#الثائر
خطفت التطورات المتلاحقة بسرعة مذهلة في سوريا الأضواء والأنظار والرصد عن الساحة اللبنانية بحيث لم يتمكن اللبنانيون الذين لا يزالون تحت وطأة تداعيات الحرب بعد أربعة أيام من سريان وقف النار على أرضهم من إدراك حقيقة المجريات المتفجرة بقوة غير مسبوقة في الحرب السورية .
ومع ان رسم مسار واضح لحقيقة ما يجري في الشمال السوري حيث حققت فصائل المعارضة السورية تقدما مذهلا في غضون أربعة أيام فقط واحتلت ثاني اكبر المدن السورية حلب بالإضافة الى إدلب وتقدمت نحو حماه، لا يزال من الاسرار الكبيرة جدا التي تغلف المفاجأة الضخمة لعودة اشتعال الحرب في سوريا، فإن معظم التقديرات والتحليلات والتقديرات تربط هذا الحدث السوري المدوي بتوقيته على الأقل بوقف النار في لبنان اذ تزامن اشتعال الحرب مجددا في الشمال السوري مع يوم بداية وقف النار في لبنان . كما أن عامل الربط الاخر يتصل بما يعتقد انه استهداف أساسي للنفوذ الإيراني في سوريا ومن ضمنه تورط "حزب الله" المزمن في الحرب دفاعا عن مناطق النظام السوري وقد لوحظ ربط هجوم فصائل المعارضة والجماعات الإسلامية المتطرفة في شمال سوريا بالوضع الذي انتهى اليه "حزب الله" بعد الحرب الإسرائيلية عليه في لبنان اذ بدا واضحا ان هذه الحرب انهكته وأضعفته الى حدود كبيرة جدا بما بات معه محتما عجزه عن أي انخراط متجدد في القتال في سوريا .
في أي حال لم تنخرط القوى اللبنانية بعد في التعليقات والمواقف من تطورات الحرب السورية باستثناء مسارعة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الى تسجيل "فاتورة" انحياز الى النظام السوري اذ اجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره السوري بسام صباغ، دان فيه "هجوم المجموعات المسلحة التكفيرية على مدينة حلب ومحيطها"، مؤكداً "دعم لبنان لوحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، متمنياً للشعب السوري الخير والهدوء والسلام".
وبالعودة الى الواقع اللبناني تفاقمت حالة "نصف وقف النار" التي بدت اقرب الى هدنة شديدة الهشاشة في ظل مضي القوات الإسرائيلية في خروقها المتواصلة لإتفاق وقف النار في اليوم الرابع من بدء سريانه، بما بات يثير مزيدا من المخاوف على استمرار وقف النار . ويفترض ان يشهد الأسبوع المقبل تطورا أساسيا لتثبيت وقف النار من خلال انطلاق عمل لجنة الرقابة الخماسية على اتفاق وقف النار بعد اكتمال أعضائها بوصول الجنرالين الأميركي والفرنسي بالإضافة الى ممثلي لبنان والأمم المتحدة وإسرائيل في اللجنة . وهو الامر الذي سيضع الانتهاكات المتواصلة للاتفاق في عهدة اللجنة لوقفها والمضي في تنفيذ إجراءات الاتفاق كافة .
وفي هذا السياق نقل أمس عن مصدر في الرئاسة الفرنسية، أن أزمات المنطقة وعلى رأسها لبنان ستكون حاضرة بقوة في مباحثات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إطار زيارة الدولة التي يقوم بها ماكرون إلى السعودية بين 2 و4 من كانون الأول. وذكر المصدر بدور المملكة في اللجنة الخماسية التي هي عضو فيها والتي تجتمع منذ عامين وتدعم جهود الموفد الرئاسي جان ايف لودريان للخروج من الأزمة الدستورية في لبنان، وهذا موضوع سيحضر في مباحثات الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي. ولفت المصدر الى أن اللجنة ترحّب بإعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري تحديد جلسة في 9 كانون الثاني لانتخاب رئيس للجمهورية، ولا بد من التسريع بهذه المسيرة، الامر الذي يشكل عنصر استقرار وسيادة.
كما رأى المصدر أن الأولوية لتثبيت وقف إطلاق النار واستعادة سيادة لبنان على أراضيه، وإعادة انتشار قوات الجيش اللبناني، مؤكدا استعداد باريس الكامل في تقديم دعمها على صعيد وطني ودولي بهذا الخصوص.
المصدر - النهار