#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
بدأ المسؤولون في كيان العدو الإسرائيلي، بتقاذف المسؤولية عن الإخفاق الأمني، الذي كشفته العملية النوعية لمقاتلي حركة حماس "طوفان الأقصى" . ولأول مرة تُجاهر وسائل إعلام العدو، بكشف ما يحدث داخل المؤسسات الرسمية والأمنية، خاصة الجيش، في حين كانت سابقاً تلتزم الصمت، وتساهم في تسويق الدعاية الكاذبة لدعم الحكومة.
نظّم الإعلام الحربي الإسرائيلي زيارة للصحافيين إلى موقع قرب مستوطنة كفار عزة، وادّعى أنه جرى فيه ارتكاب مجزرة، قطعت فيها حماس رؤوس أربعين طفلاً إسرائيلياً، وبثت قناة "آي 24" الخبر بصوت مراسلتها نيكول زيديك مباشرة على الهواء.
ولم يكتف نتنياهو بذلك، بل أرسل صوراً إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن ورؤساء آخرين في العالم، قال فيها إنها لطفل إسرائيلي أحرقته حماس.
خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن وأعلن أنه شاهد صوراً لـ "إرهابيين" يقطعون رؤوس أطفال في إسرائيل، ليتبين لاحقاً أن تلك الصور مزيفة، وأن الصورة التي أرسلها له نتنياهو، هي صورة لكلب في عيادة طبيب جرى تزييفها.
وثم أعلن صحفيون غربيون أن لا صحة لخبر قطع رؤوس الأطفال من قبل حماس، مما دفع بالبيت الأبيض إلى التراجع عن تصريحات بايدن، وكذلك اعتذرت السي أن أن و الاندبندنت البريطانية عن نشر الخبر الكاذب.
خدع نتنياهو قادة العالم، وكذلك أراد خداع الإسرائيليين، بأنه تفاجأ بالعملية العسكرية لحماس، رغم أن تقارير عديدة تفيد، بأن قادة العدو تلقوا معلومات عن تحضير حماس لعملية عسكرية، لكنهم أهملوها وانصرفوا إلى خلافاتهم الشخصية، فرفض نتنياهو عملية تقييم لجهوزية الجيش في لجنة الخارجية في آب الماضي، كما اتهمه ليبرمان بتحقير ضباط الجيش، وهذا الوضع تسبب في إخفاق الجيش في مواجهة حماس ومنع أو إفشال عملية "طوفان الأقصى".
وعندما ذهب نتنياهو لزيارة قواته قرب مستعمرة رحوفوت، سمع كلاما نابياً من الجنود، وواجهه أحد الضباط بالقول "انت كاذب"، مما اضطرّه لإلغاء كلمته التي كان قد أعدّها لمخاطبة العسكريين. ورغم كلام رئيس أركان جيش العدو عن الجهوزية للحرب، لكن كافة التقارير السرية تؤكد عكس ذلك.
ويقول ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، أن الجيش غير جاهز لتنفيذ عملية اجتياح كبرى لقطاع غزة، فهذه العملية تحتاج إلى معلومات عسكرية كبيرة، غير متوافرة لديهم، خاصة عن شبكة انفاق حماس، وعن مراكز احتجاز الأسرى الإسرائيليين.
ويؤكد ضابط رفيع في جيش الاحتلال، أنه غير صحيح أن تأجيل العملية العسكرية كان بسبب الطقس، فالتأجيل حصل بسبب عدم اكتمال التحضيرات، وبسبب الخلافات داخل القيادة، حول حجم ونوعية العملية.
يضغط نتنياهو على الجيش لبدء الاجتياح البري للقطاع، في حين رفض قادة الجيش أوامر نتنياهو، وابلغوه أن ثمن أي عملية عسكرية سريعة، سيكون باهظاً، وأن عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي سيكون مرتفعاً جداً، وستتمكن حماس من أسر المزيد من الجنود.
ويقترح قادة الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات دخول نوعية ومحدودة إلى القطاع، وينصحون بعدم البقاء هناك خاصة في الليل، في حين يطالب نتنياهو باحتلال مدينة غزة في القسم الشمالي من القطاع، ليتمكن من الظهور بمظهر المنتصر على حماس.
لقد بات واضحاً أن حماس أوقعت إسرائيل في أزمة كبيرة، والوسيلة الوحيدة المتبقية لدى كيان العدو، هي استخدام تفوقه في سلاحي الطيران والمدفعية، لإلحاق المزيد من الدمار والخراب والقتل في القطاع وأهله.
لقد صعد نتنياهو وقادة العدو إلى الشجرة، وقدموا وعوداً كبيرة للإسرائليين بإبادة غزة وحماس، وأدركوا الآن أنهم عاجزون عن تنفيذها، خاصة بعد عودة وزير خارجية بايدن طوني بلينكن من جولة عربية أذلّته،
حيث جعله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ينتظر يوماً قبل أن يوافق على استقباله، ثم أصرّ الرئيس المصري عبدالله الفتاح السيسي، أن يكون اللقاء مصوراً ويُبث مباشرة على الهواء، وأبلغه رفض مصر القاطع لفكرة تهجير الفلسطينيين، ولعملية الإبادة الجماعية، والانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل في القطاع.
لقد عطلت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا نهار الإثنين قراراً في مجلس الأمن، اقترحته روسيا، لوقف اطلاق النار وهدنة إنسانية في القطاع، وأثبتتا مرة جديدة، أن إسرائيل مجرد قاعدة عسكرية، لخدمة الأهداف الاستعمارية للغرب، وأن جلب فقراء اليهود من أنحاء العالم إلى فلسطين، هو مجرد تضحية بهم، وليس حباً لهم، والأنكى من ذلك أن إسرائل هذه باتت تتحول كابوساً لكل اليهود، ومصدر كراهية، ونموذجاً للعنصرية المقيتة، التي يمارسها الصهاينة بحق الفلسطينيين، في عالم يتوق إلى الحرية والإنسانية، ويمقت هذا الظلم، بحق شعب تمت مصادرة أرضه وانتهكت وتُنتهك كل يوم أبسط حقوقه.
وجد الصهاينة أن البديل عن الهجوم البري والمخرج الوحيد لهم من هذا المأزق، هو بارتكاب مجزرة، فقصفوا مستشفى المعمداني وقتلوا أكثر من 500 شخص بجريمة مروعة وغير مسبوقة في التاريخ، لكن بعض الصهاينة ما زالوا يطالبون بالمزيد من القتل والدمار في غزة، انطلاقًا من عقيدتهم العنصرية، بأن اليهود شعب الله المختار، وباقي البشر ليسوا سوى حيوانات يجوز قتلها.
من سيُنزل نتنياهو وأعوانه عن الشجرة الآن؟ وهل تفتح زيارة بايدن المرتقبة إلى اسرائيل، باباً للسلام؟ أم ستكون مشاركة رسمية في جريمة الإبادة الجماعية، التي ينفذها قادة العدو الإسرائيلي بحق المدنيين والأطفال في غزّة؟؟؟