#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
لعل أبرز سمات اللبنانيين هي المغالاة، ففريقي الممانعة والمعارضة، يُظهران أقصى درجات التعنّت والاستقواء بالخارج، على الخصم الداخلي.
ففيما يتمسّك الثنائي الشيعي بترشيح سليمان فرنجية، وكأنه الشخص الماروني الوحيد الذي يأتمنه، ولا يطعنه بالظهر، يسعى بعض المعارضين إلى دفع الغرب، والأمريكي تحديداً، إلى فرض عقوبات على رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتحميله مسؤولية عرقلة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان.
تمكّن بعض اللبنانيين من نسج علاقات مع بعض المسؤولين الغربيين، خاصة داخل الادارة الأمريكية، وفي عام 2019 نجح هؤلاء بالترويج لفكرة: أن الانهيار الاقتصادي سيقضي على حزب الله، وأن الشعب اللبناني سيحمّل مسؤولية التدهور المعيشي إلى الحزب، وستنقلب بيئة المقاومة ضدها.
لا يمكن لعاقل أن يتخيل أن ما حصل في السياسة النقدية في لبنان، خلال السنوات العشر أو الست الأخيرة، كان نتيجة غباء رياض سلامة والسلطة الحاكمة، ومن الواضح جداً أن هذا كان جزءاً من مخطط، جاءت كل نتائجه معكوسة.
فبدل أن يؤدي الانهيار الاقتصادي إلى تصدّع جبهة المقاومة، حصل العكس وانهارت مؤسسات الدولة اللبنانية، ولم يبق من احتياطي المركزي الذي بلغ 39 مليار دولار عام 2018، سوى 9 مليار فقط، وتم هدر 30 مليار دولار في أغبى وأخطر خطة وسياسة نقدية في العالم.
اليوم يروّج البعض ويسعى لدفع الإدارة الأمريكية، إلى فرض عقوبات على رئيس مجلس النواب نبيه بري، معتقدين أنهم بذلك سيتمكنون من فرض انتخاب رئيس في لبنان.
بالطبع لا يمكن تهديد حزب الله بالعقوبات، فهي مفروضة عليه منذ سنوات، ولم يبق سوى الرئيس بري الذي يشكّل حلقة وصل وباباً لحل أي مشكلة، تطرأ بين الحزب والأمريكيين.
يمكن التلويح بالعقوبات على الرئيس بري، لكن هذا الكلام سيصدر فقط عن لبنانيين، أو بعض أصدقائهم الغربيين، الذين لا صفة رسمية لهم.
فالأميركيون والأوروبيون يعلمون جيداً مخاطر فرض عقوبات على رئيس المجلس النيابي، وأن إجراءً كهذا سيُقفل باب الحل نهائياً في لبنان، وعلى قاعدة علم الفيزياء، "أن لكل فعل رد فعل، معاكس في الاتجاه وموازي في القوة"، سيصبح الثنائي الشيعي أمام معادلة واحدة : "فرنجية أو لا رئيس".
ولقد لوّح رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد بذلك عندما قال: "طلبنا منهم الحوار فرفضوا، والآن لن نطلب منهم الحوار" فلينتظروا !!!.
في ظل هذا الانقسام والمغالاة، ليس باستطاعة الخارج فرض رئيس على لبنان، ومن ينتظر الخارج سينتظر طويلاً، وهذا الفراغ المتوالي في مؤسسات الدولة، بات يُنذر بزوال لبنان.
من الصعب فهم مراهنات بعض السياسيين في لبنان، الذين حولوا البلد إلى نادٍ ليلي للقمار السياسي، فصحّ بهم مَثَل: رجل باع سيارته وبيته وكل ما يملك، ثم قامر بزوجته وأولاده، ليربح حفنة من الدولارات، فكانت النتيجة أن خسر كل شيء، وأطلق في النهاية رصاصة على رأسه.
فهل يتعّظ بعض المغالين قبل فوات الأوان؟؟؟!!!