#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
بعد رفع تعرفة الكهرباء وعودة التغذية بالتيار ولو قليلاً، برزت مشكلة التوزيع، وتوقيت إعطاء الكهرباء للمناطق، بحيث بات هذا الأمر يخضع لمزاجية بعض الموظفين، وغاياتهم ومصالحهم الشخصية، فلا وجود لجدول توزيع أو تقنين، والشركة محكومة بالفوضى والاستنسابية بين المناطق.
في مدينة عاليه والجرد الأعلى وبعض المناطق النائية، فإن التغذية بالتيار تتم لمدة ساعة او ساعتين بعد منتصف الليل، وفقط بعد منتصف الليل، فلا كهرباء في النهار أو قبل منتصف الليل، وهذا يعني أن المواطنين في هذه المناطق، ووفق التعرفة الجديدة، سيدفعون فاتورة كهرباء لا تقل عن مليون ليرة شهرياً، من أجل ساعتي تغذية بعد منتصف الليل.
من المعروف في كافة دول العالم أن الكهرباء بعد منتصف الليل يتم بيعها بسعرٍ متدّنٍ، لأنها تكون من فائض انتاج المعامل، أما في لبنان فهي لرفع العتب، والقول ان هذه المناطق تحصل على حصتها من الكهرباء يومياً.
منذ مدة وفي احدى المناسبات سألنا وزير الطاقة وليد فياض عن أسباب انقطاع الكهرباء فقال: المعامل موجودة ويمكننا انتاج قسم كبير من حاجة لبنان إلى الكهرباء، وقد يتجاوز ١٦ ساعة تغذية يومياً، لكن لا يوجد فيول ولا مال لشرائه.
والآن وبعد التسعير بالدولار أين تكمن المشكلة؟؟؟ ولماذا هذه التعرفة الأغلى في العالم؟؟؟
من المعروف أن تكلفة انتاج الكيلواط/ساعة تتراوح بين 8 و 15 سنت حسب الدولة، ونوعية المعامل، أكانت تعمل؛ بالغاز، أم على الفيول، أو بالطاقة النووية، وهناك مصادر أرخص؛ كالمياه، والرياح، والطاقة الشمسية، أمّا في لبنان فعندما تسأل عن سبب ارتفاع التعرفة إلى 27 سنت فالجواب : هناك هدر فني. وبمعنى أوضح هناك سرقة للكهرباء، ومخيمات اللاجئين لا تدفع إضافة إلى مؤسسات الدولة، ومؤسسات خاصة محمية، هي ايضاً لا تدفع مستحقاتها لوزارة الطاقة، وأسوأ ما في الأمر، أن عدداً كبيراً من المسؤولين لا يسددون فواتير الكهرباء.
إن المواطن الذي يسدد مستحقاته، فهو ملزم بدفع ثمن هذا الهدر، وبدل أن يكون ثمن الكيلواط 18- 20 سنت أصبح 27 سنتاً.
أيها المواطن الدولة تضعك أمام خيارين؛ فإما أن تسرق الكهرباء، وإمّا عليك أن تدفع عنك وعن الدولة وعن الذين يسرقون الكهرباء.
أمّا أين تذهب الأموال التي ستدفعها فهي كالعادة يتم توزيعها على أربع حسابات في البنوك، تابعة لشركة كهرباء لبنان، ويتحكم بهذه الحسابات شخص واحد، وهي لا تخضع لرقابة ديوان المحاسبة، لا السابقة ولا اللاحقة. فهل تسألون بعد كيف تم هدر أكثر من 40 مليار دولار في الكهرباء، ولا كهرباء؟؟؟!!!
طالب التيار الوطني الحر بإخضاع كافة حسابات الدولة منذ التسعينيات إلى التدقيق، وأصدر كتاب الإبراء المستحيل، الذي تنازل عنه لاحقاً من أجل وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، والسؤال البديهي هل يقبل التيار بتدقيق حسابات وزارة الطاقة، التي يسيطر عليها منذ أن استلمها رئيسه جبران باسيل في 2009/11/9 وتعاقب عليها وزراؤه حتى اليوم؟؟؟ وهل يُسمح لديوان المحاسبة بإجراء الرقابة على حسابات مغارة كهرباء لبنان؟؟؟ وهل يمكن أن يعرف اللبنانييون أين تذهب الأموال التي يدفعونها ثمناً لكهرباء مهدورة ومسروقة؟؟؟
وهل يمكن لوزارة الطاقة وشركة الكهرباء، أن تقوم بتوزيع عادل بين المناطق، للكهرباء القليلة (التي تُنتجها وتبيعها للمواطنين) ، دون استنسابية طائفية وسياسية ومناطقية؟؟؟
سنوضح لكم في مقالات لاحقة أسباب المشكلة، والأشخاص المسؤولين عنها، وسنعرض خطة الحل لمشكلة الكهرباء في لبنان.
فإلى اللقاء في المقال القادم.