#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
مرَّتْ ذكرى 14 آذار وكأنها لم تمرّ. بعضُ الناسِ تستعيدُ بالشكلِ صوتَ بعضِ الجماهيرِ التي أحتشدتْ ذاتَ يومٍ قبلَ تسعةَ عشرَ عاماً، تصرخُ للسيادةِ والحريةِ وخروجِ كلِّ قوى الاحتلالِ.
لكنَّ الانتفاضةَ أكلتْ ابناءها وسقطوا على الطريقِ كالنِّعاجِ وسقطتْ معهمْ قضاياهمْ ولم يبقَ منْ الذكرى إلاَّ بعضُ المنابرِ كما بعضُ الحناجرِ، وهو امرٌ حزينٌ بالفعلِ لأنْ تُغرِقَ السياسةُ القياداتَ بالتفاصيلِ اليوميةِ ولأنْ تَطحنَ هذهِ التفاصيلُ الشعاراتَ كما القضايا.
***
ولعلَّ السؤالَ الكبيرَ بعدَ سؤالِ الأمسِ، لِمنْ سقطَ هؤلاءُ الشهداءُ،
ولأيِّ قضيةٍ بعدَ كلِّ الذي نراهُ ونختبرهُ كلَّ لحظةٍ منْ سقوطِ القيمِ والمعاييرِ وتسيُّبِ الدولةِ وإنحلالها،
وفلتانِ حدودها ومعابرها، وفلتانِ السلاحِ غيرِ الشرعيِّ إينما كانَ،
وتَغيُّرُ الدورِ السياسيِّ كما الماليِّ كما الاقتصاديِّ والرياديِّ للبلادِ، كما تَحوُّلُ هويتهِ الديموغرافيةِ وإنقلابِ الموازينِ فيهِ بشكلٍ نافرٍ لمصلحةِ فريقٍ دونَ آخرَ.
كم هو حزينٌ واقعنا، ثورةٌ تأكلُ ثورةً، وانتفاضةٌ تأكلُ انتفاضةً، ولا خلاصَ.
والشبابُ في حالةِ هجرةٍ دائمةٍ عنْ البلادِ كرفوفِ السنونو المهاجرةِ ولا نعرفُ إلى أينَ تهاجرُ..
***
ولعلَّ المُبكي أكثرَ والمثيرَ للغضبِ في آنٍ، كمْ أنَّ هذهِ المنظومةَ مستمرَّةٌ في ارتكابِ كلِّ انواعِ المُوبقاتِ بحقِّ المواطنينَ، ولا تسألُ عنْ تداعياتِ هذهِ الموبقاتِ لأنها تعرفُ أنْ ليسَ هناكَ منْ يُحاسبُ او يُراقبُ او يُسائلُ.
بلدٌ فالتٌ منْ دونِ أيِّ معاييرَ، وتتحكَّمُ بهِ زمرةٌ منْ الفاسدينَ والمتآمرينَ،
ويبدو أنْ لا خلاصَ في المدى المنظورِ طالما أننا ننتظرُ ما سيجري في غزة وفي العراقِ، وفي الانتخاباتِ الاميركيةِ، لنقرِّرَ مصيرنا،
وطالما أنَّ نُوابنا ينتظرونَ إشاراتٍ منْ هنا وإيماءاتٍ منْ هناك لينتخبوا رئيساً.
فعنْ أيِّ خلاصٍ نتحدَّثُ، واساسُ البلاءِ والداءِ همْ هؤلاءُ؟