#الثائر
إضافة إلى الجانب الكنسي والرعوي الذي ارتدته زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى باريس، بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس أساقفة باريس، فقد كان لها جانب سياسي أيضاً. فقد وفّرت الزيارة للبطريرك الفرصة، وإن كانت على هامش احتفالية إعادة تدشين كاتدرائية نوتردام، للحديث مع ماكرون ومسؤولين آخرين، وكذلك مع مسعد بولس، الأميركي اللبناني الأصل الذي عيّنه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مستشاراً خاصاً له لشؤون الشرق الأوسط.
وفي لقاء مع مجموعة ضيقة من الصحافيين في «البيت الفرنسي ــ اللبناني»، أفاد الراعي بأنه تحادث سريعاً مع الرئيس ماكرون الذي قال له إن «لبنان في قلبي ولن يخرج منه». كذلك أبدى حرصه على مواصلة الاهتمام بالملف اللبناني المقبل على استحقاقات عديدة؛ منها ملء الفراغ على رأس المؤسسات اللبنانية من خلال إجراء الانتخابات التي حُدد لها موعد في التاسع من الشهر المقبل. وشكر الراعي الرئيس الفرنسي لما أبداه إزاء لبنان وللرعاية التي خصّه بها، وقال له: «هذا واضح من خلال كل مبادراتك».
كذلك تبادل البطريرك الحديث مع مسعد بولس الذي أبلغه أنه «يخطط للذهاب إلى لبنان» ولكن من غير أن يحدّد موعداً لذلك. لكن الزيارة لن تتم، في أي حال، قبل أن يُنصّب ترمب مرة ثانية رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. ووفق البطريرك، فإن ترمب أشاد بقوة بمستشاره الخاص واعتبر أن بولس «سيكون له تأثير قوي على سياسة ترمب» إزاء المنطقة بما فيها لبنان.
في لقائه مع المجموعة الصحافية، تحدث الراعي عن الاستحقاق الرئاسي في لبنان وبدا واثقاً من أن الموعد الذي حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري سيكون مثمراً بمعنى أن «الطبخة نضجت»، لأن بري التزم بموعد محدد وبعقد جلسة انتخاب من دورات عدة وبحضور سفراء عرب وأجانب، ولأنها تأتي بعد وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل والبدء بتطبيق القرار 1701.
إلا أن البطريرك رفض، كعادته، الخوض في أسماء المرشحين للرئاسة، أقله بشكل علني، معتبراً أن هناك أسماء صالحة للمهمة. وإزاء تعدد الأسماء، أشار إلى أن الأحزاب يمكن أن تصل في نهاية المطاف إلى اسمين أو ثلاثة يتم الاقتراع عليها في الجلسة المرتقبة.
وترى البطريركية المارونية أن كلاً من المرشحين له ما يتميز به عن الآخرين. وتفيد أوساطها بأن بورصة المرشحين تتأرجح بين الصعود والهبوط وأنه، حتى اليوم، ليس هناك أي منها يفرض نفسه.
وفي لقاء آخر مع مجموعة مختلطة من الفرنسيين واللبنانيين، نفى البطريرك الراعي أن يكون هناك للكنيسة المارونية مرشح تزكية. وقال: «ليس لنا مرشح، لكننا نعرف جميع المرشحين والأسماء المطروحة جيّدة. وليس دور الكنيسة أن يكون لها مرشح».
وأبدى البطريرك إحباطه لأنه لم ينجح في الجمع بين القيادات السياسية، ومنها القيادات المسيحية، منذ عام 2019، موضحاً أنهم يتذرعون بأن «الوقت غير مناسب» لكن السبب الحقيقي أن لهؤلاء القادة «مصالح خاصة» يدافعون عنها. وحضّ السياسيين اللبنانيين على أن «يغيّروا ما في أنفسهم لأنهم يتحدثون لغة غير لغة الشعب».
ولا يبدي البطريرك الماروني أي تخوف من القادم من الأيام، إذ يقول: «لن تكون هناك نتائج سلبية إذ إن اللبنانيين يتوقون للعيش بسلام، إذ إن هذه هي ثقافتهم وسيكونون على وئام والدليل على ذلك أن المسيحيين استقبلوا النازحين وفتحوا لهم بيوتهم، وأنا أؤكد أننا ذاهبون لحقبة جديدة من السلام».
بيد أنه لم تفته الإشارة، في تلميح للحرب التي اندلعت بين «حزب الله» وإسرائيل، إلى أنه «يتعين أن يتوقف (حزب الله) عن اتخاذ قرار السلم والحرب (منفرداً)، إذ إن قراراً كهذا يخصّ اللبنانيين كافة». أمّا بالنسبة لاتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار، فقد أمل البطريرك ألا يكون لستين يوماً فقط بل يكون «دائماً»، مكرراً تفاؤله بأن يحل السلام وأن يعود النازحون إلى بيوتهم. ورأى أن الخلافات «بين السياسيين وليس بين اللبنانيين»، موجّهاً، مرة أخرى، الشكر لفرنسا «لوقوفها إلى جانب لبنان في الأيام الصعبة».
ميشال أبو نجم - الشرق الاوسط