#الثائر
بعد الانتخابات الرئاسية التي أفرزت فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالبيت الأبيض، دخلت إدارة الرئيس جو بايدن المرحلة المعروفة في الولايات المتحدة باسم "البطة العرجاء". في هذه المرحلة، يصبح الرئيس الأميركي أقل تأثيراً، بما أن أيامه في السلطة باتت قليلة، فبين يومي الانتخابات والتنصيب في 20 كانون الثاني، نحو 75 يوماً وحسب. وأدخل التعديل العشرون سنة 1933 تقصيراً للفترة الفاصلة التي كانت تنتهي سابقاً في آذار.
الصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس المنتهية ولايته لا تزال هي نفسها دستورياً. لكن في هذه المرحلة، يعمل الرؤساء الذين يقتربون من مغادرة البيت الأبيض على الاهتمام بتشكيل إرثهم. إذاً، في هذه الأوقات، تبرز مفارقة كبيرة في واشنطن: لا يعود الرؤساء مؤثرين في قراراتهم لأن الرئيس الجديد المنتخب قد يعمل على إلغائها، لكنهم أيضاً وبسبب اقترابهم من نهاية ولايتهم قد يتخذون قرارات مفصلية لترك انطباع دائم في أذهان الناس. لكن ما هو مجال هذه القرارات المفصلية؟
السياسة الخارجية
بالتوازي مع الانتخابات الرئاسية، تخاض أيضاً انتخابات تشريعية. حتى لو لم تتغير تركيبة الكونغرس، لن يكون مشرّعوه متحمسين للتعامل مع رئيس يغادر قريباً مركز القرار الأهم. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن عبارة "البطة العرجاء" لا تُطلق فقط على الرئيس المنتهية ولايته، بل أيضاً على المشرعين الذين خسروا الانتخابات أو على أي مسؤول اقترب من مغادرة منصبه.
من هنا، يميل الرؤساء إلى التركيز على الشؤون الخارجية لترك بصمتهم الكبرى. حصل ذلك سنة 1960 مثلاً حين قطع دوايت أيزنهاور العلاقات الديبلوماسية مع كوبا. وفي سنة 1968، حاول الرئيس ليندون جونسون إنهاء حرب فيتنام، لكنه لم ينجح في ذلك. بالنسبة إلى الرئيس الحالي، يتوقع كبير محللي الشؤون الحكومية في "بلومبرغ" نايثان دين أن يركّز بايدن على الصين أو أوكرانيا أو الشرق الأوسط لأن قوة الرئاسة أقوى هناك.
لا يعني ذلك أنّ الرئيس لن يعير الشؤون الداخلية اهتماماً في هذه المرحلة، بخاصة أنّه درجت العادة على إصدار الرؤساء عفواً خاصاً عن بعض المدانين. هذا ما حصل على سبيل المثال لا الحصر حين عفا ترامب عن أكثر من 70 مداناً في الأسابيع الأخيرة من ولايته، أو حين عفا بيل كلينتون عن نحو 140 شخصاً قبل مغادرته البيت الأبيض. وفي سنة 2008، أمر جورج بوش الابن بإصدار حزمات إنقاذ مالية لشركتي "جنرال موتورز" و"كرايسلر".
الفريق الانتقالي
في المرحلة الانتقالية، يفعّل المرشحون الرئاسيون الفائزون فريقاً خاصاً سبق أن اختاروه بشكل منفصل عن فريق الحملات الانتخابية. يشرف الفريق الانتقالي على التدقيق في سيرة المسؤولين والموظفين المقترحين لمناصب رسمية (أكثر من 4 آلاف) كما على التخطيط ووضع الأجندات الكفيلة بتنفيذ الوعود الانتخابية. ولأنه يجب عليهم أن يكونوا جاهزين للحكم منذ اليوم الأول، يبدأ المرشحون الرئاسيون بالاستعداد للمرحلة الانتقالية منذ شهر آذار من السنة الانتخابية، بحسب "مركز الانتقال الرئاسي".
يشير المركز أيضاً إلى أنّ التغييرات الأخيرة لقانون الانتقال الرئاسي (1963) فرضت على الوكالات الفيدرالية التخطيط للانتقال. وبما أنّ ترامب خدم البيت الأبيض في السابق، من غير المتوقع أن يجد صعوبة في اجتياز المرحلة الانتقالية.
ولا ترتبط كل الأمور في هذه المرحلة باختيار المسؤولين المناسبين لشغل المناصب وحسب. ثمة أيضاً مسألة التعاون بين الإدارتين الراحلة والمقبلة، إذ أحاط بوش الابن خلَفه باراك أوباما بالعمليات الأميركية السرية، وهكذا فعلت مستشارة أوباما، سوزان رايس، مع مستشار ترامب حينذاك مايكل فلين بحسب "أسوشيتد برس".
بعد فوزه، دعا بايدن ترامب إلى البيت الأبيض، فردّ الناطق باسم حملة المرشح الجمهوري ستيفن شونغ بأنّ ترامب "يتطلع إلى اللقاء وقدّر جداً الاتصال". كما قدّر ترامب منافسته هاريس على "قوّتها واحترافها ومثابرتها طوال حملتها". تقترح هذه المؤشرات وغيرها أنّ المرحلة الانتقالية ستكون سلسة مبدئياً.
ويبدو أنّ الأسماء المحتملة للخدمة في إدارة ترامب دخلت عملية الغربلة الأخيرة، إذ يتم الحديث عن احتمال دعوة المرشح الرئاسي السابق المناهض للقاحات روبرت كينيدي وصاحب شركة "سبايس إكس" إيلون ماسك للخدمة. ومن بين الأسماء المقترحة لوزارة الخارجية السيناتوران ماركو روبيو وبيل هاغرتي ومدير الاستخبارات السابق بالوكالة ريك غرينيل. وقد يكون السيناتور توم كوتون من الأسماء المطروحة لتولي وزارة الدفاع بحسب "بوليتيكو".
جورج عيسى- "النهار"