#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
ايامٌ قليلةٌ تفصلنا عنْ الاوَّلِ منْ آب عيدِ الجيشِ اللبنانيِّ.. في الماضي البعيدِ...
كانَ الاوَّلُ منْ آب يوماً مجيداً ننتظرهُ منْ سنةٍ إلى سنةٍ لنرى السيوفَ التي تلمعُ والنبراتَ العاليةَ لدوراتِ تخرُّجِ الضباطِ وأسمائهمْ وأسماءِ الدوراتِ.
كانتْ الجمهوريةُ وكأنها في عُرسٍ، وكنَّا وكأنَّنا في حضرةِ اعظمِ عنوانٍ للعزَّةِ والكرامةِ.
كانتْ تَسبقُ العيدَ اغاني الجيشِ ،
وكنَّا نتأهَّبُ منذُ الصباحِ الباكرِ لمواكبةِ إحتفالِ الفياضية لتخريجِ الضباطِ بحضورِ الرؤساءِ والسفراءِ وكبارِ موظفي الدولةِ.
وكانتْ كلمةُ رئيسِ البلادِ منتظرةً منْ الجميعِ لتقودَ المرحلةَ المقبلةَ.
***
أينَ نحنُ منْ الأمسِ؟
وأينَ نحنُ منْ جمالِ تلكَ الايامِ وعزَّتها وعنفوانها؟
صحيحٌ أنَّ الجيشَ بقيَ ويبقى الملاذَ الاخيرَ رغمَ كلِّ ما يعصفُ بهِ ورغمَ كلِّ الضغوطاتِ والتحدِّياتِ،
ورغمَ الخلافاتِ بشأنهِ،وآخرها ما شهدناهُ الاسبوعَ الماضي وما قد نشهدهُ في الاسابيعِ المقبلةِ، بينَ تثبيتِ رئيسِ الاركانِ وبينَ التمديدِ او عدمِ التمديدِ لقائدِ الجيشِ، وبينَ الإلتزامِ بالاتفاقِ حولَ دورةِ الحربيةِ ام لا .
كلُّ هذا صحيحٌ.. ولكنْ أينَ السلطةُ السياسيةُ التي تقودُ الجيشَ؟
وأينَ رأسُ البلادِ لإحياءِ عيدِ الجيشِ؟
وأينَ دوراتُ الضباطِ للتخرُّجِ؟
وأينَ رؤساءُ الحكوماتِ والمجالسِ يقفونَ إلى جانبِ الرئيسِ وخلفهُ في موقفٍ يُجسِّدُ وحدةَ الدولةِ.
***
صرنا عنواناً للفشلِ والهشاشةِ وللتحلُّلِ والإنهياراتِ، وصارَ كثيراً علينا أنْ نفرحَ، وكثيراً علينا أنْ نزهوَ بنصرٍ او بربحٍ او فوزٍ.
نعتادُ يوماً بعدَ يومٍ على فصولِ الإكتئابِ في بلدٍ سلبنا كلَّ شيءٍ، سلبنا حريَّتنا وحقوقنا بالعيشِ الكريمِ ، والإستقرارِ والرَّخاءِ والامنِ والرزقِ والمالِ..
حرَمنا حقنا بالايامِ الحلوةِ وبالمستقبلِ وبالشيخوخةِ الآمنةِ...
***
بالصدفةِ.. جاءتْ إلى مسمعي اغنيةُ فيروز "ما تزعل مني يا وطني"، وكأنها تتأهَّبُ للسفرِ وللهجرةِ ..
هلْ علينا أنْ نَصرخُ كلُّنا:
ما تزعلْ مني يا وطني، ونتأهَّبُ للهجرةِ منْ بلدٍ لم يعدْ يُقدِّمُ لنا شيئاً...!