#الثائر
رئيس تحرير الثائر اكرم كمال سريوي -
في بداية شهر أيار الفائت، صاغ رئيس المخابرات المركزية الاميركية وليم بيرنز، بالتعاون مع رئيس الموساد دافيد برنياع، وبالتنسيق مع مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، ومسؤولين قطريين، الخطوط العريضة لصفقة بين إسرائيل وحماس، من ثلاث مراحل، تضمّنت؛ تبادل الأسرى، والوقف الشامل للحرب، وانسحاب القوات الاسرائيلية من قطاع غزة، والبدء باعادة إعمار القطاع.
وافقت حماس على الصفقة، لكن نتنياهو الذي كان يرغب بشراء الوقت فقط، ولم يكن مهتماً باعادة الأسرى، ويرى بوقف الحرب نهاية لحكومته، قام بقلب الطاولة بوجه الجميع، ورفض الصفقة، وأرسل قواته إلى رفح.
اخفق الجيش الاسرائيلي في القضاء على حماس، وعاد القتال بعد ثمانية أشهر إلى شمال القطاع، ليتبين أن حماس ما زالت موجودة وقوية.
وعندما حاولت القوات الاسرائيلية الدخول إلى الاتفاق، وقعت القوة بين قتيل وجريح وأسير.
وبات واضحاً أن المعركة لن تنتهي في غضون أسابيع، بل ستستغرق أشهر وربما سنوات.
قال بايدن أن إسرائيل بدأت تخسر دولياً، وقد تدخل في عزلة إذا استمرت الحرب. كما ان أهالي الأسرى الاسرائيليين مع المعارضة، باتوا يشكلون ضغطاً كبيراً على نتنياهو، خاصة بعد ان اكتشفوا أن عدداً من الاسرى قُتل بالقصف الإسرائيلي على غزة، وأن استمرار القتال سيقضي على كل الاسرى، ولن يعود أحد منهم حياً.
أعدّت إسرائيل خطة، تولّى الرئيس الامريكي جو بايدن الاعلان عنها، ليكسب من خلال ذلك دفعاً انتخابياً. ثم تأرجحت تصريحات الوزراء الإسرائيليين، بين الموافقة عليها والرفض.
وربط نتنياهو الصفقة بشرط غامض، عندما قال بأنه "سيستأنف القتال إذا أخلّت حماس بشروط الصفقة" .
وتقدير هذا الأمر يعود إلى إسرائيل، أي أنه من الواضح أن نتنياهو يخفي نية مبيتة باستئناف الحرب، بعد تحرير الأسرى، والتخلص من الضغوط الداخلية.
قال بايدن أن نتنياهو يريد إطالة امد الحرب للحفاظ على موقعه السياسي، وهناك اتهامات عديدة لنتنياهو بأنه غير مهتم بحياة الأسرى أو إعادتهم.
لن تقبل حماس بان تتخلى عن ورقة الأسرى مقابل هدنة، وهي تعلم جيداً ما يضمره نتنياهو من اصرار على استئناف الحرب، بغية القضاء على المقاومة، وتهجير الفلسطينيين.
تقضي خطة اليمين الاسرائيلي ليس فقط بتدمير غزة وتهجير أهلها، بل هذا السيناريو سينتقل إلى الضفة بعد الانتهاء من غزة.
يرفض اليمين الإسرائيلي أي حديث عن حل الدولتين، ويرى أن الحل الوحيد هو بتهجير الفلسطينيين مجدداً إلى خارج فلسطين.
هذه الأهداف تُشكّل أولوية لدى نتنياهو، وهو غير مهتم حقاً بأي شيء آخر سوى بقائه في السلطة.
ولذلك يحاول الآن خداع حماس وتحميلها مسؤولية عدم وقف الحرب، برفضها ما قيل أنه مبادرة امريكية لبايدن في حين أن من أعدّ هذه الخطة هي إسرائيل.
ومن الطبيعي أن لا تكون الخطة عادلة، فمن أعدها طرف في الحرب، وليس وسيطاً نزيهاً، وهي تشبه عرض استسلام على حماس، وتقديم هدايا مجانية لبايدن ونتنياهو.
لا تستطيع حماس أن تُلقي السلاح، فهذه الحرب بالنسبة لها ،مسألة حياة أو موت، ليس لقادة حماس، بل للقضية الفلسطينية بالكامل.
من الصعب أن يُجبر بايدن إسرائيل على قبول وقف الحرب، والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
فكل التجارب السابقة أثبتت أن نتنياهو أقوى من بايدن داخل الكونغرس الاميركي، كما أنه الآن بات مدعوماً بغالبية شعبية، تؤيّد استمرار هذه الحرب.
من الواضح أن الحرب مستمرة، والكلمة الفصل ستبقى للميدان، وقدرة حماس على الصمود، حتى اسقاط حكومة نتنياهو، واقتناع الاسرائيليين بخيار السلام، الذي لن يتم دون اعادة الحقوق المشروعة إلى الشعب الفلسطيني.