#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
في ظل الجدل والانقسام الحاصل حول دستورية انعقاد جلسة تشريعية لمجلس النواب، تحت عنوان تشريع الضرورة، في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، لا بد من العودة إلى الدستور، لإيضاح المواد القانونية المتعلقة بهذا الأمر.
حددت المواد ٤٩ و٧٣ و ٧٤ من الدستور، كيفية انتخاب رئيس الجمهورية، وميّزت بين؛ فترة الشهرين التي تسبق موعد انتهاء ولاية الرئيس، وفترة ما بعد انتهاء ولايته وحصول الشغور الرئاسي.
وفقاً للمادة ٧٣ فإنه يحق لرئيس مجلس النواب، أن يدعو المجلس إلى جلسة لانتخاب رئيس جديد، في فترة شهر على الأقل، وشهرين على الأكثر، من موعد انتهاء ولاية الرئيس.
وإذا لم يدعُ إلى جلسة، أو دعا ولم يتم انتخاب رئيس، يجتمع المجلس حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق موعد انتهاء ولاية الرئيس.
أما المادة ٧٤: فنصت على أنه في حال خلو سدة الرئاسة لأي سبب كان، ولأجل انتخاب الخلف، يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون.
وأضافت إن المجلس الملتئم لانتخاب رئیس الجمهوریة، یُعتبر هیئة انتخابیة لا هیئة اشتراعیة، ویترتب علیه الشروع حالاً في انتخاب رئیس الدولة، دون مناقشة أو أي عمل آخر.
من الوضح أنه يجب التمييز بين الجلسات التي تنعقد قبل انتهاء ولاية الرئيس، وتلك التي تحصل بعد حصول فراغ في سدة الرئاسة.
ففي الحالة الأولى يكون الرئيس ما زال موجوداً، وبكامل صلاحياته الدستورية، ويحق له مثلاً، بالاتفاق مع رئيس الحكومة، إصدار مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، اذا كان المجلس خارج دور الانعقاد العادية؛ (الدور الربيعي، او الخريفي). وهذا طبعاً يحصل في حالة تشريع الضرورة، عندما يتطلب وضع الدولة، إقرار تشريعات معيّنة، ضرورية لا تحتمل التأجيل.
في هذه الفترة، لو حصل والتأم المجلس لانتخاب رئيس، ولم ينجح في ذلك، وقام بختم محضر الجلسة، يحق للمجلس، أن يعود إلى ممارسة دوره التشريعي، بشكل طبيعي، وأن يعقد الجلسات التي يراها مناسبة، ووفقاً للقانون.
أما بعد خلو سدة الرئاسة، فإن حضور النواب إلى المجلس، يصبح فورياً بحكم القانون، ولا يحتاج إلى دعوة من رئيس المجلس، وعلى النواب المواضبة على الحضور، والاستمرار في عقد الجلسات، حتى انتخاب رئيس للجمهورية.
في هذه الحالة نصبح جلسات المجلس منعقدة بشكل دائم، ويتحول المجلس إلى هيئة انتخابية، ولا يحق له مناقشة أي أمر آخر قبل انتخاب الرئيس.
لم يخطر ببال المشترع إطلاقاً، أن مجلس النواب قد يتخلّى عن واجباته الدستورية، ويمتنع عن انتخاب رئيس جديد للبلاد، ويُحدث فراغاً طويلاً في سدة الرئاسة، وخللاً في انتظام عمل المؤسسات، خاصة أن الدستور نص صراحة على أولوية واستمرار الجلسات لانتخاب رئيس جديد، في حال خلو سدة الرئاسة.
لا يمكن التذرّع بحجة الضرورة لمخالفة الدستور، وعقد جلسة تشريعية للمجلس النيابي.
ويجدر بأساتذة القانون، والزملاء المتخصصين في القانون الدستوري، أن لا يُقدّموا فتاوى دستورية لأغراض سياسية، بل علينا جميعاً الاحتكام إلى النص، وتفسيره بطريقة قانونية علمية، بعيداً عن الهوى والميل السياسي.
لو تم تطبيق الدستور والقانون بشفافية، لما وقع البلد في المحظور.