محليات

الإنقسام يغامر بالاستقرار وكارثة مالية وشيكة

2022 تشرين الثاني 26
محليات صحف

#الثائر

في زمن التعقيدات السياسية والعِقَد النفسيّة، يصبح الحديث عن إمكان اختراق داخلي في الجدار الرئاسي خارج الواقع. فعدم التوافق حتّم معركتين مفتوحتين؛ الأولى آنية دائرة في مسلسل متواصل على حلبة جلسات مجلس النواب الفاشلة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والثانية لاحقة، أي معركة الثلث المعطل لنصاب إنعقاد جلسات الانتخاب.

وما بين المعركتين، كما تقول مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية»، لا يبدو انّ الملف الرئاسي سيتحرّك قيد أنملة خارج حقل الألغام الداخلية التي تزنّره. ومردّ ذلك إلى انّ المنطق الداعي إلى التوافق على رغم انّه الوصفة الوحيدة لتجاوز هذه الأزمة، غلبه منطق التعطيل وأحبطته خلفيات ورغبات اطراف، اختارت سبيلاً تصعيدياً، أغلقت فيه كلّ منافذ الانفراج، وقطعت من خلاله كل خطوط الرجعة نهائياً، برِهانها على أمرين كلاهما مستحيل التحقيق:

الأول، أن ينجح تصعيدها في الوصول إلى لحظة حاسمة تغلّب منطقها، بما يمكّنها من حمل الاطراف الداخلية الاخرى على الرضوخ الى منطقها، وجرّها إلى تقديم تنازلات سياسية تسيّلها في الملف الرئاسي، بما يحقق هدفها بإيصال مرشحها إلى رئاسة الجمهورية.

الثاني، انّ ترسم بتصعيدها مساراً مسبقاً لأي تحرّك خارجي، في الاتجاه الذي يحقق هدفها، ما يعني تغليب فئة على فئة.

في رأي المصادر، انّ خطورة هذا المنحى التصعيدي، تكمن في كونه اقرب إلى مقامرة ومغامرة باستقرار البلد، تقفز فوق واقع البلد وخريطة التوازنات فيه، وتحضّر أرضيته لتلقّي صدمات وتداعيات شديدة الخطورة والكلفة، والوضع المتدحرج سياسياً، سيصل إلى لحظة الاصطدام، إن عاجلاً او آجلاً. وأخطر ما فيها إن حصلت، انّ التداعيات والمخاطر لن تكون محصورة في مجال او قطاع دون آخر، بل شاملة كل شيء، حتّى الطائف والنّظام لن يكونا بمنأى عنها.

على أنّ ممهدات هذه التداعيات بدأت تتظهر سريعاً في موازاة هذا المنحى، وخصوصاً على المستويين الإجتماعي والاقتصادي. وفي هذا الجو يقرع خبير مالي جرس الخطر المالي، بقوله لـ»الجمهورية»: «المستغرب هو استسهال السياسيين للفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية والخلل القائم على مستوى المؤسسات، وإعماء أبصارهم عن الكلفة العالية التي يدفعها لبنان. وإذا كانت صرخة المواطن اللبناني تتعالى من وجعه من الضائقة التي يعيشها، والارتفاع الرهيب واليومي في الاسعار، الّا انّ الصرخة الأخطر لا يطول الوقت وتتعالى من الخزينة. فالفراغ في رئاسة الجمهورية مضى عليه ثلاثة اسابيع، فهل يعرف السياسيون انّ هذه الاسابيع الثلاثة دفع فيها لبنان كلفتها نزيفاً حاداً بعشرات ملايين الدولارات؟».

ولفتت المصادر، إلى انّ «كل شيء غير قابل للسيطرة، في حال تدحرج الوضع السياسي إلى ما هو أسوأ من الصدام الحالي، ولكن الأخطر من كل ذلك هو ما يحيط السوق المالي من احتمالات. فإذا أمكن لمصرف لبنان أن يسيطر على سعر صرف للدولار بالحدود التي هو عليها في هذه الايام، تبقى الامور تحت السيطرة من الآن وحتى الربيع المقبل على أبعد تقدير، اما اذا تعذّر، وكل المؤشرات تؤكّد ذلك، فلن يعود في الإمكان الحديث عن سقوف، او تقدير حجم الانهيار. وهو ما اكّدت عليه مستويات مالية دولية في تحذيرات صريحة ومباشرة أُبلغت في الفترة الأخيرة إلى مراجع اقتصادية ومالية».

وإذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد وصف وضع البلد بأنّه «بالويل»، مؤكّداً انّه لا يحتمل اسابيع، ولا بدّ من اختراق جدار الأزمة بتوافق اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية كبند أول في جدول إعادة الدولة الى سكة الانتظام رئاسياً وحكومياً، فإنّ مصادر سياسية مسؤولة تستغرب ما سمّته الهروب من المسؤولية، وتحضير أرضية البلد لأزمة اعظم.

وقالت المصادر المسؤولة لـ»الجمهورية»، انّها تخالف القائلين بإمكان صمود لبنان في وضعه الراهن من الآن وحتى الربيع المقبل، فهذا افتراض فيه شيء من التفاؤل، فالوضع لا يبشر ابداً، وقدرة البلد على الاحتمال والصمود منعدمة، وباتت تقاس بأسابيع قليلة جدّاً.

ورداً على سؤال، اكّدت المصادر: «انّ الحل للأزمة الرئاسية وما حولها من ازمات، هو من عنديات اللبنانيين انفسهم، ولا سبيل له سوى من الداخل، فلننظر إلى خريطة اهتمامات واولويات العالم، كلها محصورة بالحدث الاوكراني وتداعياته. واما وضع لبنان فهو مجرد تفصيل صغير على الهامش، يُطرح من باب إلقاء المسؤولية الاولى والاخيرة على اللبنانيين في التوافق على تخطّي أزمتهم. ومع الأسف لا يوجد اي معطى داخلي يؤكّد هذه المسؤولية، بل حالة من الاستعصاء، تراوح في الفشل في انتاج رئيس، ومراكمة العناصر والاسباب الدافعة إلى السقوط الكارثي».

من هنا، تؤكّد المصادر انّ «التسليم بالإستعصاء الداخلي، معناه تشريع الباب امام العاصفة. وإذا كان الرئيس بري قد اعلن تعليق مبادرته بجمع الاطراف الى طاولة حوار توافقي، الّا انّ أمام الواقع المأزوم، عاكف على تجميع أوراقه للانطلاق بتحرّك جديد يقوم به في المدى القريب، يرتكز على مشاورات ثنائية مع الكتل السياسية والنيابية، وهي محاولة أخيرة لإيقاف مسلسل الفشل الذي يتلاحق في مجلس النواب، وتجنيب لبنان مخاطر حقيقية تتهدّده، ليس فقط على المستوى المالي والاقتصادي والاجتماعي، بل في استقراره وعلى المستوى الوجودي للبنان كوطن ودولة».

على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق، هو انّ المصادر عينها لا تقلّل من صعوبة أي مسعى داخلي لاستيلاد رئيس جديد للجمهورية من حقل التناقضات الداخلية، الّا انّ التحرّك في هذا الاتجاه محكوم بأن يراهن على ضوء في نهاية النفق، وخصوصاً انّ المسعى الجديد سيقوم بشكل أساس على قاعدة الاختيار بين واحد من امرين: بقاء لبنان واستمراره، او تركه ينهار ويسقط ونسقط معه جميعاً. ولم تستبعد المصادر ان يقترن المسعى الداخلي بقوة دفع خارجية جدّية من قبل أصدقاء لبنان وأشقائه.

وتلفت المصادر الى انّ الأساس في أي مسعى داخلي هو محاولة بلوغ نتائج ايجابية سريعة. فعامل الوقت يضغط في هذا الاتجاه، حيث انّ لبنان لم يعد من المناعة التي تمكّنه من الصمود لفترات طويلة، وبالتالي إنّ عدم بلوغ اللبنانيين التوافق على رئيس في المدى القريب المنظور، يُخشى معه ان يرحّل الملف اللبناني إلى مديات زمنية بعيدة ويركن إلى جانب الملفات الاخرى الساخنة في المنطقة، من الملف السوري، إلى الملف النووي، إلى ملف اليمن، إلى ملف العراق، التي باتت مربوطة ببعضها البعض، وربما صارت مربوطة جميعها بالملف الاوكراني، في انتظار ان يصبح الملف اللبناني جزءًا من صفقة دولية تشمل كل تلك الملفات، وهي صفقة غير متوفرة حالياً، وقد لا تتوفّر في أي وقت، فهي بالحدّ الأدنى تتطلب معجزة.

اخترنا لكم
المرتضى: الاساءات الى طائفة الموحدين الدروز مستهجنة تخدم العدو ومرتكبها حسابه عسير
المزيد
"المرحلة الثانية" من الحرب تُلهب لبنان
المزيد
باسيل: لبنان يواجه مشروعا تدميريا لإخضاعه والحل بتطبيق الـ1701 بمرحلتيه
المزيد
بلدٌ يغرقُ.. يغرقُ.. يغرقُ!
المزيد
اخر الاخبار
أبو الحسن: على اسرائيل كما الأطراف اللبنانية الإلتزام بالـ1701
المزيد
المرتضى: الاساءات الى طائفة الموحدين الدروز مستهجنة تخدم العدو ومرتكبها حسابه عسير
المزيد
النفط يقلص خسائره وسط توقعات بشح المعروض في الأمد القريب
المزيد
واشنطن تُطالب بانتشار سريع للجيش في جنوب الليطاني
المزيد
قرّاء الثائر يتصفّحون الآن
5 قتلى وعشرات الجرحى من جنود الاحتلال بحادثة دهس شمالي تل أبيب
المزيد
بلاسخارت ولاثارو: الحلّ التفاوضي السبيل لاستعادة الأمن والاستقرار على جانبي الخط الأزرق
المزيد
جعجع: ما جرى ويجري على صعيد الانتخابات البلدية عملية غش موصوفة
المزيد
اسرائيل تغتال سليم عياش المدان باغتيال الحريري
المزيد
« المزيد
الصحافة الخضراء
سماء الأرض تستعد لاستقبال آخر قمر عملاق لعام 2024 برفقة "الشقيقات السبع"
أستراليا تدرس حظر استخدام وسائل التواصل للأطفال دون 16 عاما
اكتشاف الثقب الأسود "الأكثر شراهة" على الإطلاق
"بقع خضراء" غامضة على سطح المريخ!
كيف يصوت رواد الفضاء في الانتخابات الأميركية؟
السعودية.. اكتشاف قرية من العصر البرونزي في "واحة خيبر"