مقالات وأراء

"يوم العدالة الاجتماعيّة"

2024 شباط 20
مقالات وأراء

#الثائر

- " شربل شربل "***

في مثل هذا اليوم، ٢٠ شباط، من كلّ عام، وابتداءً من العام ٢٠٠٩، يحتفل العالم باليوم العالميّ للعدالة الاجتماعيّة.

وتحدّد الأمم المتّحدة ومنظّمة العمل الدوليّة موضوعًا محوريًّا للاحتفال، كلّ عام، لتعزيز الاهتمام بمسيرة تحقيق هذه العدالة.

وسواء كانت العدالة الاجتماعيّة فكرة فلسفيّة أم فكرة اجتماعيّة، فإنّها باتت اليوم على كلّ شفةٍ ولسان؛ يهجس بها المظلومون، وما أكثرهم! وتجهد في سبيل تحقيقها الأنظمة الديمقراطيّة، على تفاوت في مستويات تطبيقها؛ وتحلم بالوصول إليها شرائح واسعة من البشر، وفئات تخضع للتمييز على أساس الجنس، أو العرق، أو الانتماء الدينيّ والطائفيّ، أو المستوى الاجتماعيّ…

وتتبلور الشكوى في مجالات متعّددة، من عدم المساواة في فرص العمل، إلى الغبن في توزيع الثروات والامتيازات، إلى معوقات ممارسة الحقوق السياسيّة، إلى عدم تكافؤ فرص التعلّم، أو ما يسمّى بعدم ديمقراطيّة التعليم، إلى ضعف الرعاية الصحّيّة…

وقد اتَخذت العدالة الاجتماعيّة، اليوم، بعدًا إنسانيًّا معولمًا، ينطلق من كرامة الفرد الإنسانيّ، بغضّ النظر عن الفروقات الاجتماعيّة التي تميّز خصوصيّات ثقافيّة معيّنة؛ لذا، دعت الأمم المتّحدة، في العام ٢٠١٦، إلى إعداد ميثاق عالميّ من أجل الهجرة الآمنة والمنظّمة والنظاميّة لتحسين حوكمة الهجرة وخدمة التنمية المستدامة.

فأين نحن من تحقيق هذه العدالة ؟

إذا بسّطنا الموضوع يمكننا القول أنّ العدالة الاجتماعيّة تكاد تكون مفقودةً، لهزال مفهوم "تكافؤ الفرص" بين أبناء الوطن، نتيجة تكريس الزبائنيّة، والانقسامات الطائفيّة، وانعدام الشفافيّة، وغياب المعايير الموضوعيّة، واعتماد الاستنسابيّة، وإطاحة الانتماءات الحزبيّة بمبدأ الكفاءة، وإدارة الظهر للقاعدة الذهبيّة :" الشخص المناسب في المكان المناسب"، انطلاقًا من كون الدولة بقرةً حلوبًا تدرّ على المحظوظين لبنًا وعسلًا…

أمّا في ما خصّ اليد العاملة الأجنبيّة فالمسألة تختلف، والموضوعيّة تفرض أخذ الوضع الديمغرافيّ في لبنان بعين الاعتبار، قبل السماح لهم بممارسة المهن الحرّة المنظّمة في نقابات، وهي لا تحتاج إلى كفاءات غير لبنانيّة، وقبل إطلاق الأحكام الاعتباطيّة. فليس في العالم بلدٌ يشكّل غيرُ المواطنين فيه ما يقارب الخمسين بالمئة من عدد سكّانه؛ لذا، يبدو من غير المنطقيّ، لا بل من الظلم، تطبيق مقاييس عالميّة على وضع خاصّ. ناهيك عن المخطّطات المشبوهة الهادفة إلى إبقاء النازحين حيث هم، لتنفيذ أجندات لا تأخذ مصلحتنا بعين الاعتبار.

قد تكون العدالة الاجتماعيّة حلم الجميع، لكن هل من العدالة في شيء إغراق بلد صغير، ضعيف، ومنهوب، كلبنان، بأعداد كبيرة من النازحين يزاحمون اللبنانيّين على لقمة عيشهم، ويدفعون بهم إلى الهجرة، ويتسبّبون بتغييرات ديمغرافيّة جذريّة فيه تقضي على خصوصيّته، وقد تتسبب في شطبه عن الخريطة، وقد زالت، إلى حدّ بعيد، الأسباب الأمنيّة التي أدّت إلى نزوحهم؟

لو قدّم السياسيّون والمسؤولون المصلحة اللبنانيّة العليا على مصالحهم الأنانيّة لوقفوا صفًّا واحدا، دفاعًا عن كيان لبنان ومستقبله، ولخاطبوا الوجدان العالميّ، وأولي القرار بثقة، وقوّة، وإيمان بقضيّتهم، ولتمكّنوا، بفضل إجماعهم والتفافهم على حقّهم، من مجابهة ما يخطّط لنا من وراء ظهورنا، ولأعادوا الحقّ إلى نصابه.

ولو أنصف المرشّحون للانتخابات النيابيّة القادمة لجعلوا في رأس برامجهم التعهّد بمعالجة قضيّة النازحين!

لكن، من أين لنا ذلك، وهم لا يحلمون سوى بالكراسي، وكأنّ شعارهم: من بعدي الطوفان؟

ومن أين لنا ذلك، وهم يغلّبون العصبيّة على الحميّة، ويتسبّبون في تعطيل سير العدالة، وعدم تمكين القضاء من القيام بما يتوجّب عليه؟ وأكبر دليل على ذلك عدم الوصول إلى أي خاتمة للتحقيقات في سلسلة الاغتيالات التي استهدفت عددًا من الشهداء، وخلوّ ملفّات بعضهم من أيّ ورقة تحقيق، فضلًا عن عرقلة التحقيق في جريمة العصر، كارثة تفجير مرفأ بيروت!

وهكذا، لا عجبَ في أن يبدو غياب العدالة " الاجتماعيّة" تفصيلًا صغيرًا أمام غياب مفهوم " العدالة" بصورة عامّة.

ومع ذلك يُرفع على قصور العدل الشعار " العدل أساس الملك"!

بربّكم، أما آن الأوان لإنزاله والاستعاضة عنه بالقول " سبحان الفساد الباقي"؟

"مرحبا عدالة!"

*** كاتب، روائيّ، مترجم، ومؤلِّف تربويّ

اخترنا لكم
عودةٌ إلى الوراءِ!
المزيد
هل نحن مقبلون على حرب شاملة؟
المزيد
خوفًا من الصراع... شركات طيران تعلّق رحلاتها إلى الشرق الأوسط
المزيد
"شُحنَت في صيف 2022".. شركة "البايجر" وهمية؟
المزيد
اخر الاخبار
"خطواتٌ جديدة" على الحدود!
المزيد
بزشكيان: ندعو إلى وحدة المسلمين لوقف المجازر الإسرائيلية
المزيد
تعليق للشركة اليابانية حول انفجارات أجهزة اللاسلكي
المزيد
الحزب ينعى مؤسّس قوة الرضوان ابراهيم عقيل وهيئة أركانها
المزيد
قرّاء الثائر يتصفّحون الآن
أسرار الصحف الصادرة صباح اليوم الأربعاء 25 أيار 2022
المزيد
بالتفصيل.. كل ما تريد معرفته عن انتخابات إسرائيل "الخامسة"
المزيد
الصلاحية الحاجبة والحصرية للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء
المزيد
الدولُ الحضاريةُ تحتفلُ بالانتخاباتِ… ونحنُ نعيشُ هواجسَ ما بعدها...!
المزيد
« المزيد
الصحافة الخضراء
اتفاقية تعاون بين جمعيّتي "غدي" و"الملكية الاردنية لحماية الطبيعة" الناصر: حماية الطبيعة لا تعرف حدود، فهي مثل الطائر الذي يطير وينتقل من مكان إلى آخر غانم: نؤمن أن التعاون هو أرقى أشكال التطور
بيان للدفاع المدني بعد الانتهاء من عمليات إطفاء مطمر برج حمود
شكوى بجرائم بيئية ضد الدولة اللبنانية امام مجلس حقوق الانسان الدولي
محمية أرز الشوف في المنتدى الإقليمي للحفاظ على الطبيعة لدول غرب آسيا، هاني: نعمل مع شركائنا لزيادة المناطق المحمية
لجنة البيئة تواكب حريق المكب وتدعو لإقفال المطامر الشبيهة.. وياسين يعتذر
فياض: تنظيف مجاري الأنهر بمزايدات لتفادي الفيضانات وحماية البنى التحتية