهات خطرة اذا نفذ الاحتياط الالزامي يجبر لبنان على القبول بكل الشروطالدولية ، هذا السيناريو الكارثي يُشكّل إرتهان كامل للبنان للمنظومة المالية العالمية مما قدّ يؤدّي إلى رهن موارد لبنان.
اذًا أموال المودعين في خطر و الحاكم و مصرفه يتخبطون بحثًا عن حلول و الحلول الخارجية متوقفة الى حين تشكيل الحكومة التي يعول عليهاالكثيرون لاخراج لبنان من هذه الأزمة رغم أنه من الصعب خروجه بسهولة.
فهل ينجح لبنان و نظامًا و شعبًا في هذه المرحلة الحساسة ام نسقط جميعًا بسقوط نظامنا الاقتصادي بالضربة القاضية بعد نفاذ الاحتياطالالزامي !؟