#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
تتسارعُ التطوُّراتُ على صعيدِ اضرابِ المصارفِ...
فمنْ جهةٍ يبدو المُودعونَ ذاهبينَ الى تصعيدِ المواقفِ لا سيما إذا اقفلتْ المصارفُ نهائياً،
ومن جهةٍ ثانيةٍ، تبدو المصارفُ تتظلَّلُ بموقفٍ قضائيٍّ يبدأ بتذكيرِ مدعي عام جبل لبنان غادة عون بطلبِ ردها عن ملفِّ الملاحقاتِ ضدَّ المصارفِ،
وصولاً حسبَ مصادرَ مطلعةٍ الى طلبِ مدعي عامِ التمييز غسان عويدات إستردادَ الملفِّ من مدعي عام جبل لبنان لتحويلهِ لاحقاً الى المدعي العامِ الماليِّ،
بعدَ موافقةِ وبركةِ رئيسِ مجلسِ النوابِ نبيه بري على تسلُّمِ القاضي علي ابراهيم هذا الملفَّ...
يبدو الناسُ رهائنَ الاسئلةِ الكبيرةِ حولَ المصارفِ.
فمنْ جهةٍ يُريدونَ لهذهِ المصارفِ ان تدفعَ اموالهمْ وهمْ يعرفونَ أنها غيرُ قادرةٍ،
ومن جهةٍ ثانيةٍ يُريدونها ان تقفلَ لأنها هدرتْ اموالهمْ فيما همْ يطالبونها في الوقتِ نفسهِ بفتحِ ابوابها لتقديمِ الخدماتِ المصرفيةِ لهمْ...
فأيُّ سياسةٍ علينا اتِّباعُها مع المصارفِ ومع اصحابها؟
وهلْ يستقيمُ بلدٌ من دونِ قطاعٍ مصرفيٍّ؟
وكيفَ تُستعادُ الثقةُ بقطاعٍ مصرفيٍّ يضعُ فيهِ الناسُ اموالهمْ وهمْ لا يعرفونَ إذا كانتْ هذهِ الاموالُ ستلقى المصيرَ نفسهُ الخاصَ بسابقاتها؟
ومع ترقُّبِ التداعياتِ الناتجةِ عن اضرابِ المصارفِ،
تبدو الجلسةُ التشريعيةُ بحكمِ الملغاةِ ولا سيما مع موقفِ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وشبهَ تردُّدٍ للتيارِ الوطنيِّ الحرِّ في المشاركةِ بعدَ التخوينِ الذي تعرَّضَ لهُ.
عملياً طارَ الكابيتال كونترول من جديدٍ، وطارَ التمديدُ حتى اشعارٍ آخرَ لقادةِ الاجهزةِ الامنيةِ والمدراءِ العامينْ، لا سيما وان الصيغتينِ المقدَّمتينِ للتمديدِ تحملانِ الكثيرَ من اللغطِ.
في بلدٍ صارَ خبيراً باساليبِ التمديدِ والتطويلِ.
***
لنْ يجتمعَ اللبنانيونَ هذا الاسبوعَ على شيءٍ اكثرَ مما سيجتمعونَ على ذكرى الرئيسِ الشهيدِ رفيق الحريري... والذي وبعدَ ان غيَّبتهُ يدُ الشرِّ عن المرجعيةِ والقرارِ، يبدو، الدورُ السنيُّ، ولو مهما قيلَ، في حكمِ الغائبِ مع رفيق الحريري ..
فعلَ الكثيرَ سعد الحريري للحفاظِ على ارثِ والدهِ ولا يزالُ يملكُ، رغمَ كلِّ ما حدثَ معهُ، الزعامةَ السنيةَ في لبنانَ.
لكنهُ وقد ابعدتهُ الظروفُ، وبعدما ابعدَ نفسهُ بنفسهِ، يعودُ الى بيروتَ لساعاتٍ لينبشَ جراحَ الماضي غيرِ البعيدِ حولَ التسوياتِ والعهودِ والحكوماتِ والتنازلاتِ..
ومع ذلكَ سيقفُ الناسُ اليومَ مستذكرينَ رجلاً بحجمِ وطنٍ، بنى وعمَّرَ وارسى دعائمَ دولةٍ حديثةٍ رغمَ كلِّ الشوائبِ والملاحظاتِ حولَ المسارِ والكلفةِ والسياساتِ،
لقد تركَ هذا الرجلُ البصماتَ الكبيرةَ والرؤيويةَ في حياةِ لبنانَ رغمَ كلِّ ما يقالُ ويُحكى.
هلْ انتبهنا انهُ بعدَ غيابِ رفيق الحريري ليسَ هناكَ من يخطِّطُ للبنانَ، ليسَ هناكَ من يفكرُ بجسرٍ، بطريقٍ، بمطارٍ، وبمحطةِ كهرباءٍ؟
هلْ كانَ رفيق الحريري ليتركَ مرفأ بيروت مدمَّراً بهذا الشكلِ؟
وهلْ كانَ ليتركَ تحفةً معماريةً كوسطِ بيروت مدينةَ اشباحٍ سوداءَ لا ضوءَ فيها ولا نورَ ولا حياةَ...؟
وهلْ كانَ للبنانَ ان يبقى يتيماً مع العربِ وغريباً عنهمْ؟
ازمنةُ لبنانَ الماضي لنْ تعودَ، وأعاننا اللهُ على المستقبلِ!