#الثائر
في لحظة انتقال "إدارة" الملفّ الرئاسي من الفرنسي إلى القطري وتقدُّم خيار المرشّح الثالث، تتكثّف "مكوّنات" التصادم في الداخل اللبناني على أكثر من مستوى في ظلّ مؤشّرات محلّية مُستجدّة:
1- تجاوز الخلاف المُزمِن بين النائب جبران باسيل وقائد الجيش جوزف عون قواعد الاشتباك الكلاسيكية التي حكمت علاقة الرجلين على مدى سنوات. فللمرّة الأولى يكسر قائد الجيش أدبيّات خطابه على المنابر أمام عسكريّيه بقصفه مباشرة من الهرمل "جَبهة" باسيل بحيث بدا خطيباً سياسياً منخرطاً بالكامل في لعبة تصفية الحسابات حين توجّه إلى من "يشكّك بدور الجيش في حماية الحدود و"هنّي" على جلسة مجلس الوزراء ما بعتوا وزراؤهم للبحث ببند وحيد هو بند النزوح السوري. بس بيطلعوا بشكّكوا وبيتّهموا كرمى حساباتهم السياسية. ولا مرّة سألونا كيف فينا نساعدك، لا بل بالعكس شغلتهم يحطّوا عصيّ بالدواليب وبمَوْتوا الوطن كرمال مصالحهم الشخصية".
الفيديو الرسمي المُعمّم لجولة قائد الجيش على الحدود يصلُح كفيديو ترويج رئاسي أكثر بكثير من كونه مادّة إخبارية صادرة عن مؤسّسة عسكرية. وأمس ردّ باسيل من عكّار على قائد الجيش قائلاً: "الطموح الشخصي مسموح لكن بيوقف عند خطر الوجود، والنزوح ليس وسيلة للحصول على الرئاسة. فترك اللبنانيين يصطدمون بالنازحين هو المؤامرة التي نريد تجنّبها".
2- وقوف الحزب على مسافة من المسعى القطري المتقدّم من دون التصويب عليه إلا من زاوية تكرار الحزب لازمة "رئيس يخشاه العدو ولا يخضع للضغوط الأميركية". يُذكَر في هذا الإطار ما أوردته مقدّمة "المنار" عن عدم تسويق الموفد القطري أبي فهد جاسم آل ثاني لاسم محدّد، بل في جعبته حزمة من الأسماء، وأنّ بلاده تريد مرشّحاً وسطيّاً.
تفيد معلومات "أساس" في هذا السياق أنّ "لقاء موفد الدوحة والمعاون السياسي لأمين عام الحزب حسين خليل كان بالغ الإيجابية مع تثمين من قبل الأخير للدور القطري السابق عام 2008، وأيّ محاولة قطرية مستجدّة قد تقرّب من وجهات النظر بين القوى اللبنانية مع شرح وافٍ لخلفيّات تبنّي الحزب لترشيح سليمان فرنجية". في السياق نفسه تُرصَد لازمة كرّرها أخيراً مسؤولو الحزب، من ضمنهم النائب محمد رعد، عن "التفاهم الإنقاذي الذي نسعى إليه"، لكنّ أوساطاً قريبة من الحزب تشير إلى "أمرين أساسيَّين: الأوّل أنّ دخول قطر مباشرة على الخطّ لا يمسّ بترشيح فرنجية المستمرّ حتى الآن، والثاني أنّ الحزب لن يقبل بتسوية قطرية عنوانها قائد الجيش".
3- تركيز القطريين، كما فرنسا سابقاً، على هويّة رئيس الحكومة المقبل لكن بمعادلة مختلفة تماماً عن فرنجية-نواف سلام. كانت لافتةً في هذا السياق إثارةُ باسيل أمس هذه النقطة عقب لقائه مساء السبت الموفد القطري عبر القول: "عنّا رئيس حكومة كان موجود بموجة النزوح الأولى ثمّ الثانية وما عمل شي إلا الحكي، منرجع نعملو رئيس حكومة؟ وعنّا مسؤولين أمنيين وسياسيين ساكتين ومسهّلين عملية النزوح منجيب حدا منهم رئيس جمهورية؟".
4- رُصِد "أمر عمليات" مسيحي، وتحديداً باسيلياً-قواتياً، بتفخيخ مشروع الحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما لفت "نعي" وسائل إعلام التيار العوني للحوار والتسليم بفشله التامّ في الوقت الذي كان فيه رئيس التيار يُكرّر عبر منصّة "إكس" شروطه للحوار ردّاً على رسالة برّي التي أرسلها عبر النائب آلان عون.
شروط باسيل للحوار، بتأكيد مصادر عين التينة، مرفوضة وغير منطقية وهدفها تطيير الحوار وتضييع المزيد من الوقت، خصوصاً أنّه قدّم برنامجاً للحوار والتفاوض يختلف بشروطه إذا كان التوافق على اسم فرنجية أو أيّ مرشّح آخر. أمّا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فمُعارِض لأصل الدعوة. بعض القريبين من معراب يقدّمون مقاربة من خارج الصحن التقليدي ليوميّات الأزمة: "بيحكونا بحوار ليأتوا بمرشّحهم ويستمرّوا بعُدّة الشغل نفسها، فيما تقترب المنطقة من لحظة التطبيع التاريخية بين إسرائيل والسعودية المعنيّة الأولى بالأزمة السياسية-الرئاسية في لبنان، ومن دونها لا حلّ".
5- على مقلب بكركي، وبعدما حصل لغط كبير في شأن موقف البطريرك من الحوار وآخر جولاته في أستراليا حين ناقض الراعي نفسه بعدما انتقد من ملبورن السياسيين "الذين يرفضون الجلوس إلى الطاولة لحلّ مشاكل لبنان"، في حين قال من سيدني بعد ذلك بِيَومَين إنّه "لم يقُل يوماً إنّهُ "مع الحوار" الذي يسبق انتخاب الرئيس، بل الحوار هو الانتخاب".
في هذا السياق تقول شخصية قريبة من دوائر بكركي لـ "أساس": "الأرجح أنّ المقصود بعبارة "حول الطاولة" التي ذكرها في ملبورن هو الحوار ما بين دورات الانتخاب المتتالية كما يُطالب منذ مدّة طويلة، وهو لم يقصد يوماً الموافقة على جلسات الحوار التي يدعو إليها برّي".
تجزِم الشخصية نفسها أنّ "الذين يتخَيّلون تناقضاً في مواقف الراعي حول الحوار ينطلقون من موقف سياسي ضيّق "لا يُعجبهُ" موقف الراعي الواضح "كالشمس" بأنّه يرفض الحوار كشرط إلزامي قبل الانتخاب"، وتضيف: "ربّما يُصدّق منتقدو الراعي أنفسهم "الخَبرِية" بأنّ "غبطته" قال فعلاً لوفد "الكتائب" الذي زاره برئاسة سليم الصايغ في كانون الأول 2022 بـ"أنّنا كبطريركية نتكلّم نفس لغة الكتائب"، كما نَشَرَت يومها بعض الصحف".
- المركزية -