#الثائر
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "أحبائي، إنجيل اليوم يضعنا أمام شخصية أممية، وثنية، شخصية قائد المئة الذي كان مسؤولا رومانيا في الجيش. ربما يستغرب قارئ الكتاب المقدس أن كل قادة المئات المذكورين فيه هم من الصالحين. يظن بعض دارسي الكتاب أن المسيح هو صورة قائد المئة المثالي، إذ إن العدد «مئة» يشير إلى قطيع المسيح الصغير، الذي إذا ضل واحد منه، ترك التسعة والتسعين وبحث عنه. يوضح لنا المسيح الذي هو قائد هذا القطيع الصغير ورأسه، أن البشر يستطيعون التمثل به، لأي شعب انتموا، إذ إن الله خلق الجميع، والخلاص غير محصور بجماعة محددة، بل متاح لكل من آمن بالمسيح واتخذه مثالا ورأسا، هو القائل: «من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يدن» (مر 16: 16) نحن أمام رجل وثني، ضابط روماني، وغالبا ما كان الرومان يسيئون معاملة عبيدهم، إلا أن هذا الإنسان أظهر تقواه من خلال اهتمامه بعبده وطلب شفائه. من المؤكد أنه سمع عن الرب يسوع وأحبه، فتغير قلبه عندما غذاه بمحبة الرب. يمثل قائد المئة كل أمته الوثنية، المعذبة من الشيطان والخطيئة، وما استعداد الرب يسوع إلى الذهاب لشفاء الصبي المريض قائلا: «أنا آتي وأشفيه»، سوى تأكيد منه أنه أتى ليخلص جميع البشر، وهو لا يأنف من الدخول إلى بيوت الخطأة والعشارين ليأكل معهم، ولا إلى بيوت الوثنيين، لأنه هو الذي يقدس كل الأشياء، كما نسمع في صلواتنا".
أضاف: "كان قائد المئة يعلم أن اليهود لا يخالطون الأمم ولا يدخلون بيوتهم خوفا من أن يتنجسوا، لذلك أعلن بتواضع، وهو القائد الذي يحسب له حساب بين أبناء جنسه، أنه غير مستحق لأن يدخل المسيح بيته. كذلك، أعلن ذاك الأممي الوثني إيمانه بيسوع كرب صانع للعجائب، شاف للأمراض بكلمة واحدة فقط، عندما قال: «يا رب، لست مستحقا أن تدخل تحت سقفي، لكن قل كلمة لا غير فيبرأ فتاي». طبعا، نعلم أن فعل الخلق كان بكلمة واحدة، عندما قال الله: «كن»، فكان. هنا، يشدد الإنجيلي متى أمام سامعيه اليهود على أن المسيح هو الإله الخالق، الذي يقول كلمة واحدة فيحقق ما يشاء. في حادثة إنجيل اليوم، نعاين فعلين: الأول شفاء الصبي بكلمة، والثاني تحول قلب القائد الوثني الذي لمسه المسيح الكلمة بمحبته. بعدما أثنى المسيح على إيمان قائد المئة، الذي يفوق إيمان كثيرين ممن يعتبرون أنفسهم من أبناء إبراهيم «أبي الإيمان»، قال للحاضرين: «إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السماوات، وأما بنو الملكوت فيلقون في الظلمة البرانية، هناك يكون البكاء وصريف الأسنان». في هذا الكلام دينونة لكل إنسان، على مدى العصور، يعتبر نفسه مؤمنا وابنا لله، وهو لا يعمل بوصاياه، خصوصا وصية المحبة. كثيرون من رواد الكنيسة يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار، وبإمكانهم إدانة الجميع، متجاهلين أن الدينونة لله وحده، وهو الديان العادل، أما البشر فخطأة. ولو انشغل كل إنسان بالتوبة عن خطاياه، لما وجد وقتا للنظر إلى زلات غيره