#الثائر
في ظلّ ما يعيشه لبنان من تراكم للأزمات لا سيّما السياسيّة والأمنيّة منها، تتجّه الأنظار إلى حزب الله كونه أحد اللاعبين الأساسيين، فكيف يُقارب الحزب هذه الملفّات؟
يكشف عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله ، أنّ "حزب الله لم يتسلم أيّة مبادرة فرنسية أو غيرها لا سيّما انه ليس المعني المباشر بتسلم المبادرات"، وإذْ لا "يقرأ إحتمال شن حرب واسعة على لبنان"، إلّا أنّه يؤكّد أنّ "القراءة شيء والواقع شيء آخر وهو يبني إجراءاته على هذا الأساس".
وعلى الصعيد الرئاسي، فلا يخفي فضل الله في مقابلة مع جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة أنّ "الأفق الرئاسي مسدود حتى الساعة لا سيّما مع غياب الإتفاق لأغلبيّة نيابية مطلوبة"، وأمّا فيما يتعلق بملف النزوح فيوضح أنّ "هذا الملف يحتاج إلى مقاربة وطنية إنسانية بعيدًا عن التحريض".
نص المقابلة كاملاً:
س: بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسية الفرنسي ستيفان سيجورنيه هل حصل تواصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول ما جرى مناقشته؟ وهل حصل أي تواصل مباشر أو غير مباشر الوزير الفرنسي وحزب الله؟ وما رد حزب الله على ما تمّ تسريبه في الإعلام عن بنود الإتفاق؟ وبماذا تختلف هذه الورقة عن سابقتها؟
ج- التواصل دائم بيننا وبين دولة رئيس مجلس النواب، بمعزل عن اللقاءات مع الوفود الخارجية، وهناك تشاور حول مختلف القضايا وفي طليعتها كيفيّة مواجهة العدوان الإسرائيلي على بلدنا، ونحن لا نعلق على تسريبات إعلامية، ولا علم لنا أن هناك بنود إتفاق لأنَّه لم يتمّ أي إتفاق مع أحد، ولسنا الجهة المعنيّة بإستلام أوراق أو تلقي المبادرات، الدولة اللبنانية من خلال الحكومة، والرئيس بري هي من تتولَّى اللقاءات الرسمية، ونحن على تشاور لتحقيق أفضل مصلحة للبنان، خصوصًا أنَّه في موقع قوي يُحسب له حساب، وهو من الدول الأساسيّة المعنية بما يحصل في غزة، والنتائج تنعكس عليه، وصار له رأيه المسموع، نتيجة ما قدَّمته جبهة الجنوب من حضور إقليمي لبلدنا.
هناك قواعد أساسية تحكم موقفنا من الحرب الحاليّة، وفق معادلة وقف العدوان على غزة، لتقف جبهة المساندة، وبعد وقف ذلك العدوان يكون هناك نقاش جدي حول كيفيّة معالجة الإعتداءت والخروق الاسرائيلية المتكرِّرة للسيادة اللبنانية، لأنَّ الكيان الصهيوني هو المحتل والمعتدي ولبنان في موقع الدفاع عن النفس، والمرحلة التالية في جنوب لبنان يحدّدها اللبنانيون على قاعدة حماية لبنان، وعدم المس بسيادته، ولدينا معادلة أثبتت نجاحها وهي الجيش والشعب والمقاومة، ونحن نرفض أي إملاءات أو شروط إسرائيلية على بلدنا، مع الإشارة إلى أنَّ كيان العدو ليس في موقع فرض الشروط، وبلدنا قوي وقادر على فرض المعادلة التي توفّر له الحماية.
س: في ظلّ التصعيد الذي يُمارسه العدو الإسرائيلي والرد من قبل المقاومة على ذلك، هل تذهب الأمور أبعد مما هي عليه؟ وما قدرة الحزب على الرد أو حتى الهجوم؟
ج- وضعنا هدفًا أساسيًّا وهو مساندة غزة من خلال الضغط على الجبهة الشمالية للعدو كي يوقف هذه المذبحة ضدَّ الشعب الفلسطيني، وما حققناه من إنجازات حتَّى اليوم كبير جدًا، والتضحيات التي بذلناها من دماء شعبنا وأرزاقهم هي في سبيل قضيَّة إنسانية مقدَّسة، فأمام المذبحة المروِّعة في غزة لا مكان للحياد أو التفرُّج، بل لا بدَّ لكل صاحب ضمير إنساني أن يكون له موقف مؤثِّر وفعَّال من أجل مساندة أطفال غزة، خصوصًا في مواجهة عدو لن يتوانى عن تكرار جرائمه ضدَّ بقية الدول وفي طليعتها لبنان، لو تمكَّن من تحقيق أهدافه في غزة. نحن في هذا الموقف نعبِّر عن إنسانيتنا الصادقة وندافع عن الحق بالحياة الكريمة، وعن مستقبل أطفالنا كي لا يتكرَّر مشهد غزة.
ما نريده وقف العدوان، وليس توسعته ليصبح حربًا شاملة. قراءتنا السياسية والميدانية لا ترى إمكانية للعدو في شن حرب واسعة، ولكن لا نبني إجراءاتنا على هذا الأساس فالقراءة شيء والإجراءات شيء آخر. المقاومة أنجزت الإستعدادات لأي طارئ، وهي مستعدة لكل الإحتمالات، ووضعت كل السيناريوهات أمامها، ولم يعد لدى العدو عنصر المفاجأة الذي كان يباغت به الدول العربية، لأننا فاجأناه قبل أن يُفاجئنا.
س: تراجع التهديد الإسرائيلي في اليوميْن الماضيين بالنسبة إلى إجتياح رفح لصالح نشاط للمفاوضات، ما هي المعطيات حول إتفاق ما في غزة، وكيف سينسحب على لبنان؟
ج- مَن يُدير عملية التفاوض حركة حماس بالتنسيق مع فصائل المقاومة في فلسطين، ولديهم مطالب مشروعة ومحقَّة، خصوصًا ما يتعلق بعودة سكان شمال غزة وإنسحاب العدو، أمَّا إجتياح رفح لن يُغير في المشهد الميداني سوى إرتكاب المجازر والتدمير ولن يكون وضع العدو أفضل حالًا مما حصل في خان يونس وغيرها، معطياتنا أنَّ المقاومة في غزة قادرة على مواصلة العمليات والتصدي للهمجية الصهيونية، ولن يخرج العدو من هذه الحرب منتصرًا بل مهشَّمًا عسكريًّا وسياسيًّا، أمَّا بالنسبة إلى جنوب لبنان عندما تقف في غزة تقف في لبنان، وأي إعتداء إسرائيلي سيتم الرد عليه بما يناسب.
س: الإستحقاق الرئاسي مكانك راوح، هل قارب وزير الخارجية الفرنسي في بيروت هذا الملف، وماذا عن مساعي الخماسية؟ وهل كافة المبادرات ساقطة اليوم بإنتظار غزة؟
ج- المراوحة سببها عدم قدرة أي فريق على تأمين الأكثرية النيابية الدستورية لإيصال مرشحه، وجرّبنا جلسات عدة ولم نصل إلى نتيجة، ولذلك أيّدنا المبادرات الحوارية، وأبدينا كل إستعداد للحوار وعرض وجهة نظرنا، وهو ما تبلَّغه منَّا سفراء الخماسية، وكتلة الإعتدال الوطني، ومن الطبيعي عندما يكون هناك حوار في المجلس ويدعو له الرئيس بري أن يكون برئاسته، مَن يسقط المبادرات هو من رفض الحوار وعطَّله، وكان ذلك قبل الحرب على غزة، ونحن مع إنتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، ولكن الأفق لا يزال مقفلًا لعدم وجود إتفاق يؤمن الأغلبية النيابية المطلوبة، يجب أن تكون المقاربة وطنية وأن تنبع من الإرادة الداخلية، وإذا لم يساعد اللبنانيون أنفسهم لا أحد يستطيع مساعدتهم.
س: الحزب لا يزال مُتمسكاً برئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهناك مساع دولية وإقليمية لطرح إسم ثالث هل يُمكن للحزب التجاوب مع هذه الطروحات؟
ج- نحن ندعم مرشحًا طبيعيًّا لديه حضوره وسياسته الواضحة، ودوره الوطني وقدرته على التلاقي مع غالبية اللبنانيين، ولا نفرض رأينا على أحد بل نعبِّر عن قناعتنا، الآخرون وضعوا هدفًا بمنع وصوله لأنَّه لا يشبه مشروعهم وخطابهم التحريضي، البلد بحاجة إلى رئيس لديه قناعات وطنية ومواقف واضحة وقدرة على التعامل مع التحديات وهذا ما رأيناه في المرشح فرنجية، والأسماء الأخرى التي جرى طرحها كان الهدف منها قطع الطريق على فرنجية، لم نسمع بعد رأيًّا مقنعًا لرفضه سوى أنَّه ينتمي إلى مدرسة مختلفة عنهم، فهل هذا السبب كاف لرفضه؟
س: بات النزوح السوري "قنبلة موقوتة" وسبق للحزب أن حذّر منذ بداية الحرب على سوريا من أزمة نزوح، هل من مساع لدى حزب الله مع سوريا لإنهاء هذا الملف وكيف يُمكن معالجته من وجهة نظركم؟
ج- هذا الملف تتداخل فيه المصالح الغربية الأميركية والأوروبية بشكل كبير لأنه إستخدم ورقة ضغط على سوريا، وما يسمَّى المجتمع الدولي يريد الإستمرار بالإمساك بهذه الورقة على حساب لبنان، وهذا يتطلَّب موقفًا رسميًّا حازمًا وعدم القبول بفرض إبقائهم على أراضيه لما يشكله ذلك من عبء كبير، والمعالجة السياسية تكون من خلال خطوات ملموسة، الخطوة الضرورية الأولى هي التواصل الرسمي الجاد والفعَّال بين الحكومتيْن اللبنانية والسورية، وإيجاد مقاربة مشتركة، وهو طالما دعونا وسعينا إليه مع المسؤولين.
يعرف الجميع موقفنا من ملف النازحين، وشكَّل حزب الله ملفًا خاصًّا وعملنا على رعاية عودة قوافل إلى سوريا، هذا الملف يحتاج إلى مقاربة وطنية إنسانية بعيدًا عن التحريض، وبمقدار سعينا لعودة النازحين نرفض الممارسات العنصرية والتعديات على النازحين، ولدينا قوانين يمكن تطبيقها.