#الثائر
كتبت صحيفة "النهار": لم يمر بعد، وربما حتى أمد لن يكون أقصر من مهلة الـ60 يوماً، قطوع وخطر انهيار الهدنة الشديدة الهشاشة التي قامت بموجب اتفاق وقف العمليات العدائية بين لبنان وإسرائيل خصوصاً وأن الانتهاكات المتبادلة بين إسرائيل و”حزب الله” تواصلت أمس ولم تفرملها تماماً الكلفة البشرية الباهظة التي أفضت أول من أمس إلى سقوط 12 ضحية تحت وطأة عاصفة تبادل الغارات والقصف الصاروخي.
وإذ صعّدت إسرائيل أمس تهديداتها “النوعية” مهوّلة بمساواة الدولة اللبنانية وبناها التحتية بـ”حزب الله” في حال انهيار وقف النار، رفع لبنان الرسمي وتيرة التعبئة الدبلوماسية لوقف النار ولجم الاندفاعات التصعيدية فيما سارع الجيش اللبناني إلى استعجال واختصار المهلة الزمنية، فشرع في نشر وحدات عسكرية في مناطق من الجنوب إيذاناً باستكمال الخطوة عبر الانتشار على امتداد الشريط الحدودي مقترناً باطلاق الجيش الشارة الأولى إلى عملية تطويع في صفوفه لتعزيز انتشاره المطلوب جنوباً وفي كل لبنان. هذه الخطوات شكلت اجراءات متقدمة على طريق احتواء خطورة تصاعد الانتهاكات المتبادلة لوقف النار بدفع أميركي – فرنسي قوي سيترجم من الاجتماع الأول للجنة المراقبة على وقف النار في الساعات المقبلة. كما أن معلومات توافرت لـ”النهار” عن اتجاه لدى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للقيام بجولة في الأيام المقبلة على بعض المناطق في الجنوب لا سيما منها التي بدأ الجيش اللبناني اعادة انتشاره فيها.
وأكد ميقاتي في هذا السياق “أن الاتصالات الديبلوماسية مستمرة وتكثفت بالأمس لوقف الخروقات الإسرائيلية لقرار وقف اطلاق النار والانسحاب من البلدات اللبنانية الحدودية”. وقال: “لقد شددنا في خلال هذه الاتصالات على أولوية استتباب الأوضاع لعودة النازحين إلى بلداتهم ومناطقهم وتوسعة انتشار الجيش في الجنوب”. ولفت إلى “أن إعلان قيادة الجيش الحاجة إلى تطويع جنود متمرنين في الوحدات المقاتلة يندرج في سياق تنفيذ قرار مجلس الوزراء بزيادة عديد الجيش لتعزيز انتشاره في مختلف مناطق الجنوب” .
ونقلت “رويترز” أمس عن مصدرين مطلعين إن الجنرال غيوم بونشان ممثل فرنسا في اللجنة سيصل إلى بيروت اليوم الأربعاء، وأن اللجنة ستعقد أول اجتماع لها غداً الخميس. وذكر أحد المصدرين، “أن هناك حاجة ملحة لبدء عمل اللجنة قبل فوات الأوان”، مشيراً إلى تكثيف إسرائيل التدريجي لهجماتها رغم الهدنة.
وعُلم أن الوفد العسكري الأميركي في لجنة المراقبة تفقد أمس مقر قيادة اليونيفيل في الناقورة واجتمع مع قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب.
وقال مصدران سياسيان لبنانيان لـ”رويترز” إن اثنين من كبار المسؤولين اللبنانيين طالبا واشنطن وباريس بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار، بعدما شنت عشرات العمليات العسكرية على الأراضي اللبنانية. وقال المصدران إن الرئيس ميقاتي، والرئيس نبيه بري تحدثا إلى مسؤولين في البيت الأبيض والرئاسة الفرنسية في وقت متأخر الإثنين وعبّرا عن قلقهما بشأن وضع وقف النار.
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الرئاسة أو وزارة الخارجية في فرنسا.
في غضون ذلك بدأت عملية انتشار كثيف للجيش في أحياء وشوارع مدينة صور ومحيطها ايذاناً بالبدء بإعادة انتشار الجيش في الجنوب لا سيما في القرى الحدودية.
وعبر جولة ميدانية لـ”النهار” في قرى منطقتي صور وبنت جبيل، لوحظت عودة عناصر الجيش اللبناني إلى حواجزهم أمام المراكز والمواقع الموجودة في بعض قرى وبلدات الجنوب خارج المنطقة الحدودية المحاذية للخط الازرق، وقام عناصر الجيش بتوزيع ملصقات تنبه العائدين إلى قرى منطقة بنت جبيل والمارة، إبلاغ المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالالغام، عند العثور على ذخيرة غير متفجرة، وعدم لمسها والابتعاد عنها بهدوء. كما لوحظت عودة قوات اليونيفيل، وتسيير دوريات مؤللة في قرى المنطقة.
الجيش اللبناني يعزز انتشاره في مناطق الجنوب.
في المقابل مضى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصعيد تهديداته فقال: “نحن في حالة وقف إطلاق نار مع “حزب الله” وليس نهاية الحرب”. وأضاف: “نُنفّذ وقف إطلاق النار بقبضة من حديد، ونتحرّك ضدّ أي انتهاك سواء كان بسيطاً أو جسيماً”. كذلك هدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بإنه “إذا انهار وقف إطلاق النار مع “حزب الله”، فلن يفرّق جيشه بين لبنان والجماعة”. وحثّ كاتس خلال زيارة للحدود الشمالية، الحكومة اللبنانية على “تفويض الجيش اللبناني للقيام بدوره، وإبعاد حزب الله عن الليطاني وتفكيك بنيته التحتية بالكامل”.
وأضاف: “إذا انهار وقف إطلاق النار، فلن يكون هناك أي استثناء للدولة اللبنانية. سننفذ الاتفاق بأقصى قدر من التأثير وعدم التسامح. إذا كنا حتى الآن نفرق بين لبنان و”حزب الله”، فلن يظل الوضع هكذا”.
المعارضة والاستحقاقان
وسط هذه الاجواء برز أول تحرك لكتل قوى المعارضة يتصل باستحقاقي مرحلة ما بعد الحرب والجلسة النيابية لانتخاب رئيس الجمهورية. واجتمع نواب كتل المعارضة في معراب بمشاركة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في مؤشر على اطلاقها عملية تشاور وتنسيق واسعة تمهّد للخيارات الحاسمة حيال مرشحها للرئاسة تنافساً أو توافقاً مع الآخرين.
وصدر بيان أكدت فيه كتل ونواب قوى المعارضة “ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار من خلال: استعجال تطبيق الآليات والخطوات العملية التي وافقت عليها الحكومة خصوصاً لجهة تطبيق القرارات الدولية 1559، 1680، 1701 والبنود ذات الصلة في اتفاق الطائف، والتعاطي الحازم مع الخروقات، ضبط السلاح وحصره مع الجيش اللبناني، وانتشار الجيش اللبناني على كل الحدود والأراضي اللبنانية، وذلك سعياً للوصول الى دولة فعلية يبسط الجيش اللبناني سيادة الدولة على أراضيها وحماية حدودها وضبط كل معابرها تمهيداً للانطلاق بمرحلة جديدة من تاريخ لبنان تكون نقيض المرحلة السابقة التي لم تأت على اللبنانيين إلاّ بالمآسي والانهيارات والنكبات والحروب”.
وفي ما يتعلّق بالملف الرئاسي، اعتبر البيان “أن تاريخ 9 كانون الثاني يجب أن يكون التاريخ الحاسم لإتمام الاستحقاق الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية ملتزم بتطبيق الدستور وتنفيذ البنود الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار، وقيادة الإصلاحات المطلوبة للخروج من الأزمة المؤسساتية، المالية والاقتصادية والشروع في بناء دولة القانون والمؤسسات واستعادة سيادتها على كامل أراضيها. ولهذا الهدف، سنكثف الجهود والاتصالات مع كل الكتل النيابية في محاولة للتفاهم حول مرشح يحظى بتأييد واسع مع التمسك بالمواصفات المطلوبة لمرحلة بناء الدولة التي نؤمن بها”. وختم: “في سائر الأحوال، نصرّ على أن تكون جلسة 9 كانون الثاني لانتخاب رئيس للجمهورية، مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس بحسب الدستور”.