#الثائر
كتب الخبير العسكري في القانون الدولي الانساني اكرم كمال سريوي -
عندما نتحدث عن القانون الدولي الإنساني، فهذا يعني أننا نتحدث بشكل رئيسي عن اتفاقات جنيف الأربعة لعام 1949.
الاتفاق الأول المتعلق بحماية الجرحى, والجنود, والمرضى في الحرب البرية.
الاتفاق الثاني ينص على حماية الجرحى, والمرضى, والجنود الناجين من السفن الغارقة في وقت الحرب.
الاتفاق الثالث ينطبق على أسرى الحرب.
الاتفاق الرابع يتحدث عن توفير الحماية للمدنيين, بما في ذلك الأراضي المحتلة.
وعن البروتوكولين الإضافيين لعام 1977، بحيث يعزز البروتوكولان الحماية الممنوحة لضحايا النزاعات المسلحة الدولية (البروتوكول الأول)، وغير الدولية (البروتوكول الثاني).
كما يفرضان قيوداً على طريقة خوض الحروب.
وكان البروتوكول الثاني هو أولى المعاهدات الدولية، المكرّسة بالكامل لحالات النزاع المسلح غير الدولي.
كما تحدثت المادتان 51 و 57 من البروتوكول الأول عن ضرورة التناسب وعدم الافراط في استخدام القوة. للتوفيق بين الضرورة العسكرية ومبدأ الانسانية، وعدم استهداف المدنيين.
وركزت المادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف، على حماية المدنيين، ورجال الاغاثة، وعناصر الفرق الطبية، وضرورة وضع نظام إغاثة وحماية في الاراضي المحتلة.
وركزت الاتفاقات على معاملة اسرى الحرب، وعدم جواز تعذيبهم، أو إهانة كرامتهم، وضرورة تقديم الغذاء والطبابة لهم، وحق وصول المنظمات الدولية الانسانية إليهم، والكشف على أوضاعهم وحق التواصل مع ذويهم.
هذا إضافة إلى الاتفاقات الدولية الأُخرى، كاتفاقيات حظر الاسلحة الكيميائية (بروتوكول جنيف 1935، اتفاقية 1973 واتفاقية 1993). واتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية لعام 1972، واتفاقية حظر الأسلحة النووية عام 2017، والتي لم يوقع عليها بعد سوى 35 دولة.
يضاف إلى هذه الاتفاقات اتفاقية حظر وتقييد استخدام بعض الأسلحة التقليدية، التي اقرت عام 1980، واتفاقية حظر القنابل العنقودية عام 2008، واتفاقية منع الابادة لعام 1948.
لقد وثّقت عدة منظمات دولية انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، وقدمت تقاريرها، مرفقة بافلام فيديو وصور ووثائق رسمية، إلى الامم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية.
لم تأت اتهامات الدول لإسرائيل بارتكاب ابادة جماعية من العدم، بل استندت إلى عدة انتهاكات اسرائيلية لاتفاقية الابادة، التي عرّفت جريمة الابادة: بأنها اي عمل يلحق ضرراً جسديًا جسيماً بالجماعة، أو إخضاعها عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا، أو تهجيرها بشكل قسري.
وكل هذا قامت به إسرائيل في غزة.
وتعرف المادة 3 الجرائم التي يمكن أن يعاقب عليها:
1. الإبادة الجماعية.
2. التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية.
3. التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية.
4. محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية.
5. الاشتراك في الإبادة الجماعية.
وهذه الجرائم اشتركت بها كل الدول، التي قدمت دعماً مادياً أو معنوياً أو أسلحة لإسرائيل، وعلى رأسهم قادة في الولايات المتحدة الامريكية، وبريطانيا، وفرنسا، والمانيا.
كم استخدمت إسرائيل أسلحة محظورة دولياً، كالقنابل العنقودية، والقذائف المسمارية، والرصاص المتفجر، والقذائف الحارقة من فراغية وفوسفور ابيض وغير ذلك.
واستهدف الجيش الإسرائيلي الأعيان المدنية المحمية، من مستشفيات، ومدارس، ودور عبادة، وبنى تحتية، بهدف جعل غزة منطقة غير صالحة للسكن، وقتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين.
واستخدمت إسرائيل قنابل فراغية (تطلق سحابة غازية تتفاعل مع الاوكسجين، وتنفجر لتحدث حرارة عالية جداً، تسبب فارقاً هائلاً في الضغط يسبب دمار المبنى بشكل كامل)
وقنابل خارقة من نوع GBI-28 و GBU-31 و GBU-39 و GBU-57 وهدمت بها أكثر من 30 الف مبنى سكني، بشكل كامل في غزة.
وكل هذه القذائف لها مفاعيل عشوائية ومفرطة الضرر على المدنيين، كالتسبب بارتجاج دماغي، وحروق في الرئتين، وأمراض الكلى والكبد، وتضرر طبلة الأذن.
إضافة إلى التسبب بامراض السرطان للأشخاص، والذي فاق عددهم في غزة،منذ عام 2014 وحتى اليوم العشرة آلاف مصاب
كما استخدمت اسرائيل قذائف "دايم" معدّلة، باضافة الحديد، التي تسبب تشوهات وبتر للأعضاء، وقتل الاشخاص.
امكانية محاسبة إسرائيل
لم يسبق أن تمت محاسبة إسرائيل على الجرائم التي ارتكبتها في فلسطين، وما زالت الولايات المتحدة الامريكية تؤمن الحماية والغطاء الدولي لقادة إسرائيل.
ورأينا التدخل المباشر للرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الكونغرس، مع قضاة المحكمة الجنائية، والتهديدات التي وُجّهت للقضاة، في محاولة لمنع صدور أوامر اعتقال بحق مجرمي الحرب في إسرائيل.
ما زالت إسرائيل تنجح في الافلات من العقاب، واذا كانت الولايات المتحدة الامريكية تمنع مجلس الأمن من إدانة إسرائيل، فإن الرأي العام العالمي بدأ بإدانتها، وباتت صورة إسرائيل مقترنة بالإرهاب.
ولا يمكن للادارة الأميركية من منع ذلك، حتى داخل أمريكا، التي انتفض شبابها وطلاب جامعاتها، وباتوا ينادون بالحرية والعدالة لفلسطين، ومحاسبة قادة إسرائيل.
يبقى أنه من المهم جداً توثيق كافة الجرائم الإسرائيلية، وجمع الأدلة، فالمحاسبة آتية دون شك، ولن يبقى المجرمون في إسرائيل فوق القانون الدولي، وخارج المحاسبة والعقاب إلى الأبد.