#الثائر
المدن-
لطالما كانت المصارف اللبنانية قلقة من مسار مطالبات المودعين المقيمين خارج لبنان بأموالهم المحتجزة لديها، وإن كانت الجهود المطلبية في الخارج خجولة حتى اليوم، وتقتصر على محاولات فردية. غير أن المصارف تستعد اليوم لمواجهة تكتل مودعين بدأ يخرج إلى العلن، محاولاً تنظيم صفوف المودعين الفرنسيين وحملة الجنسية الفرنسية.
جمعية مودعين فرنسيين
نجح عدد من المودعين اللبنانيين الفرنسيين في تأسيس "جمعية المودعين الفرنسيين في لبنان ADFL" رسمياً في فرنسا. تهدف الجمعية إلى تنظيم المودعين الفرنسيين واللبنانيين من حملة الجنسية الفرنسية، لحشد الجهود والوقوف في وجه المصارف اللبنانية أمام المحاكم اللبنانية والأجنبية، لاسيما في فرنسا، وملاحقتها مدنيا وجنائياً، كما ستعمل الجمعية على دفع التحقيقات باتجاه تحديد هوية المسؤولين عن سرقة أموال المودعين في المصارف اللبنانية ومحاسبتهم، وعلى استرجاع الودائع والحصول على تعويضات عادلة عن الأضرار التي لحقت بالمودعين.
قد لا تتجاوز مساعي الجمعية الفرنسية الأولى من نوعها حدود تلك الأهداف المدونة على الورق، كما هو حال جمعيات المودعين في لبنان. لكن الثابت في الأمر أن المصارف اللبنانية لطالما كانت قلقة من تحركات المودعين ذوي الجنسيات الأجنبية، يقول مصدر مصرفي.
فالجمعيات وتكتلات المودعين خارج لبنان كانت ولا تزال تشكّل كابوساً للمصارف لأسباب عديدة منها أن القضاء خارج لبنان غير مقيّد من السلطات المصرفية والسياسية كما هو الحال في لبنان، بالإضافة إلى ان مكاتب المحاماة خارج لبنان لاسيما في الدول الأوروبية مكلفة جداً للمصارف.
وتأكيداً على مخاوف المصارف من تحركات المودعين في الخارج، يكشف المصدر عن أن المصارف اللبنانية عملت على مدار العام 2023 وما سبقه من أعوام الأزمة على تحديث بيانات العملاء وتطبيق KYC (اعرف عميلك)، لتحديد هوية حاملي الجنسيات الأجنبية وعددهم ومقر سكنهم بأي بلد، تحسّباً لمواجهات محتملة.
وفي وقت يأمل فيه المودعون في فرنسا بملاحقة المصارف والتصدي لها، يشكك البعض في جدية الجمعية المذكورة ADFL، لاسيما انه يتردد اسم اللبناني الفرنسي ريشار فرعون على رأسها. وهو الإسم الذي تلازم وجمعية صرخة المودعين، وأحاطت بهم شائعات عديدة حول تعاون غير مُعلن بين الجمعية وعدد من المصارف.
هل من وسائل ضغط؟
عملت العديد من الجمعيات والروابط في لبنان على مدار سنوات لتوجيه تحركاتها في مواجهة المصارف، وتحديد الخيارات المتاحة للمواجهة. وقد نجحت في بعض خطواتها على مستوى الإستشارة وحشد الجهود المطلبية ورفع دعاوى قضائية. لكنها لم تصل إلى نتائج مرضية للمودعين لأسباب عديدة، أبرزها تعطيل القضاء اللبناني وربط مفاصلة بمصالح السلطة السياسية المتورطة باختلاس الودائع. من هنا لا بد من طرح سؤال حول جدوى وأهمية تلك الجمعيات في فرنسا؟
ترى الخبيرة القانونية المتخصصة في الشأن المصرفي، سابين الكيك، أن إنشاء جمعية مودعين فرنسيين وحاملي الجنسية الفرنسية، أو مطلق جنسيات أخرى، هو أمر جيد، يصب في إطار تحفيز الجهود وتشكيل وسيلة ضغط على المصارف ولتنسيق الخطوات المستقبلية. لكن قانونياً، الجمعية ليس لها صفة لتمثل المودع بدعاوى تشمل كل المودعين ولا حتى المودعين المنتسبين إليها، تقول الكيك في حديثها لـ"المدن"، لأن كل مودع تربطه بمصرف معين عقود محددة، وحالته وظروفه ووضعه مختلف عن المودع الاخر.
وتوضح بأن جمعية لمودعين، قد تقوم بخطوات عامة ضاغطة. ومن الممكن أن تقوم بملاحقة المشكوك بارتكاباتهم. لكن تبقى دعاوى المودعين دعاوى فردية وعلى كل مودع أن يقوم بها على حدة، إن في لبنان أو الخارج. وكل دعوى لها شروط مختلفة على القضاء أن يتحقق منها.
كلام الكيك يعني أن هذا النوع من الجمعيات، إن كان في لبنان او فرنسا، لديهم قوة ضغط لكن ليس لديهم صفة تمثيلية قانونية بالدعاوى. لذلك عليهم أن يسيروا كالعادة بالإجراءات الفردية.
أما المحامية من رابطة المودعين، دينا أبو زور، فترى أن في تلك الجمعيات خارج البلد احتمالات للتقدم بالدعاوى والمسارات القضائية. وتقول في حديثها لـ"المدن": يكمن تأثير جمعية المودعين الفرنسيين في الضغط الذي قد يمارسه المودعون أمام القضاء خارج لبنان، في سبيل متابعة الملف المصرفي الذي سبق للقضاء الأجنبي أن فتحه، سواء من خلال الدعاوى على رياض سلامة أو الدعاوى الفردية.
وتذهب أبو زور أبعد من ذلك، وترى أنه ربما تتمكن الجمعية من أن تكون طرفاً بالدعاوى، كما حصل سابقاً مع جمعيات أخرى مثل Sherpa و Accountability Now وسواهم. وهم بالمباشر ليسوا جمعيات مودعين، إنما جمعيات مكافحة فساد. من هنا يمكن لجمعية المودعين أن تدخل طرفاً بالدعاوى المرفوعة على المصارف اللبنانية بالخارج.