#الثائر
من الشوف إلى أطراف البقاع الغربي تترامى محمية طبيعية نموذجية تزدان بتنوّع إيكولوجي مدهش، تسافر معها داخل غابات الأرز الضارب في أعماق التاريخ، من مجد هيكل سليمان إلى وسط العلم اللبناني، رمزاً للخلود ورفضاً لأنكسار الوطن، وعنواناً للشموخ والعنفوان، لتبقى قلباً نابضاً حياً شاهداً على قيامة لبنان.
فلا يمكن أن يحقق لبنان نموّاً وازدهارا ً في منأى عن الاستدامة كخيار واع وضروري ومُلح، مدخله حماية ثراوتنا الطبيعية والبيئية وإرثنا الثقافي المخبوء في قرانا وبلداتنا الزاخرة بتجارب، كانت وما تزال عنواناً لتنمية، قائمة على التوازن بين ثرواتنا وحسن إدارتها.
في 22 كانون الأول وبمناسبة حلول عام جديد، اجتمع فريق عمل محمية أرز الشوف ومجلس إدارتها ممثلاً برئيس اللجنة الأستاذ شارل نجيم، والسيدة نورا جنبلاط، والأستاذ ميشال سكاف، بالإضافة إلى عدد كبير من رؤساء بلديات المحيط الحيوي، في مطعم شلالات الباروك. استعرض المشاركون منجزات عام مضى بتحدياته وتطلعاته من خلال عروض مصورة وأفلام متعددة.
اقتصرت الجلسة الأولى على العاملين في المحمية وممثلين عن مجلس إدارتها، وتضمنت عرضاً للتقييم الداخلي للموظفين الذي اظهر ما تحقق من الأهداف والأعمال سعيا لتطويرها والوقوف على أية معوقات، وهي عملية تساعد المحمية في وضع خطة عمل 2023 بشكل تشاركي سليم.
بدأت الجلسة الثانية المفتوحة بالنشيد الوطني اللبناني، ومن ثم رحب عريف الحفل، سامر ذبيان، المنسق الإداري في المحمية، بالحضور الذين انضموا إلى فريق العمل، معرباً عن فخره عندما" يقترن اسم المحمية باسم لبنان. حين نعدد أعلام ومعالم لبنان في شتى المجالات نذكر فيروز وجبران وميخائيل نعيمة وقلعة بعلبك ولائحة تطول وتطول لنصل إلى محمية أرز الشوف" مؤكداً "إننا نسبح في عكس التيار فحيث البطالة خلقنا الفرص، وحيث الألم خلقنا الأمل، وحيث الفوضى وجدنا الطمأنينة والازدهار إنها محمية أرز الشوف يا سادة.”
أما الأستاذ شارل نجيم فتمنى للجميع عاما جديداً مليئا بالانجازات والنجاحات، مشيراً إلى أن هذا اللقاء السنوي "أصبح محطة ننتظرها لنستعرض معاً أبرز الإنجازات ونناقش كل المقترحات والأفكار في سبيل تطور وتقدم المحمية."
"رفع السقف عالياً يزيد المسؤولية، وحث الجميع على تطوير القدرات والسير قدماً في إدارة مستدامة للمشهد الطبيعي في محمية الشوف المحيط الحيوي"
بينما حمّلت السيدة نورا جنبلاط فريق العمل مسؤولية متابعة مسيرة النجاح قائلة : "ومع هذه النجاحات و الاحتفالات المُستَحَقّة بجدارة، أذكر ما قالته يوماً Mia Hamm ، وهي لاعبة فوتبول أميركية شهيرة
Celebrate what you have accomplished, but raise the bar a little higher each time you time succeed
أي "أفرح بما حققتَه ولكن أرفع المعايير مع كل نجاح" مؤكدة على استمرار الإدارة في إيجاد فرص للتدريب وبناء القدرات، داعية الجميع إلى المبادرة للاستفادة من الفرص المتاحة..
وشارك مع أسرة المحمية هذا النهار العائلي المميز رؤساء البلديات المحيطة وإتحاد رؤساء البلديات، والذين بالتعاون معهم ومع الجهات المانحة المحلية والعالمية، استطاعت المحمية بوضع بصماتها في كل محيطها الحيوي.
كارتييه للطبيعة ومؤسسة ويلسدورف (ساعات رولكس)، شريكان أضافا بريقاً خاصاً إلى العام 2022 في محمية أرز الشوف!
وأشار نزار هاني، مدير المحمية إلى "أن سلة المشاريع في المحمية تكبر يوم بعد يوم، وكذلك شراكاتها مثل تلك مع مؤسستي كارتييه للطبيعة وويلسدورف(رولكس)، منوهاً بالدور الذي لعبته مؤسسة "مافا" السوسرية خلال سنوات طوال، خاصة مع إغلاق أبوابها هذا العام. وتحدث عن أهمية الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في دعم عمليتي الحماية والتنمية.
وكما جرت العادة اجتمع الجميع لأخذ صورة تذكارية
وفيما يلي بعض الإنجازات:
إدارة الغابات
- 23 هكتار من حواجز للنيران
- وتحويل الناتج من الكتلة الحيوية إلى 250 طن من السباخ الطبيعي و 900،000 وقدة بيئية.
- تم توزيع الحطب والوقدة البيئية على ما يزيد عن 700 عائلة،
- فرص عمل لما يزيد عن 250 شخص في أعمال التشحيل وتأهيل المدرجات.
الزراعة المستدامة:
- تأهيل حوالي 16 هكتار من الأراضي الزارعية (الجدران الحجرية)
- 1،100غرسة من تين، رمان، عنب، زيتون، صنوبر، سماق، خزامى؛
-1.5 طن من القمح والحبوب
إدارة المياه:
- إنشاء وإعادة تأهيل برك زراعية في مرستي والباروك بسعة حوالي 71،000 م3 بهدف إفادة المزارعين الذين تساندهم المحمية في إعادة تأهيل وزراعة أراضيهم الزراعية.
السياحة البيئية:
- ما يقارب 80،000 زائر على مداخل المحمية الستة في غابة أرز الباروك، غابة أرز عين زحلتا- بمهريه، غابة أرز المعاصر، قلعة نيحا الأثرية، مدخل جباع ومدخل مرستي.
- إطلاق المراحل الأولية من الهئية الإدارية للوجهة السياحة في الشوف (Destination Management Organizagtion) التي تهدف إلى تسويق منطقة الشوف كوجهة للسياحة المستدامة.
الوعل النوبي
في إطار عملية إعادة الإدخال بعد غياب دام أكثر من مئة عام، قامت المحمية بنقل مجموعة صغيرة من وعل الجبل من مسيّج عانا إلى مُسيّج بلدة الخريبة، بهدف مراقبة الوعل والعمل على تكاثره. هذه العملية التي تمت باشراف ومساعدة فريق من الخبراء الإيطاليين واللبنانين وخاصة في عملية التخدير ، أخذ العينات ونقل الوعل بآمان من مسيج إلى آخر.
يشار الى إن محمية أرز الشوف التي أنشئت في العام 1996 بموجب قانون صادر عن مجلس النواب وخلال 26 عاما، استطاعت المحمية أن تتحول إلى مؤسسة رائدة في مجالها، بشهادة الخبراء والمراقبين والمطلعين على مسيرتها العملية. وقد يعود الفضل في ذلك إلى التكامل بين عدة عوامل وظروف اجتمعت كلها لتكون وراء سرّ هذا النجاح.
أبرز هذه العوامل، رعاية ودعم من قيادة حكيمة، ووعي وإدراك ومعرفة من إدارة فاعلة، تضحية ومثابرة وإيمان من فريق عمل متفانٍ، دعم وتسهيل وتعاون من قبل وزارة البيئة، تخطيط وتنفيذ ومتابعة من القيمين والخبراء، احتضان من المجتمع المحلي خاصة البلديات والمخاتير وأصحاب القرار، تعاون وشراكة مع السكان المحليين، دعم وثقة من الجهات المانحة، شراكة وتعاون دائم مع الجمعيات الأهلية والبيئية والناشطين ومقدمي الخدمات، تجاوب ودعم من السلطات والقوى الأمنية.