#الثائر
لوحظ انه فور الإعلان عن تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، تحركت الحكومة بمشاركة الادارات والهيئات الرسمية، لاطلاق ورشة إعادة اعمار ما هدمته الحرب، انطلاقا من وضع تصور لازالة ركام الابنية والمنازل والممتلكات المهدمة في مختلف المناطق التي استهدفتها الاعتداءات الإسرائيلية، والالية التي ستعتمد والتكاليف التقديرية للعملية، تحضيرا لمرحلة اعادة الاعمار التي اعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن تكلفتها تقارب خمسة مليارات دولار، او تزيد عن ذلك.
من الضروري ان تبادر الحكومة مع الادارات المعنية بوضع خطة عمل مرفقة بجدول زمني، لاطلاق ورشة إعادة الأعمار، تأخذ بعين الاعتبار الأولويات المطلوبة، وكيفية التمويل، والاسس التي ستعتمد لتلزيم العقود والجهات التي تراقب عملية التنفيذ وآلية الالتزام بالشروط الموضوعة ومحاسبة المخالفين، لانه لا يمكن تأجيل او تأخير عملية اعادة الاعمار لاسيما للمنازل والابنية السكنية للمواطنين الذين اضطروا للسكن في منازل اقاربهم او دفع بدلات مرتفعة، تنهك جيوب اصحاب الدخل المحدود والمتوسط، وهم الأكثرية.
ولكن يبقى السؤال المهم هو هل الحكومة قادرة على إطلاق عملية إعادة الاعمار بهذا الحجم، بالادارات والهيئات الرسمية المترهلة؟
ببساطة الجواب هو كلا، لأن الحكومة نفسها، منقسمة وغير مكتملة، وبصعوبة تجتمع لاتخاذ القرارات الضرورية والملحّة، وفشلت في وضع الحلول اللازمة لخطة التعافي الاقتصادي والمالي وهيكلة المصارف، وهي الخطة التي من شأنها إعادة الثقة بالقطاع المصرفي، واطلاق الدورة الاقتصادية، ووضع حدٍ لمشكلة المودعين المستعصية، والتي تقضُّ مضاجع المواطنين، وهي غير قادرة على الحصول على المساعدات المالية من الدول العربية الشقيقة والصديقة والصنايق الدولية، لتمويل عملية اعادة الاعمار لاسيما في الجنوب، لعدم التزامها بوعود إجراء الاصلاحات المطلوبة لحل الازمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها لبنان.
وهذا الامر ينسحب على معظم الادارات والهيئات المعنية بتولي اعادة الاعمار التي تلوك سمعة بعض المسؤولين فيها شبهات التورط بالفساد، بالعديد من المشاريع والبرامج التي تولت تنفيذها او الإشراف عليها، ناهيك عن تغطية عدم التزام بعض المتعهدين بشروط العقود المنفذة، ما يشوب المشاريع المنفذة عيوباً وثغرات تلحق الضرر بمصالح المواطنين وتعرض حياتهم للخطر.
وبالرغم من وعود الشفافية بطرح المشاريع على المناقصات وهيئة الشراء العام لتلزيم عملية ازالة الانقاض، وهذا مؤشر ايجابي لمنع التلزيم بالتراضي، وتقاسم المشاريع بين مافيات الملتزمين ومحاصصات السياسيين فيها، كما حصل بعد حرب تموز عام ٢٠٠٦.
الا ان اطلاق عملية اعادة الاعمار بعد ذلك، اصبحت متعذرة في الوقت الحاضر، اولا لضيق ما تبقى من عمر الحكومة المنقسمة والمستقيلة الحالية، في حال تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في التاسع من الشهر المقبل، وضرورة تاليف حكومة مكتملة تستطيع إجراء الاصلاحات المطلوبة في الإدارات والمؤسسات الرسمية، وتحظى بالثقة المطلوبة، اولا، لاستقطاب المساعدات المطلوبة من الخارج، في ظل عدم توافر الاموال من الخزينة اللبنانية، وثانيا للمباشرة بتنفيذ عملية اعادة الاعمار، بأقل نسبة من الفساد والمحسوبية.
معروف الداعوق - اللواء