مقالات وأراء

هذا سرُّ وليد جنبلاط

2023 تموز 01
مقالات وأراء

#الثائر

- " اكرم كمال سريوي "

لا يختلف إثنان على أن وليد جنبلاط شخصية سياسية فذّة، قاد حزبه وطائفته في أحلك الظروف، ولعب دوراً أكبر من حجمها العددي، ليتعدّى الشأن اللبناني، إلى القضايا العربية والدولية والإنسانية. وحمل في عقله وضميره دائما، القضية العربية الأساس "قضية فلسطين" فألبس كوفية نضالها إلى نجله تيمور.

لن أتحدث عن دور ومآثر وليد جنبلاط السياسية، بل عن جانب آخر في شخصيته، حيث استطاع أن يكون زعيماً وطنياً، ومواطناً عادياً في نفس الوقت.

في موسم الانتخابات يحجُّ أغلبية النواب والزعماء اللبنانيين إلى القرى، ويجولون في كُلّ الأزقّة والزواريب، يشحذون أصوات المواطنين، يدخلون بيوت الفقراء ويتظاهرون بالتواضع، ويتحدّثون بلطف، وما أن يتمَّ إعلان النتائج، حتى يديرون ظهرهم لأقرب الناس إليهم، فلا يردّون على اتصال، أو على رسالة واتس أب صغيرة، حتى ولو كانت للمعايدة أو المجاملة، فكيف إذا كانت طلباً للمساعدة!!!

وهم يتذرّعون دائماً بكثرة انشغالاتهم وضيق الوقت، مع العلم أنّ المجلس النيابي معطل منذ سنوات، وهم عاطلون عن العمل النافع والمفيد، والوزارات غالباً تصريف أعمال، أو بالأصح تصريف وقت.

يتلقى وليد جنبلاط آلاف الرسائل على هاتفه، وهناك عشرات الآلاف، لا بل ربما مئات آلاف الأشخاص، يعرفون رقم هاتفه الخاص، الذي لم يكن يوماً، خاصاً بل متاحاً لكل صديق وكل محتاج.

لا يُهمل وليد جنبلاط أي رسالة تصله من أي شخص كان، حتى أنه لم يُطفئ في هاتفه على واتس آب خاصية read receipts, كما يفعل بعض المتعمشقين على المسؤولية والمناصب، بل يجعلك تعلم أنّه قرأ رسالتك، وغالباً يرد على الرسائل.

يُدهشك وليد جنبلاط بقدراته، حتى يخالُ إليك بأنه رجل لا ينام!

متابع للأحداث وللعديد من الصحف والمواقع والاخبار العالمية، وقارئ دائم لأحدث إصدارات الكتب، وتراه يختار، يوماً صورة معبّرة، أو مقطع فيديو، أو أغنية، أو حتى فيلماً سينمائياً، يتشاركه مع بعض أصدقائه ومتابعيه، وفي خِضمّ كل هذا، يجد وقتاً كافياً ليتواصل مع جمهوره ومحبيه.

لا تنتهي مفاجآت وليد جنبلاط عند هذا الحد، فقد تجده يقود سيارته بنفسه، قربك على الطريق، ويمكن أن يتوقف في مكان شعبي، وهو على ثقة تامة بقدرته على التصرف كزعيم وكمواطن عادي.

لا ينتظر وليد جنبلاط موسم الانتخابات، ولا هي تُشكّل، معيار علاقته مع الناس. ففي أي وقت، فجأة قد تجده يزور هذا الشخص أو ذاك، من الذين يكنُّ لهم الود والتقدير، وهم طبعاً يبادلونه هذا الحب والوفاء. يعود المرضى، يدخل إلى بيوت الفقراء والمحتاجين، يواسيهم ويساعدهم ويُبلسم جراحهم، فيشعرون بقربه وكأنه واحدٌ منهم.

جاء وليد جنبلاط إلى السياسة دون أن يخطط لذلك، ولم يكن راغباً بها. وكان عليه منذ اليوم الأول، في آذار ١٩٧٧ أن يكتم ألمه وحزنه، ويتغلب على العاطفة، فيُحكّم العقل، ويردع عاصفة غضب اجتاحت أنصاره، بعد اغتيال والده المعلم الشهيد كمال جنبلاط. عاصفة أخذت بدربها أناساً أبرياء، لا ذنب لهم، تحولوا إلى ضحايا رد فعل طائش، وفتنة طائفية، خطط الجناة لإحداثها في الجبل .

بعد أن تخلّى عن النيابة، ها هو اليوم يتخلّى عن رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي، طائعا مختاراً، ويُسلّم الأمانة إلى تيمور جنبلاط، ليلقي عن كاهله عبء سنوات طويلة، كان له خلالها مواقف وانجازات، سيفتخر بها حزبه وأنصاره وطائفته لأمد طويل.

استطاع وليد جنبلاط أن يُزيل كل الحواجز، بينه وبين الناس، فجمع شخصية الزعيم والقائد الفذ، مع شخصية المواطن العادي المتواضع، تراه يبادلك الود والاحترام، يغفر يسامح ويعطي دون منّة، وهو القائل : "لن يجوع درزياً في لبنان طالما المختارة موجودة".

لا أحد يستطيع أن يكون كوليد جنبلاط، فهو رجل استثنائي بكلِّ المقاييس، ولذا فإن حُبه استثنائيٌ، في قلوب أصدقائه ومناصريه، خاصةً من عاشره منهم عن قرب.

يترك وليد جنبلاط اليوم رئاسة حزبٍ قاده وحمل رايته مدة 23 عاماً في القرن العشرين، ومثلها في القرن الواحد والعشرين، فاسحاً المجال أمام تيمور وجيل الشباب للتجديد، واستكمال مسيرة النضال، مُعطياً المَثل والمِثال في التخلي عن الألقاب والمناصب، أولاً لرفاقه في الحزب، وثانياً لكل السياسيين في لبنان، وهو يعلم جيداً أن من يسعى إلى منصب، فالمناصب زائلة، ومن يعمل للمبادىء، فالمبادئ باقية لا تزول.

إن استقالة وليد جنبلاط من رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي، لا تعني أنه ترك رفاقه ومحبيه، بل هي خطوة نحو المستقبل، وسيبقى في قلب الحدث وقرب رفاقه وأهله، فلن تجدوا من هو أكثر من وليد جنبلاط، وفاءً وتقديراً لتضحيات رفاق الدرب. وقمة الرُقي والتواضع تجسّدت في قوله نهار الأحد الماضي إلى نجله تيمور: "الرفيق الرئيس تيمور الكلمة لك"

يقول أنصاره: هذا هو سرُّ وليد جنبلاط نحفظه في قلوبنا، فلا تسألونا لماذا نحبه.

اخترنا لكم
الراعي يدعو إلى وقف النار ويناشد الأمم المتّحدة التدخّل ومجلس النواب لانتخاب رئيس
المزيد
الذلُّ في جمهوريةِ "النجيبِ"!
المزيد
فيروز تغرد للبنان بعد الغارات الإسرائيلية عليه
المزيد
مسيرات "الحزب" قصفت جنوب حيفا!
المزيد
اخر الاخبار
وزير البيئة: عدد المصابين جراء الغارات تخطى الـ4400
المزيد
الرئيس سليمان: ميقاتي يحاول تغطية ما امكن من عَوْرَة الفراغ الدستوري
المزيد
غارة إسرائيلية على المعيصرة في فتوح كسروان
المزيد
مطرانا صيدا للموارنة والكاثوليك: فتحنا مدارسنا وما من مكان مقفل أمام أهلنا
المزيد
قرّاء الثائر يتصفّحون الآن
"اللقاء الديمقراطي" عن ملف النازحين: لوقف التحريض واعتماد سياسة واضحة
المزيد
المكتب الاعلامي لباسيل: لاصحة لخبر اتصال رئيس التيار بالرئيس السوري بشار الأسد
المزيد
بالفيديو - "بعد ٣٠ عاماً وللمرّة الأولى"... تمارا داني شمعون تطلّ الى العلن مع ريكاردو كرم!
المزيد
قصّة سقوط فاغنر على طريق موسكو!
المزيد
« المزيد
الصحافة الخضراء
IUCN welcomes Patricia Ricard as Patron of Nature
"نهر القيامة الجليدي" في أنتاركتيكا ينذر بكارثة محتملة للكوكب
اتفاقية تعاون بين جمعيّتي "غدي" و"الملكية الاردنية لحماية الطبيعة" الناصر: حماية الطبيعة لا تعرف حدود، فهي مثل الطائر الذي يطير وينتقل من مكان إلى آخر غانم: نؤمن أن التعاون هو أرقى أشكال التطور
بيان للدفاع المدني بعد الانتهاء من عمليات إطفاء مطمر برج حمود
شكوى بجرائم بيئية ضد الدولة اللبنانية امام مجلس حقوق الانسان الدولي
محمية أرز الشوف في المنتدى الإقليمي للحفاظ على الطبيعة لدول غرب آسيا، هاني: نعمل مع شركائنا لزيادة المناطق المحمية