#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
المشهدُ التعليميُّ والتربويُّ كما ظهرَ في الايامِ الاخيرةِ والاتهاماتُ بسرقاتِ اموالِ الهبَّاتِ الآتيةِ من الخارجِ، والالتباساتُ حولَ طريقةِ صرفها، تقضي فيما تقضي، على آخرِ الادوارِ اللبنانيةِ،
لبلدٍ كانَ مصدراً للنورِ والاشعاعِ والحرفِ... ما دامَ الاساتذةُ في التعليمِ الرسميِّ مستمرينَ بالاضرابِ، فعملياً طارَ العامُ الدراسيُّ، والامتحاناتُ الرسميةُ بدورها قد تطيرُ وسطَ خوفٍ ايضاً من عدمِ إمكانِ وجودِ اعتماداتٍ لاجرائها.
اما التعليمُ الخاصُ، الذي نزحَ إليه وعلى عكسِ الطبيعةِ،
طلابٌ من التعليمِ الرسميِّ بسببِ إستمرارِ الاضرابِ، فبدورهِ يعيشُ كارثةً حقيقيةً على الاساتذةِ والاهالي، بسببِ ارتفاعِ الاسعارِ والدولرةِ في كلِّ المصاريفِ واستمرارِ المدارسِ بزياداتِ الاقساطِ.
فأيُّ خدمةٍ تربويةٍ تقدِّمُ، وأيُّ دورٍ تربويٍّ فكريٍّ من المدارسِ الى الجامعةِ اللبنانيةِ التي تُنازعُ بدورها؟
***
وماذا يبقى من لبنانَ بعدما إنهارتْ المصارفُ والمستشفياتُ والجامعاتُ والمدارسُ، ونصفُ مدينةٍ فارغٌ، ومرفأٌ مدمَّرٌ وادمغةٌ مهاجرةٌ، وشبابٌ عاطلونَ عن العملِ،
ومؤسساتٌ وافرادٌ يرزحونَ تحتَ الافلاسِ، وبنى تحتيةٌ مدمَّرةٌ، ومهترئةٌ، واتصالاتٌ على القطعةِ، وكهرباءُ بالقطارةِ؟
اما الناسُ فحدِّثْ ولا حرجَ عن جوعها وذلِّها وإفلاسها وبطالتها.
هذا، ولمْ نتحدَّثْ بعدُ عن إنحسارِ دورِ لبنانَ السياسيِّ وعزلتهِ عن محيطهِ العربيِّ، وتحوُّلهِ الى بؤرةٍ لكلِّ انواعِ الممنوعاتِ والمخدَّراتِ والسلاحِ وجرائمِ تبييضِ الاموالِ، وحدودهِ الفالتةِ على تهريبِ البشرِ والصواريخِ والمجرمينَ.
اما نصفُ اراضيهِ فيعيشُ عليها لاجئونَ ونازحونَ وهاربونَ من كلِّ انحاءِ العالمِ، والنوايا ذاهبةٌ لتوطينهمْ.
والمُبكي أن هؤلاءَ يستفيدونَ من دعمِ الاممِ المتحدةِ في الطبابةِ والسكنِ والمعيشةِ،
فيما اللبنانيونَ يراقبونَ من بعيدٍ، شعوباً تعيشُ على ارضهمْ، تأكلُ خبزهمْ،
وتأخذَ دواءهمْ، وتشاركهمْ بُناهمْ التحتيةَ المتهالكةَ اساساً،
الفرقُ أنهم مدعومونَ فيما اللبنانيونَ معدومونَ.
***
ولكنْ... الى أينَ من هنا؟
وهلْ من بصيصِ املٍ او فُسحةِ نورٍ لفتحِ كُوَّةٍ في جدارِ الازمةِ الرئاسيةِ،لعلَّ حسمَ هذا الملفِّ يعيدُ رسمَ خارطةَ طريقٍ لاعادتنا الى الخارطةِ العالميةِ في بعضٍ من الادوارِ المفقودةِ؟
حتى الساعةَ، ورغمَ كلِّ الاشاراتِ التي تتحدَّثُ عن حواراتٍ عربيةٍ عربيةٍ ولا سيما على خطِّ دمشق الخليج، وبعضِ الخليجِ مع ايران، وحواراتٍ عربيةٍ فرنسيةٍ اميركيةٍ،
فأنَ الامورَ غيرُ ناضجةٍ وسطَ الانقساماتِ العموديةِ اللبنانيةِ، الطرفانِ في لبنانَ يملكانِ الكتلةَ التي تعطِّلُ نصابَ ايِّ انتخابٍ،
وإذا لمْ يجرِ كسرِ هذهِ الحلقةِ فأنَ إيَّ انتخابٍ لنْ يجري،
وكانَ واضحاً رئيسُ مجلسِ النوابِ نبيه بري بالحديثِ عن ترشيحِ سليمان فرنجيه، والاعلانِ غيرِ الرسميِّ لعدمِ تبني إيِّ تعديلٍ دستوريٍّ لمصلحةِ قائدِ الجيشِ وسقوطِ نظريةِ التسويةِ والمخرجِ الذي جاءَ بميشال سليمان رئيساً بعدَ اتفاقِ الدوحةِ، وعن ضرورةِ الاستمرارِ بالتشريعِ،
عملياً نحنُ في المراوحةِ نفسها والحلقةِ نفسها والكلامُ صارَ فوقَ السطوحِ حولَ صيغةٍ جديدةٍ: فدراليةٍ؟ لا مركزيةٍ موسَّعةٍ؟ تقسيمٌ؟
الحديثُ صارَ في العلنِ ولم يعدْ همساً... مَنْ يسبقُ مَنْ؟ لا احدَ يعرفُ؟
***
وسطَ كلِّ ذلكَ،
الناسُ تبحثُ عن مناجدَ وقواميسَ لتفسيراتِ تعاميمِ حاكمِ المركزيِّ الاخيرةِ، وترجماتِ المصارفِ لها في الصيرفةِ والصرافةِ.
اما المحالُّ التجاريةُ فلها تسعيراتها وفتاويها بينَ الدولارِ والدولارِ الجمركيِّ، وتسعيرةِ اللبنانيِّ على الدولارِ.
والناسُ تجولُ في المحالِ التجاريةِ وهي في حالةِ ذهولٍ...!